منطقة أزيلال تعيش بين سندان الكوارث الطبيعية وغياب السياسات العمومية
بقلم: محمد بونوار
عرفت دواوير أزيلال فيضانات مهولة ، ألحقت خسائر كبيرة ببعض المواطنين حيث فقدوا منازلهم وآثاثهم ومواشيهم ودواجنهم ، وأمتعتهم ومنهم من أصبح بدون مأوى ، ومنهم من لازال يحتاج الى المساعدة الاجتماعية والنفسية جراء ما خلفته المياه التي داهمتهم في عقر ديارهم بدون سابق اعلام .
عادة وفي مثل هذه الحالات يتوصل المتضررون بمساعدات اجتماعية ومواد طبية وغذائية ومؤازرة نفسانية لتجاوز الصدمة التي ألمت بكثير من المواطنين في دواويير متعددة ، لكن الى غاية كتابة هذا المقال لم يجرى شيئ يذكر.
قبل مجيء هذه الفياضانات كان الجفاف قد ضرب المنطقة ، وفي غياب القدرة الشرائية اضطر الكثير من الفلاحين الى بيع بهائهم بأبخص الاثمان ، مع العلم ان تربية الماشية والماعز وزراعة الزيتون يبقى هو الرأس المال الحقيقي الذي تعول عليه غالبية الساكنة لتحقيق العيش الكريم في غياب فرص العمل بالمنطقة ، وهنا وجب التذكير أن منطقة أزيلال تعتبر من أفقر المناطق في الناتج المحلي مقارنة مع باقي مناطق المملكة المغربية.
لا طير يطير ولا حيوان يسير ، تعبير مجازي يترجم درجة اليأس التي وصلت اليها الساكنة جراء الجفاف الذي أنهك الناس في ممتلكاتهم وفي كل ما يملكون ، وهنا وجبت الاشارة أن المتضررين لم يتلقوا اي مساعدة بخصوص الجفاف الذي توالى على مدى 7 سنوات متتابعة.
في نهاية الاسبوع الفارط عرفت منطقة أزيلال نزول أمطار فاقت التوقعات وفاقت الحمولات المعهودة في وقت وجيز ، دمرت طرقات وقناطر، ودمرت أيضا شبكات الصرف الصحي والتي أصلا كانت ضعيفة وغير مهيكلة بشكل تقني رفيع ، وغير مطابقة للمعايير الحضرية الصحيحة . هذا الامر كان سببا في دخول المياه الى كثير من المنازل وهو ما خلف ذعرا كبيرا بين الساكنة ، خاصة في غياب تدخل المصالح المعنية كرجال المطافئ ومكافحة الفياضانات والكوارث الطبيعية.
كانت هذه مقدمة آنية لما تعيشه المنطقة في ظل الفياضانات الاخيرة في منظقة أزيلال ، والتي تعتبر من أفقر المناطق في المغرب ، والتي تعرف هشاشة قل نظيرها في جميع مناطق المغرب ، بنيات تحتية هشة ، طرقات مهترئة تعود الى العصر الحجري غالبيتها لا تتوفر على حواجز الامن والسلامة ، وكثير منها غير معبدة ، يستحيل أن تمر منها السيارات كيفما كانت . ناهيك عن المسافات التي يقطعها بعض التلاميذ للوصول الى المدارس على أرجلهم عبر طرق غير مصنفة أصلا، ناهيك عن مادة الماء الصالح للشرب والتي تصبح عملة نادرة يصعب الوصول اليها في كثير من الدواوير خاصة في فصل الصيف.
زد على ذالك الاسواق الاسبوعية والتي لا تتوفر على أبسط شروط النظافة مع غياب المرافق الصحية وغياب مستودعات البهائم ووسائل النقل.
العجيب في هذا كله أن المنطقة تعرف برودا ثقافيا وسياسيا واجتماعيا لامثيل له ، أولا المجتمع المدني بمنطقة ازيلال يتوارى الى الوراء في مثل هذه الكوارث الطبيعية، والذي من المفترض أن ينصب نفسه مدافعا عن الساكنة ونائبا عنها أمام الجهات المسؤولة ، أما المنتخبين فغالبيتهم له يد في جرائم المال العام .
وما يزيد الامر تعقيدا هو الجسم الصحافي والذي يغيب عن متابعة الاحداث التي تهم الساكنة وذالك من باب المحابات وتجنب الاحتكاك مع رؤساء الجماعات والجهات المسؤولة ، وربما ايضا لضعف الالمام بالسياسات العمومية خاصة في المناطق الجبلية والتي تحتاج الى مقاربات تنموية تتماشى وخصوصيات الساكنة في الجانب الثقافي والاجتماعي والسوسيو اقتصادي.
1 – مؤشر الجاذبية الاستثمارية
يبقى جد متواضع مقارنة مع باقي جهات المملكة ، وذالك بسبب السياسيات العمومية التي تنهجها الحكومة والتي لا تعتمد في كل برامجها على سياسة واضحة بخصوص تجهيز الطرقات وفك العزلة عن جميع الدواوير، مع العلم أن منطقة أزيلال تتكون من دواوير وجماعات قروية متفرقة وليس من مدن حضرية . أما الحديث عن خلق مناصب الشغل فهو لن يتحقق الا بعد تحقيق تجهيز الطرقات.
2 – مؤشر الاستقرار البشري
كما سبق ذكره ضعف الناتج المحلي يجعل الفقر والجهل مستشر بين الساكنة وهو ما يجعل الفعاليات الجمعوية محتشمة الى درجة التزام الصمت ، لتفادي المسائلة من طرف الساكنة . وهو ما يفسح المجال للمنتخبين لنشر ثقافة التطبيع مع الفساد في التسيير والتدبير بدون غضاضة ، وبدون خوف من الردع ، وقد أثبتث الوقائع والاحداث صدق ما نقول في هذا المظمار.
قد يتساءل البعض عن تشبث الساكنة بأرضهم رغم الهشاشة والفقر وصعوبة الوصول الى الخدمات الاساسية بما فيها التعليم والصحة والماء والكهرباء والتطهيرالصحي وقلة الشغل و…
الذاكرة الجماعية ، نعم الذاكرة الجماعية هي مجموع ما يكتسبه الانسان منذ الولادة الى سن الرشد ، وهذا هو السر، وفي نفس الوقت يبقى هو العامل الاول الذي يقوي الارتباط بين الانسان و أرضه لانه جزء من كينونته.
هي مجموع الخدمات التي تقدمها السياسات العمومية على الصعيد الجهوي ، انطلاقا من اٍكراهات تفرضها جغرافية التضاريس ، وانطلاقا من برامج السياسات العمومية المسطرة من طرف الفعاليات السياسية المتخصصة ، والتي تراعي بدورها طلبات المنتخبين والتي يتم تقديمها من طرف الموارد البشرية.
وهنا وجب التذكير أن الموارد البشرية الحالية لا ترقى الى هذا المستوى من التخطيط لتقديم برامج التنمية القروية ، الى المسؤلين على السياسات العمومية. والتي بدورها تبقى جد متواضعة مع ما تم تحقيقة.
4 – الصورة النمطية
كما سبق ذكره هناك غياب سياسات عمومية لتحقيق التنمية الصحيحة والهادفة الى فك العزلة وتحقيق الوصول الى الخدمات بجميع اصنافها بتراب المنطقة.
لكن بالمقابل تكتفي السياسات العمومية في نشر صور نمطية عبر الاعلام الرسمي كالتبوريدة وأحيدوس وشلالات أزود ، وسد بين الويدان ، والجلابة البزيوية ، وجيوبارك حيث وجد أول هيكل لحيوان – الدايناصور – دون الحديث عن المواطن نفسه والذي هو اللبنة الاولى للتنمبة المستدامة.
أملنا كبير ، من خلال هذا المقال لكي تتم اٍعادة النظر في السياسات العمومية تجاه المنطقة بمنظور جديد، شامل وكامل ، لتحقيق العدالة المجالية ولو نسبيا لهذه الساكنة التي فضلت الارتباط بأرضها عوض الهجرة سعيا للحفاظ على هويتها وثقافتها وتاريخها وخصوصياتها.
ولتخليق الحياة العامة في المغرب على وزارة الداخلية أن تمنع كل من له سوابق في الفساد المالي والاداري واختلاس المال العام ، للترشح في الانتخابات المقبلة، وأن تعاقب الاحزاب التي تمنح التزكية لكل من له يد ملطخة بجرائم المال العام، كما يتوجب على وزارة الداخلية أن تمنع كل مرشح استوفى ولايتين متتابعتين، قصد منح الفرصة للشباب وذالك لضخ دماء جديدة وأفكار جديدة، لتحقيق التنمية المستدامة.