من أمر بهدم سور دمنات في أوج درء جائحة كورونا ؟
نصر الله البوعيشي
كنت قد نشرت مقالا حول تاريخ اسوار دمنات كتراث مادي للمدينة وللمنطقة ككل و المعتبرة تراثا وطنيا بقوة القانون واشرت الى مراجع ذلك في الجريدة الرسمية وتساءلت في ذات المقال عن نصيب هذه الاسوار من الترميم المشار اليه صراحة في برمجة تأهيل تراث المدينة الباب والاسوار العتيقة ؟ و عن مصير الاعتمادات المخصصة لترميم سور دمنات والواردة في اتفاقية إطار للشراكة بشأن البرنامج المندمج لتأهيل مدينة دمنات مخطط (2015-2018) بين جماعة دمنات والمجلس الاقليمي لازيلال بمساهمة القطاعات الحكومية والمجلس الجماعي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ،و وزارة الداخلية والجهة وعززت ذلك بارقام من جدول توضيحي نشرته الجماعة أو عضو جماعي حتى أكون دقيقا ، و نشرت بعض فصوله في المقال المذكور وكان الهدف دائما هو الحفاظ على هذا التراث المادي الذي يؤرخ لفترات تاريخية زاهية كانت فيها دمنات عاصمة سياسية ومركزا اقتصاديا وممرا تجاريا مهما .
وكنت انتظر كباقي الدمناتيين الغيورين على هذه البلدة وعلى تراثها التليد ان تقوم الجهات المختصة وفي مقدمتها مؤسسة الجماعة المحلية بالضغط على الجهات المانحة لتنفيذ وعودها لتحقيق البرنامج التاهيلي المصادق عليه واخراج ما تبقى من برنامجه الى حيز الوجود ، هذا اذا لم يتم تحويل تلك الاعتمادات ؟ .
والحقيقة انه في غياب تواصل حقيقي وفعال بين مختلف الجهات المتدخلة وفي مقدمتها الجهة التي تمثل السكان في برنامج تاهيل مدينة دمنات وفي شقها المتعلق بترميم اسوار مدينة دمنات فان اسئلة ملحة تطرح حول مصير تلك الاعتمادات المرصودة لترميم السور خصوصا وان الشق الاول من المشروع المتعلق باعادة بناء باب اعرابن قد أنجز دون ترميم السور رغم ان الامر يتعلق بنفس الصفقة .
ورغم كل ما كتب وكل ما قيل فلم نتطلع على أي رد او تعليق او تعقيب او نفي اوتكذيب لما نشر ولما قيل ويقال حول برنامج التهيئة وحول البرنامج المندمج ، وهذا راجع إما لان المسؤؤولين لايقرأون . وإما لأنهم يقرأون ولا يستوعبون الرسائل ، وإما لأنهم غير غيورين على بلدتهم ولا يهمهم لا تراثها ولا تاريخها ولا حتى انسانها ، وإما انهم يعملون بالمثل المعروف " القافلة تسير والكلاب تنبح ." أو كما قال أحدهم بلغتنا الدمناتية الخاصة " أدجين ايضان هاتنين ارسهيوين" . بمعنى انهم ماضون في تنفيذ برامجهم ولي ما عجبو حال اشرب البحر او اضرب راسو مع " السور " .
الخطير في كل هذا هو اننا في الوقت الذي كنا ننتظر فيه الترميم او على الاقل اجابات واضحة على تساؤلاتنا ، نفاجأ اليوم ببعض العمال وهو يعتلون قمة السور من الجهة المقابلة لزنقة ايت الفاطمي مباشرة امام منزل ايت مولاي علي نشارو في الدرب المعروف بدرب ايت بقاس منهمكين في هدمه بمعاولهم .
نحن نعرف أن الجواب سيكون أنه يشكل خطرا على المارة ، وهل هدم سور تاريخي بني بعرق ودماء أموال الأجداد هو الحل ؟ اليست هناك حلول أخرى وفي مقدمتها طبعا ترميمه واعادة بناء اساساته بدعامات اسمنتية او حجرية كما فعلت مجالس سابقة وبامكانيات البلدية القليلة التي لا تكاد تذكر وبأيدي عمال البلدية المختصين في البناء منهم من لا يزالون على قيد الحياة اطال الله في عمرهم ومنهم الاموات رحمهم الله أمام ما خصص لترميمه من اعتمادات في البرنامج الـتاهيلي المذكور
نحن على يقين ان هدم السور ليس بالامر الهين ، ولكن يكفي فتح شروخ في قمته لتمهد لمياه الامطار لتتسلل من خلالها لانهاء المهمة هذه المهمة القذرة .
من العار ان نهدم في دقيقتين ما بناه الأسلاف في سنوات . سؤال أخير لا بد من طرحه الم تجد الجهات التي امرت بهدم السور غير هذه الايام حيث الجميع مجند لتنفيذ الاجراءات المتخذة من طرف الدولة للحد من انتشار جائحة كورونا ؟ اذا كان السور آيلا فعلا للسقوط - وانا لا اظن- ذلك- فيكفي وضع علامة في الطريق لتنبيه الناس والاسراع بترميمه من الاساسات .
وانا في الحقيقة لا اشك ان الهدف هو فتح ابواب ومداخل من خلال اسوار المدينة تنفيذا لخطط جهنمية لبعض المضاربين لا يهمهم لا تاريخ ولا جغرافية .والامثلة على ما اقول كثيرة .
لا املك الا ان استنكر هذا الاجراء المتسرع وفي نفس الوقت اتساءل عن دور جمعيات " التراث " التي تعج بها دمنات ؟ في التصدي لهذا التعدي الصارخ على التراث المادي للمدينة التاريخية دمنات .

الصورة ولو انها غير واضحة ولكنها تبين عاملين فوق السور منهمكين في هدمه .