بـلاغ المنظمة الديمقراطية للشغل حول مستجدات الساحة الوطنية والدولية في ضوء جائحة كورونا فيروس وتداعياتها
لمنظمة الديمقراطية للشغل
المكتب التنفيذي
بلاغ للرأي العام
انعقد يوم الثلاثاء 2 يونيو 2020 اجتماع افتراضي لأعضاء وعضوات المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل، في دورة عادية تحمل اسم "المرحوم المجاهد عبد الرحمان اليوسفي" خصص لمدارسة مستجدات الساحة الوطنية والدولية في ضوء جائحة كورونا فيروس وتداعياتها، علاقة بمخرجات اللقاء الافتراضي لرئيس الحكومة مع بعض المركزيات النقابية، وذلك في أفق رفع حالة الطوارئ والحجر الصحي. حيث تناول المكتب التنفيذي بالدرس والتحليل الحصيلة الحكومية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في هذه الفترة الحرجة التي تمر منها بلادنا والتي تترجم أزمة اقتصادية، واجتماعية غير مسبوقة، بسبب ما تراكم من اختلالات عميقة في كل المجالات الحيوية، وفي مقدمتها ارتفاع منسوب الضعف الحكومي وسياسات الترقيع والفساد، فضلا عن ارتفاع فوائد المديونية الثقيلة وتزايد سلبية المؤشرات الاقتصادية الكلاسكية المتمثلة في ثلاثية العجز والنمو والتضخم مقابل ارتفاع معدلات البطالة والفقر والهشاشة بشكل يهدد الاستقرار الاجتماعي، خاصة في ظل الكساد التجاري وضعف الاستثمار العمومي، مما أدى إلى إعدام عدد كبير من المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة وتسريح عمالها، وتكريس الهشاشة في الشغل، والشغل غير اللائق والمؤقت، وتنامي ظاهرة "الاقتصاد غير المهيكل" و"اقتصاد الفراشة" و"اقتصاد الكروسة"، وضعف الحماية الاجتماعية؛
وبخصوص المنظومة التعليمية، سجل المكتب التنفيذي بقلق شديد، المحنة التي تمر منها المدرسة العمومية والتعليم العمومي بشكل عام، جراء المخططات الممنهجة التي تستهدف في العمق القضاء على مكاسب هذا القطاع الحيوي، بضرب المجانية وتحويل المدرسة العمومية إلى حق تجارب لنظريات وتصورات مستوردة لا تأخذ بعين الاعتبار حاجيات ومطامح المجتمع المغربي، في الوقت الذي يتم فيه تحفيز التعليم الخاص وتشجيعه، والانبطاح لجشع لوبياته، والتغاضي عن تجاوزاته؛.
وفي نفس السياق يعيش قطاع الصحة في حالة موت سريري جراء ضعف ميزانيته وسوء تدبيرها، وغياب الحكامة وضعف جودة الخدمات الصحية وانتشار الفساد في تدبير الصفقات العمومية، علاوة على النقص المهول في الأطر الطبية والتمريضية والتقنية الصحية وتدهور الأوضاع المادية والمهنية والاجتماعية لهذه الفئة؛
إن الضرر الاقتصادي والاجتماعي الذي خلفته جائحة كورونا فيروس والذي من المرجح أن يعرف تزايدا وارتفاعا في المستقبل، كاد أن يعصف بالاستقرار الاجتماعي بالمغرب، لولا الإجراءات الاستباقية والاحترازية الوقائية على مختلف المستويات التي اتخذتها الدولة بتعليمات من جلالة الملك ، والتي بدونها لصار الوضع أصعب مما نحن عليه اليوم، بسبب تراكمات اقتصادية ومالية واجتماعية سلبية جدا، خاصة بالنظر للوضع المتهرئ لقطاع الصحة الذي يجعله غير قادر على مواجهة متطلبات وآثار الجائحة سواء في ما يتعلق بالكشف المبكر أو الوقاية والعلاج؛.
لكل الاعتبارات السالفة الذكر، فان المنظمة الديمقراطية للشغل، انطلاقا من واجبها كمنظمة نقابية مدافعة عن المصالح العليا للوطن ومعبرة عن هموم وآمال العمال والمستضعفين، تدعو الحكومة إلى:
وضع خطة استعجالية لتحفيز الاقتصاد الوطني، وتخصيص الاعتمادات المالية الضرورية في إطار مشروع قانون مالي تعديلي لمواجهة التداعيات الكارثية التي تسببت فيها جائحة كوفيد -19، والتعجيل بعرضه على البرلمان؛
الحرص على أن تتضمن الخطة الاستعجالية سلة من التدابير تشمل بالضرورة:
- تخفيض الضريبة على القيمة المضافة في حدود 10 في المائة وإلغائها بالنسبة لعدد من المجالات الحيوية كالأدوية والمستلزمات والتجهيزات الطبية؛
- الإلغاء الكلي لجميع النفقات التي كانت مبرمجة والتي لا تعتبر كأولوية؛
- إعادة النظر في ميزانية بعض المؤسسات العمومية المثقلة بالديون؛
- إلغاء شراء السيارات والتجهيزات المكلفة من الخارج وكراء المقرات؛
- تحويل نفقات عدد من الصناديق الخصوصية (75 صندوق خصوصي) إلى صندوق للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي تحت إشراف وزارة المالية على أساس مشاريع محددة تستهدف دعم الاقتصاد والمقاولة الوطنية واستقرار الشغل، تتحمل الدولة بموجبه نفقات دعم الأسر الفقيرة والمعوزة ومجانية العلاج ودعم القطاعات الاجتماعية ؛
- تحويل موارد صندوق تدبير الجائحة إلى صندوق خاص لإنعاش الاقتصاد ومعالجة الوضع الاجتماعي المترتب عن تداعيات الجائحة والتخفيف من آثارها المدمرة؛
- إلغاء خوصصة القطاعات الإستراتيجية؛
- توقيف العمل باتفاقيات التبادل الحر وتجميدها إلى حين؛
- التفكير في التعويض عن العطالة لحاملي الشهادات الجامعية والتقنية إلى حين توظيفهم؛
- دعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، وتخصيص إعانات للقطاعات المتضررة كقطاع النقل والمطاعم والمقاهي عبر القيام بمراجعة ضريبية؛
- تشجيع المواطنين المغاربة في الخارج للاستثمار في وطنهم مع تسهيلات عقارية وضريبية، ورفع الحواجز البيروقراطية والسمسرة وتخفيض أسعار السفر عبر الخطوط الملكية المغربية وأسعار الإقامة بالفنادق لتشجيع السياحة للمغاربة المقيمين بالخارج لقضاء العطلة في وطنهم لتخفيف أزمة قطاع السياحة؛
- مراجعة قانون حرية الأسعار وخفض سعر الفائدة في الأبناك وشركات السلف إلى أقل من 3 في المائة، وإنشاء آليات قروض طويلة الأجل بتأمين من الدولة ومؤسسات التامين لتشجيع الاستهلاك والمقاولات وإعادة النظر في أسعار العقار والسكن بتحديد تكلفته الحقيقية؛
- إعادة النظر في الهيكلة الإدارية وتخفيض نفقات عدد من الوزارات والمؤسسات العمومية وفرض اللامركزية الإدارية في جميع الوزارات وربطها بالجهات الترابية؛
- دعم الجهات الترابية لتتحمل مسؤولياتها كاملة غير منقوصة في المجالات الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن ودعم اجتماعي، وإنعاش الاقتصاد المحلي وخلق مناصب الشغل على مستوى الجهات والأقاليم التابعة لها في إطار اللامركزية الإدارية لسد الخصاص؛
- إرساء سياسة وبائية وطنية باعتماد الوقاية والعلاجات الأولية وفرض مزيد من إجراءات المراقبة للحصول على إنذار مبكر بالأوبئة في المستقبل، بالنظر لأهمية نشر البيانات الحقيقية ذات المصداقية لتحقيق أمن وسلامة المجتمع؛
- عودة الدولة لتحمل مسؤولياتها في السياسات العمومية من تعليم وصحة عموميتين، والقطع مع الخوصصة والتفويت وإعادة تأميم عدد من المؤسسات الاستراتيجية كشركة سامير والاتصالات والقطاعات المنتجة؛
- الإسراع بوضع أجندة لمراجعة القوانين الانتخابية المتقادمة للغرف المهنية ومناديب العمال والجماعات الترابية والتقطيع الانتخابي الجهوي لتكريس الشفافية والديمقراطية؛
- بناء سياسة صناعية حقيقية، واعتماد الرقمنة وتشجيع وتمويل البحث العلمي الوطني في كل المجالات، والقيام بثورة زراعية حقيقية تضمن الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي واستهلاك ما هو محلي بدل الاستمرار في التبعية المطلقة حتى في غذائنا، وتوقيف استيراد المواد المصنعة محليا، وقطع الطريق على السماسرة والمتاجرين بعيش الفلاحين الصغار والفقراء في البادية المغربية من خلال تجميع الأراضي الصغيرة في تعاونيات فلاحيه مدعمة، وتوزيع الأراضي على المشاريع الفلاحية لفائدة الشباب المعطل والنساء السلاليات ودعمهن وحماية حقوقهن الانسانية؛
- محاربة الاحتكار والفساد والنهب والتهريب، وتهريب العملة، وهدر الموارد، مع ضرورة تكريس ثقافة الحكامة والمسؤولية ، وجعل الصفقات العمومية أكثر خضوعًا لإجراءات الشفافية والمساءلة، وقطع الطريق على تجار الأزمة؛
- إعادة النظر في سياسات الاقتصاد الكلي السابقة التي ركزت على متغيرات النمو، والتضخم، والبطالة، والديون، والتركيز على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والرفاهية العامة باعتماد اقتصاد تضامني وإعادة توزيع الدخل والثروات بإحداث ضريبة على الثروة تخصص لدعم الفقراء والتعويض عن العطالة، وتحقيق الحماية الاجتماعية الشاملة عبر شباك الأمان الاجتماعي والسميك الاجتماعي.
أما على المستوى الاجتماعي وحماية حقوق الطبقة العاملة فإننا في المنظمة الديمقراطية للشغل نجدد التأكيد على ما يلي :
- إلغاء الاقتطاع الذي زكته بعض المركزيات النقابية، والذي مس أجور الموظفين لفائدة صندوق تدبير كوفيد -19 باعتبار المساهمة في هذا الصندوق أمر تضامني، غير ملزم وتطوعي؛
- الإسراع بإعلان المباريات الخاصة بمناصب الشغل المحدثة في ميزانية 2020، وتسوية ملفات الترقية الداخلية لجميع الموظفين والموظفات، وبرمجة ترقية استثنائية للملفات العالقة؛
- وضع قانون للحوار الاجتماعي، وخلق المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي والتشغيل، لدراسة كل الملفات العالقة للأنظمة الأساسية، ونظام التعويضات والترقي المهني لجميع أسلاك ومهن الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية؛
- الرفض المطلق لمشروع الباطرونا الجديد القاضي بمراجعة مدونة الشغل لتمرير أسلوب المرونة وتنزيل قانون ممارسة حق الإضراب لحرمان العمال من هذا الحق الدستوري والإنساني، باعتماد نظام البطالة الجزئية ((chômage partiel بشروط اقل ما يقال عنها أنها استغلالية للعمال وابتزازية للدولة؛
- مراجعة التشريعات المرتبطة بالحماية الاجتماعية و منها : الظهير الشريف رقم 31ماي 1943 وتحديد قائمة جديدة للأمراض المهنية وظهير رقم 15.02.1972 للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإلزامية الحماية الاجتماعية للأجير، وقانون حوادث الشغل والأمراض المهنية من اجل إدراج مرض كورونا فيروس ضمن لائحة الأمراض المهنية والتعويض عنها؛
ومن جهة أخرى، وأخذا منه بعين الاعتبار المستجدات المرتبطة بجائحة كورونا وما تستوجبه من مراجعات وأولويات، فقد قرر المكتب التنفيذي العمل على توجيه مذكرة بمقترحات المنظمة الديمقراطية للشغل إلى الجهات المسؤولية والى اللجنة الملكية المكلفة بإعداد مشروع النموذج التنموي الجديد؛
إن المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل، ايمانا منه بدقة المرحلة التي تجتازها بلادنا، ليدعو كافة القوى الحية للبلاد من أحزاب ونقابات وجمعيات المجتمع المدني والمنظمات المهنية والشبابية والنسائية والحقوقية إلى خلق جبهة اجتماعية نقابية وسياسية وحقوقية لمواجهة السياسات اللاشعبية التفقيرية والتدميرية لكل ما هو اجتماعي وإنساني بالمغرب في ظل الحكومة الحالية؛
وعلى صعيد آخر، تنبه المنظمة الديمقراطية للشغل، من أجل حماية صحة وأرواح المواطنين والمواطنات، إلى ضرورة الخروج التدريجي من الحجر الصحي، والحفاظ على أقصى درجات الحذر والإبقاء على التباعد بين الأشخاص، وتجنب التجمعات الكبيرة، والمداومة على غسل اليدين واستخدام الكمامات والتزام الشركات والوحدات الصناعية بالتعليمات الملكية بخصوص الاحتياطات الخاصة بالصحة والسلامة المهنية، والكشف المبكر الجماعي تفاديا لظهور أي بؤر وبائية قد تهدد صحة العمال وانتشار فيروس كورونا؛ كما تحيي مجددا كل العاملين الدين كانوا في الصفوف الأمامية من رجال ونساء الصحة مدنيين وعسكريين ، و عمال وعاملات النظافة وحماية البيئة ، وعملت وعاملات الإنعاش الوطني والأمن والدرك والقوات المساعدة والسلطات المحلية والوقاية المدنية وأسرة التعليم والصحافة والإعلام،..وتدعو إلى الإسراع بصرف التعويضات التحفيزية؛لهذه الفئات المهنية
وفي الختام يدين المكتب التنفيذي وبشدة العمل الإجرامي الجبان المتمثل في تدنيس النصب التذكاري للمجاهد عبد الرحمان اليوسفي الذي أطلقه جلالة الملك، تكريما لرمز من رموز الوطنية الصادقة وحقوق الإنسان والديمقراطية والفكر الاشتراكي الإنساني، ومؤسس للعمل النقابي الوطني منذ سنة 1944، ومدافع عن حقوق الطبقة العاملة داخل الوطن وفي المهجر كما يدعو إلى الكشف عن المجرمين ومتابعتهم
المكتب التنفيذي
علي لطفي