الصحفي بين الحقيقة والنيران "من العراق الى غزة"
أحمد ونناش
الصحفيون يواكبون الأحداث تحت النيران ،يعرضون أنفسهم للمخاطر ،همهم الوحيد هو نقل الوقائع واالصورة بدقة للمشاهد ،رغم قلة الإمكانيات المتوفرة لديهم ،يواجهون فيها ضغوطات ،التعب وظروف المهنة وما تتطلبه من مسؤولية خدمة للإنسانية .
لا أريد مدح هؤلاء الجنود ،الذين لا سلاح لهم إلا قلمهم وعدستهم ،لنشر الحقيقة ،بقدر ما أريد الرجوع إلى ثمنهم في الحياة ، قعدت على التو ورجعت بي الذاكرة إلى تاريخ اجتياح القوات الأمريكية للعراق ،وبالضبط بغداد ،لأنها بداية تغشي ظاهرة استشهاد الصحفيين ،لأتذكر شهيد قدم روحه من أجل نقل الأخبار ،إنه مراسل الجزيرة "" طارق أيوب " الذي أصر على الالتحاق بالميدان رغم معارضة مدير الجزيرة في عمان آنذاك ،و ثنيه عدم السفر إلى بغداد .
طارق أيوب فلسطيني الأصل ،أردني الجنسية ،يوثر على نفسه ولو كانت به خصاصة ،في جميع الميادين ،معروف بصراحته وجرأته في التعامل مع الأحداث ، وكلنا نتذكر الجملة الأخيرة التي قالها ، وهو فوق الذبابة الأمريكية التي احترقت على مشارف بغداد حين قال: "
هذه الذبابة شاهدة على أن القوات الأمريكية كانت هنا ...بعدما تكبدت خسائر ،وتراجعت إلى الوراء " ربما هذه الجملة لم تعجب القوات الأمريكية حينها ،مما جعلها تتربص خطواته ،ونحن نتذكرأيضا تلك الليلة التي قضاها في خندقه بشارع في بغداد ، يواكب قصفها د ،لكن بعد الالتحاق مباشرة بمكتب الجزيرة تم قصفه و إصابته بصاروخ استشهد على الفور ،كان ذلك قبل يومين من دخول القوات الأمريكية ساحة بغداد ،وإزالة تمثال صدام حسين.
اللائحة طويلة للصحفيين الذين يجودون بأقلامهم وأرواحهم من أجل إيصال الحقيقة ،كما لم تسلم قناة العربية كذلك ،من تقديم شهدائها منهم لا الحصر "مازن الطميزي ؟الذي استشهد بقصف من الطائرة الأمريكية للمجموعة المسلحة التي هاجمت دورية أمريكية ، شانه في ذلك مراسل قناة العالم وباقي الوكالات الأخرى...
نعرج على ليبيا التي استشهد فيها مصور الجزيرة حسن الجابر ،في كمين نصب له عند أبواب بنغازي ، مرورا بسوريا ومصر لنحط الرحال في غزة الآن ،التي قدمت شهداء ،وهم ينقلون الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ،أمثال حامد شهاب وعزت ضهير وخالد حامد وآخرون ......
إذن الصحفيون تحت النيران ،قمتى تحترم مهنة الصحافة؟ باعتبارها السلطة الرابعة التي تشارك في تنمية الشعوب .
..