دمنات : أهم انتظارات الساكنة من رجال السلطة الجدد
نصر الله البوعيشي
لا يمكن إلا ان نقدر الأدوار المهمة التي يؤديها رجال السلطة في السهر على الأمن والنظام العام وإدارة مشاكل السكان وقضاياهم ، كما لا ننكر المجهودات الجبارة التي يقومون بها ، ليل نهار ، من أجل راحة المواطنين وسكينتهم في إطار ما يقرره الدستور والقانون و في إطار الوطنية الصادقة ، وهي أدوار لا تختلف عن أدوار باقي موظفي الدولة . وهذا طبعا ليس تطوعا منهم ولا خدمة مجانية بل يتقاضون مقابل ذلك- رواتب شهرية وتعويضات مصدرها الضرائب والرسوم المؤداة من جيوب المواطنين .
مناسبة هذا الحديث الحركة الانتقالية التي اعلنت عنها وزارة الداخلية في صفوف هيئة رجال السلطة ، و حسب زعمها ، فان الهدف من هذه الحركة هو تكريس معايير الكفاءة والاستحقاق في تولي مناصب المسؤولية بهذه الهيئة و تحقيق فعالية أكبر وترشيد أمثل للموارد البشرية ، وتفعيل المبدأ الدستوري لربط المسؤولية بالمحاسبة، ومن نتائج هذه الحركة بالنسبة لدمنات - وهي التي تعنيينا في هذا المقال - انتقال باشا المدينة الذي قضى بمنصبه 7 سنوات وانتقال قائدي المقاطعتين الأولى والثانية .
في البداية أن أرحب برجال السلطة الجدد ترحيبا خاليا من أي تملق او تزلف او تقرب متمنيا لهم النجاح في مهامهم ومناصبهم الجديدة .
وليسمحوا لي ان اقول لهم وان أذكر المسؤولين مركزيا وجهويا وإقليميا - وهذا لسان حال كثير من الدمناتيين – ان دمنات باعتبارها حاضرة تضرب جذورها في التاريخ تحتاج الى رجال سلطة استثنائيين ، فاذا كان اهتمام الدولة قد غاب عن هذا المنطقة منذ الاستقلال لأسباب بعضها نعلمه وبعضها لا نعلمه ، و أنه باستثناء النشاط الفلاحي المعيشي المحدود وتحويلات عمالنا في الخارج والداخل وانشطة البناء المصدر الأساسي للعيش ،فاننا لانكاد نجد أي انجاز للدولة في هذه المنطقة حيث لا معامل ولا أوراش كبرى بامكانها أن تساهم في امتصاص البطالة مما سبب في هجرة المئات من أبنائها نحو مدن المغرب النافع حيث فرص الشغل والحياة أفضل ، وبقاء الاخرين عرضة للضياع ،وهو الأمر الذي كان سببا في اختلال التوازن بين انسان هذا المنطقة ومجاله الجغرافي والبيئي الواسع .
إن دمنات التي يمكن اعتبارها بكل المقاييس عاصمة للهشاشة والفقر والأمية ومختلف انواع الامراض الاجتماعية ، بحاجة إلى رجال سلطة يملكون مؤهلات في الميدان الاجتماعي ، والسياسي والثقافي وفي مجال التواصل ، وهذا من صميم اختصاصاتهم باعتبار ان وزارة الداخلية التي يمثلونها هي أقوى جهاز في الدولة ؛ وهي الجهاز المدبر للسياسة الأمنية و الوصي أيضا على الجماعات الترابية ومراقبة النشاط السياسي والنقابي و المجتمع المدني في شموليته .
دمنات بهذا الوضع المزري التي هي عليه وبهذا الحجم من ملامح الفقر البارزة المعالم وبهذه الفوضى العامة في كل ارجائها ليست في حاجة لرجل سلطة يعتبر منصبه امتيازا او للتباهي والتفاخر ومناسبة للتسلط والتجبر أو البحث عن الاغتناء السريع ، اظن اننا قد تجاوزنا ذلك العهد البائد – وان كان مع الاسف البعض لا يزال يحن اليه- .
دمنات في حاجة اليوم الى رجل سلطة استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، فهو الى جانب دوره السلطوي الضابط للمشهد العام ، يجب أن يكون موسوعيا وملما بكل أوضاع المنطقة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتنموية ،
حاجيات دمنات كثيرة ومتعددة بعضها بين ايدي المجالس المنتخبة المحلية وبعضها الاخر عند العمالة والولاية ومختلف القطاعات الحكومية وبعضها الاخر في الرباط حيث تسن السياسة العامة للدولة ، فلنبقى اذن فيما هو موكول لرجال السلطة على مستوى دمنات .
على رجال السلطة – وهذه ليست نصيحة –بل من الواجب عليهم الانخراط الفعلي والتشاركي مع المجتمع المدني المحلي ومع المجلس الجماعي لرصد وتقييم حاجيات الساكنة والاستجابة لانتظاراتهم وتطلعاتهم في مختلف المجالات التي تحتاجها الساكنة على وجه السرعة اليوم قبل الغد ، ومن أهمها :
1- توفير الماء الصالح للشرب بشكل دائم و وضع حد للانقطاع المتكرر للماء بدون انذار مسبق وبدون أن يعرف السكان سبب هذه الانقطاعات المتكررة .
2- وضع حد نهائي وجذري لظاهرة احتلال الملك العمومي الذي لا يخلو منه لا شارع و لا زقاق وشوه وجه المدينة وحولها الى ما يشبه مدينة منكوبة .
3- اعادة النظر في موقع العربات التي تم توزيعها في اطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي شرعنت احتلال الملك العمومي ، وسحب العربات الموزعة غير المستغلة التي بقيت مركونة هنا وهناك كدليل على ان العملية لم تكن مدروسة بالشكل الكافي .
4- وضع حد لفوضى السير والجولان بالمدينة والبحث مع الاطراف المعنية لايجاد حل لمعضلة عربات النقل المزدوج التي حولت شوارع المدينة وبعض ساحاتها على قلتها ، ومداخل الاحياء الى محطات وامام المتاجر والمساكن الى كراجات لاصلاح اعطابها ولم تسلم من أذاها حتى ساحة المليار المشهورة مع ما ينتج عن ذلك كله من مخلفات مضرة بالبيئة وبالانسان.
5- وضع حد للانتشار المخيف للدراجات النارية التي تجوب المدينة طولا وعرضا صباح مساء بدون ضوابط ( الخوذات - التأمين - السرعة المفرطة - ضجيج المحركات التي بدون عوادم ....) ان خطر هذه الدراجات بتعاظم يوما بعد يوم والدليل حجم حوادث السير الخطيرة والمميتة احيانا التي تتسبب فيها .
دمنات مدينة أمنة وهادئة وكانت جميلة ولم تعد مع الاسف كذلك فقد خدشت فوضى احتلال الملك العمومي والسيارات المزدوجة وفوضى السير والجولان رونقها و روعت طمأنيتها وهدوءها .
هذه بعض أهم انتظارات ساكنة دمنات من رجال السلطة الجدد ، أملي أن يكونوا في مستوى تطلعات الساكنة و انتظاراتهم .
هذه التطلعات والانتظارات التي لن تتحقق بالقبوع في المكاتب الوظيفية المكيفة لأداء الوظيفة الادارية المحضة ، و التي لن تتحقق أبدا بالاقتصار على الاخبار التي ينقلها بعض المساعدين وعلى وجهات نظر بعض المقربين فحسب ، بل إن تدبير الشأن المحلي مسؤولية لا يمكن النهوض بها الا بالاحتكاك المباشر بقضايا المواطنين و بالملامسة الميدانية للمشاكل في عين المكان لإيجاد الحلول المناسبة والملائمة لها بإشراك المعنيين من منتخبين وسياسيين ومجتمع مدني.