قلم : عبد الرحمن مستظرف

زرت مدينه دمنات مؤخرا . و انتابني فرح عارم، و أنا أرى التطور العمراني الذي عرفته المدينة . فمظاهر العصرنة في كل مكان. على مستوى البنايات الإدارية و المتاجر الحديثة، و على مستوى البنية التحتية بصفة عامة. وقد تفاجأت بأن جميع
أزقة المدينة مبلطة. على عكس ما كانت عليه قبل سنوات. بحيث يصعب المرور منها وقت نزول الأمطار. إلا أن زحمة المرور، قد أصبحت لا تطاق نظرا لضيق مساحة المدينة. التي أصبحت غير قادرة على استيعاب الأعداد الكثيرة من الدراجات النارية، والسيارات الخصوصية. إضافة إلى وجود وسائل النقل الكثيرة، بمختلف الأشكال والأحجام. والتي لم يعد يتحملها شارع دمنات الرئيس. مما يتطلب تدخلا عاجلا من طرف مجلس مدينة دمنات، والسلطات المختصة. وذلك لتوسيع نطاق دمنات العمراني ليشمل الضواحي المجاورة. حفاظا على المدينة العتيقة لدمنات من الاندثار باعتبارها ذاكرة تاريخية. أسوة ببعض المدن المغربية القديمة. وقد أمكنني أن أسجل بعض الملحوظات، والانطباعات الشخصية حول بعض المظاهر التي لم تعجبني. وقد أوجزتها على الشكل التالي:

1 استغلال الملك العمومي.

يلاحظ بمدينة دمنات استغلال الملك العمومي. و ذلك باستباحة رصيف الراجلين. والمساحات الخاصة لبعض الإدارات. من طرف الخواص، . مما يعرقل مرور الراجلين ويهدد سلامتهم. ويؤثر كذلك على خصوصية زبناء البنوك الذين يرغبون في استعمال أجهزة الصراف الآلي خاصة منهم النساء علاوة على أن هذا الاستغلال للملك العام يشوه الجمالية البصرية للمدينة. يحدث هذا رغم أن السلطات العمومية تشن حملات مكثفة لتحرير الملك العام لكنه سرعان ما تعود حليمة إلى عادتها القديمة.

2 الصيد العشوائي للوحيش وشيخوخة أشجار الغابة.

حسب ما تتناقله الألسن فما أن يحل الظلام حتى تتحرك مجموعات بشرية من هواة الصيد الجائر رفقة مصابيح وكلاب للبحث عن طيور الحجل والحمام البري والأرنب على طول السنة دون احترام فترة التوالد الطبيعي مما يستوجب القيام بمراقبة النطاق الغابوي وزجر المعتدين على حيوانات الغاب وتقديم نصائح وتوعية لهم. إضافة لهذا المشكل توجد معضلة أخرى تحتاج إلى تدخل عاجل من طرف المصالح ذات الصلة ألا وهي شيخوخة أشجار ( ( تايدة ) ) والصنوبر الحلبي. التي تموت واقفة لمدة زمنية قبل أن تتهاوى بالمئات.
.
3 شركات الاتصالات وضعف صبيب الإنترنت.

تتكرر مشاكل صبيب الإنترنت وانعدام الشبكة أحيانا مما يستوجب من هذه الشركات الاهتمام بزبائنها وتجويد خدماتها خاصة وأن الزبناء يدفعون المقابل المالي نظير هذه الخدمة. ونلفت النظر إلى الموظف الجديد بمكتب اتصالات المغرب الذي يعمل ببطئ شديد أن يقلل من الثرثرة و طرح الأسئلة الخصوصية على الزبناء.

4 انتشار أوكار الحجامة و  (الترويض الطبي ) بشكل ملفت.

لاحظت وأنا أتجول بين أحياء مدينة دمنات وجود أوكار لممارسة عمل الحجامة والترويض العلاجي محشورة وسط الأحياء السكنية بشكل عشوائي. وهذا ما يطرح أكثر من سؤال. من رخص لأصحاب هذه الأوكار عملهم هذا؟ علما أنه ما من رخصة أعطيت في هذا المجال حسب بعض المهتمين بالمدينة. أناس متطفلون على ميدان يحتاج ممارسه إلى دراسة وتخصص. أغلبهم تحصلوا على شهادات مشبوهة تباع من طرف  (مراكز صحية ) ذات صبغة تجارية. مع وجود استثناءات قليلة لبعض مراكز الترويض الطبي التي تلقى أصحابهما تكوينا علميا في المجال. ومع أن الحجامة والترويض الطبي تخصص يدخل تحت وصاية وزارة الصحة فإن بعض هؤلاء الدخلاء من ينتحل صفة طبيب أمام زبناءه من القرويين البسطاء الذين ينادون على هؤلاء المشعوذين ب سيدي الطبيب . ناهيك عن خطورة انتشار أمراض مثل مرض التهاب الكبد الفيروسي. مع فرضية واحتمال ان يتم استعمال وإعادة استعمال وسائل الحجامة لأكثر من شخص. والتلوث الدموي لغياب التعقيم الطبي الصحيح. تجدر الإشارة أن هذه الأوكار تلقى رواجا منقطع النظير ويجني أصحابها عشرات الآلاف من الدراهم شهريا من دون حسيب ولا رقيب. ناهيك عن وجود أوكار الدجل والشعوذة التي تتخفي وراء مسمى الرقية الشرعية . وهذا مستنقع آخر يحتاج إلى أكثر من تنبيه.

5 إگنان الحي المظلوم بدمنات.

لأول مرة أزور حي إگنان الذي يقع في ضاحية دمنات ويعد من بين الأحياء التي عرفت نموا كبيرا في السنوات الأخيرة وأستطيع أن أصفه بالحي المظلوم وأسجل براءة هذه الصفة. نظرا لافتقاره إلى البنية التحتية ومجاورته لمطروح نفايات كبير يوزع سمومه على ساكنة الحي على طول السنة بالروائح الكريهة والأذخنة الكثيفة وجحافل الحشرات والقوارض. ومع أن هذا الحي يعج بطاقات شبابية كبيرة إلا أنه لا توجد به مرافق للتكوين ولا للترفيه. ومسألة النهوض بهذا الحي المظلوم تحتاج إلى إرادة حقيقية من طرف المجلس البلدي والجهات ذات الاختصاص. فليس من المعجزات أن يتم تهيئ هذا الحي والارتقاء به ولو لدرجات قليلة في سلم التمدن.

4 البحث عن صومعة رأسها ذهب.

كان هذا تحدي وامتحان وضعني أمامه أحد الظرفاء فصرت أقلب رأسي يمنة ويسرة داخل المدينة بحثا عن هذه الصومعة التي رأسها ذهب. وأتخيل بريق معدن الذهب الذي يمكن أن تنتفع به دمنات. وكيف يمكن للمدينة الظفر برأس هذه الصومعة قبل أن تمتد إليه الذراع الطويلة لوزارة الأوقاف. ولم يستغرق مني الأمر وقتا طويلا حتى صحت في وجه ممتحني وجدتها وجدتها فابتسم قائلا أين وجدتها؟ فأشرت له بيدي إلى صومعة مسجد حي أية أگنون التي تقف شاخصة بلا رأس. بعد أن ذهب الزلزال المأساوي برأسها وتركها تناجي الله مع كل إقامة صلاة أن يجود عليها برأس من ذهب.

يتبع