هيبة الدولة تتقهقر : الإجرام و الفقر و البطالة
شجيع محمد ( خنيفرة )
كم يتساءل المرء هل يصبح الفقر مدخلا للجريمة ؟ إنها الظاهرة والتي باتت أكثر انتشارا في المغرب وأخذت مسارا مختلفا يربك المجتمع، فأطلت البطالة بوجهها الكالح وتمددت أثارها لتضم في ثناياها قطاعا واسعا من الشباب ، وأخذت تشكل مع الفقر بجانب الفراغ مثلثا خطيرا ومرعبا في المجتمع و بذلك تنامت جرائم السرقة والاعتداء بالأسلحة النارية و الأسلحة البيضاء في المدن و القرىو والتجمعات السكنية و الطرق و المجمعات التجارية ولم يعد أحد في مأمن
و الملاحظ أن تدهور الأوضاع الاجتماعية نتيجة التحولات الاقتصادية التي يشهدها المغرب مع تضاؤل فرص العمل وغول الغلاء الذي يلتهم الموارد المالية المتوفرة، وفي الوقت نفسه تراجع اهتمام المسؤولين بمحاربة الانفلات الأمني في المجتمع و الذي أنتج الجرائم المتعددة كالسرقة والاعتداء على حياة الأفراد والبلطجة و العنف و ترويع الأمنيين وتعريضهم للقتل و الضرب و الجرح ... لأن التركيز إنصب فقط على مكافحة الجريمة المنظمة والجماعات الارهابية
كلما تأملنا الأمر نجد أن فئة من المجتمع تشهد امراضا نفسية والتي تأتي كإفراز طبيعي لحالات البؤس الناتجة عن ضغوط الحياة اليومية وهناك أمراض انفصام الشخصية التي يعيشها الفرد بين اوضاعه المالية ومعاناته اليومية و مشكلة البطالة حتى عاد أصحاب السيوف و المجرمون غير قادرين على التمييز بين الأشخاص ما يجعل معظم الجرائم، تأتي لعها علاقة بالوضع المعيشي و الحياة التي يعيشها هؤلاء في ظل الفقر والبطالة وسط المجتمع كما ساهم انعدام التوجيه المدرسي و الاخلاقي في تأزيم الوضع كل هذه العوامل تعتبر الوقود الحقيقي لارتكاب الجريمة باعتبارها كارثة مجتمعية بسبب دوافع نفسية يعززها الفقر والبطالة حيث أن الجريمة شاعت بمختلف أشكالها ..قتل وسرقة هي واغتصاب وخطف ..تحرش... الاتجار بالبشر وبنسب كبيرة وانتشار المخدرات في أوساط الشباب بصورة كبيرة بصورة غير مسبوقة وبمؤشرات عليا كما غاب التشخيص وغاب التشريع و التطبيق السليم للقانون و الإفلات من العقاب
يعتبر ضعف تطبيق القانون و تدهور الوضع الامني والافلات من العقاب والفقر والبطالة وغض الطرف عنها و انكباب ( الدولة ) لظاهرة محاربة الارهاب والفساد حيث أن كل المؤشرات تدل ان نسبة الجرائم في المغرب عالية جدا حيث وصل الأمور إلى ما هي عليه وصولا إلى حد تعنيف واعتراض سبيل رجال الدولة ... القياد ... والضباط ....والأمنيين ... والدرك ...و اللائحة طويلة .... وصولا إلى إستعمال السلاح الناري ضدهم وضد جميع فئات المجتمع فهذا شيء مؤسف كما ساهم التفكك الأسري هو الآخر وبرزت القيم التي تمجد للعنف من داخل الأسرة لتنتقل العدوى إلى الشارع مما يساهم بشكل كبير في ارتكاب الجرائم، وتنامي ظاهرة العنف الأسري كما دفعت الظروف المعيشية عددا كبيرا من الشباب إلى الشوارع لامتهان التسول أو البيع في التقاطعات أو مسح الأحذية وامتهان السرقة والإنقطاع عن الدراسة مما يجعلهم ضحايا للانتهاكات والاحتكاك بأرباب السوابق و المجرمين وإستخدامهم كذروع بشرية يتم تسخيرهم من قبل العصابات الإجرامية و عرضة للإغتصاب و الإنحراف
إن ما يشعر به المواطن من توتر نفسي وعصبي بسبب الظروف الإجتماعية و النفسية السيئة و الضغوطات التي يعيشها وتردي الاوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومتطلبات الحياة مما يشكل تهديدا حقيقيا كلها أثرت تأثيرا سلبيا وانعكست بشكل واضح على دفعه و ميلانه نحو العنف الذي اصبح طبيعيا كما يبقى الفقر والبطالة سببا رئيسيا والقضاء عليهما مسؤولية الدولة حيث أكد علماء علم الإجرام أنه لا يوجد انسان بطبعه وفطرته مجرما بل الظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية هي التي تجعله متحولا كذلك .
إن الوضع الأمني و السياسي وصلا إلى حد لا يمكن السماح به وأظهرت التقارير الأمنية أن البلاد شهدت ارتفاعا غير مسبوق في معدلات الجريمة وشيوع حالة الانفلات الأمني رغم البرامج التي تظهر من حين لآخر لتلميع صورة الأمن وتزيين صورة الاقتصادي لكن العكس هو الصحيح فالإقتصاد مشلول والجريمة تسير بخطى سريعة أمام ضعف الأجهزة الأمنية وعدم أدائها للمهام بشكل كامل وعدم توفير الدولة للأسطول الأمني والبيئة و العنصر البشري الكافي مما أوجد الأمور في حالة عدم الاستقرار و هيأ للجريمة بيئة مناسبة و تردي الحالة الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة
حيث أن الظروف الراهنة تتطلب من الجميع استشعار المسؤولية وتكثيف الجهود المشتركة من اجل أمن واستقرار البلاد وعودة السكينة العامة للمواطنين إن لم تستعد مؤسسات الدولة هيبتها، وتعالج الأوضاع بشكل صحيح ، فإن معدلات الجرائم سترتفع وأن البلاد ستعرف جرائم جديدة وحربا من نوع آخر لم تكن تعرفها من قبل