أي ديمقراطية نريد ؟
أسماء كريم
لا احد ينكر أن المغرب من الدول الرائدة في المجال السياسي على الصعيد الإفريقي و العربي , حصلت تغيرات سياسية واجتماعية بالجملة هذا لا شك فيه... نعم نحن نتحرك جميعا و في نفس اللحظة لكن إلى أين ؟ نحو بلد ديمقراطي إسلامي حداثي ..جميل أن ننضوي جميعا تحت لواء واحد ننشد نفس الهدف, لكن قبل أن نرسم أهدافا لا بد أن نسمي الأشياء بمسمياتها و نتفق على تعريف ونوع الديمقراطية التي نريدها و التي كلما زاد وعينا بالمشهد السياسي المغربي زدنا يقينا أن التعريف الذي تلقناه في صفوف الدراسة "حكم الشعب نفسه بنفسه " تعريف باهت ,مبهم و خال من أي معنى إذ لا الوقت يسمح للجميع أن يتبوءوا مراكز القرار و لا لهم جميعا نفس المؤهلات للقيام بمهمة بهذا الحجم , لذا صار لزاما علينا أن نختار نخبة تمثلنا , النخبة هنا تعني ثلة من الحكماء و الأشخاص المؤهلين لتمثيلنا و اتخاذ القرارات عنا , لا هم بالضرورة أصحاب نفوذ و أغنياء و لا طاعنون في السن , هو اختيار يعتمد في كليته على العقل و لا مكان فيه لأي تحيزات , الديمقراطية اليوم هي أن "يحكم الشعب نفسه عن طريق نخبة منه تحرص على مصلحته قبل كل شيء "
نحن في حاجة لديمقراطية نصنعها تكون مغربية الفكر و المنشأ, تتوافق مع قناعاتنا , مع واقعنا المعاش و مع هويتنا المتنوعة و الغنية , لسنا في حاجة لنموذج جاهز مستورد , لا شيء يلزمنا ان نختار نظاما ديمقراطيا بعينه لإتباعه فكما قال تيودور أدو رنو
" ليست الحرية أن تختار بين الأسود والأبيض ، بل أن تبتعد عن الاختيارات المحددة مسبقا",نحن في حاجة إلى ديمقراطية عادلة ,تهتم بالمغرب كوحدة لا تقبل التجزيء , تخلق فيه تكافؤا بين مختلف جهاته لنمشي جميعا في ركب واحد , لأننا سنتطور فقط إذا علمنا أن تخلف جهة ما هو ذلك الثقل العالق بالبقية يؤخرها مهما بلغ تقدمها إذ كيف لنا أن نطلب من شخص أن يفكر في أوضاع الدولة و هو لا يجد ما يسد به رمقه ؟ فأغلب الشعب الكادح بالكاد يكفيه وقته ليأتي بقوت يومه و ينام, أما الأقلية الميسورة فعلى الأرجح تفكر في تحصين و حيازة ثروتها أكثر مما يفكرون في إصلاح أحوال البلد,أزمتنا أن الأغلبية جهلاء و النخبة جبناء ,ربما عدد الأشخاص الطموحين هو من يصنع الفارق, فكلما كثر عدد الشباب المصرين على التقدم و المتطلعين لغد أفضل كلما بدا أثر ذلك على حال البلد .
لا يكفي أن نعتمد رأي الأغلبية لنكون دولة ديمقراطية نحن بحاجة لأغلبية تتخذ قرارات سوية, تصب في مصلحة الجميع و لشعب يتحمل مسؤولية قراراته و يجعل من اختلافاته نقط غنى و قوة,يجب أن نتفق على الأسس أولا، وما اختلفنا فيه من طبيعة تطبيقها نؤجله ليقرر فيه الشعب عن طريق البرلمان المنتخب والمتوازن والمنتخب انتخابا حرا ونزيها، ويمكن أن نتفق على أن يكون هذا الأخير متوازنا بين الجنوب والشمال، وبين النساء والرجال، أي أن يتكون من ثلاثة أثلاث؛ ثلث للجنوب، وثلث للشمال، وثلث للنساء، على أن يكون ثلث النساء مناصفة بين الجنوب والشمال .