في فاتح يوليوز 1985، أصدر الوزير القوي في عهد الحسن الثاني، وزير الداخلية إدريس البصري، مذكرة رسمية تحت رقم 123، يقرر فيها، دون علم الملك الحسن الثاني طبعا، أنه يلغي، ويأمر أعوان إدارة الحالة المدنية، بإلغاء تسمية سيدي، ومولاي، ولالة، بدون إذن الملك طبعا، لأنه على غير عادته، لم يكتب في رأس هذه المذكرة تعبير: بأمر من جلالة الملك، أو تعبير: تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، فقد كان البصري في ذلك الزمن، أخذ يتقوى، وأصبح يدسر(…) على شرفاء دار المخزن، وهذا لا يهم، بقدر ما أنه بعد موت الحسن الثاني، بخمسة عشر سنة، ظهر أقطاب من الحزب السياسي الذي كان إدريس البصري يقطبه(…) في وسائل الإعلام، رغم أنه كان يسهر مع أقطاب الاتحاد الاشتراكي، في بيته بالكيلومتر خمسة، بطريق زعير.
وها هم بعض تلامذة البصري(…)، في هذا الحزب الذي أصيب بمسخ سياسي، جعله في طريق أن يصبح أضعف حزب في المغرب(…) حين قدموا للبرلمان، مشروعا تكريميا لذكرى السي إدريس، بإحياء قانونه الذي أصدره سنة 1985، بإلغاء ألقاب سيدي ومولاي.. وحتى لالة، لتنقض الأقلام الشاحتة(…) وقد أصبح الكثيرون من حامليها أشبه بأجمة الكاتب حسن أوريد، حيث ((أخذ كبير الأجمة، يعتمد على الحمير، في تصريف أمور الأجمة)) بعد أن نصح المتصرف في الأجمة، أزروال، كبير الأجمة، باستعمال الحمير ((وكان بنيان المخزن يبدو من أعلى المرتفع، فيثير الرهبة في نفوس الحيوانات(…)، التي تمشي على قدمين(…) وهي التي لا تعلم شيئا إلا ما يروج من نتف الأخبار(…) لا تدري صحيحها من زائفها(…) ليركب الغرور، كبير الأجمة، فلم يعد يشرك أحدا في مشورة، ولا يستكين إلا لهواه، ليشتد بطش الكلاب(…) وعجرفتها، واستيلاؤها على ودائع المخزن في صفافة واستهتار، بعد أن نصح أزرق العيون “أزروال” كبير الأجمة، بالاستعانة بالحمير)) (حسن أوريد. الأجمة).
وفي سياق ما سماه أوريد، نتف الأخبار(…) واستجابة لدعوة زمان إدريس البصري، شنت كثير من الصحف حملة على مظاهر التعريف في المجتمع المغربي، بسيدي ومولاي، ولالة مولاتي، مستدلين ببعض المستغلين لهذه الألقاب، بإصدار بطائق لتمييز سيدي ومولاي، وتصدى المغرب، كما عنونت بعض الصحف، لاستغلال النسب الشريف، بعد أن أصدر الوزير الذي يجلس على مقعد البصري في وزارة الداخلية الآن(…)، قانونا تكميليا لقانون إدريس البصري، فيسارع وزير العدل الرميد(…) يا حسرة، لدعم وزير الداخلية حصاد(…) في إصدار مذكرة منع، وإن كان هذا المنع، لا يشمل لقب سيدي ولا مولاي، خوفا من أن تغضب عليهم الأعتاب الشريفة، وإنما منع إصدار بطاقات لتمييز الشرفاء، عن غيرهم، متجاهلين جميعا، القرار الملكي الصادر في 2002 والذي يشير إلى أن ((قانون الحالة المدنية المغربي لسنة 2002 (أيام الملك محمد السادس) ينص على هذا الاختصاص للسادة النقباء)) حسب ما أكده بيان المكتب التنفيذي للشرفاء الأدارسة، بل إن جمعية الشرفاء العلويين الحسنيين بمدينة وجدة ((أعلنت أن بلاغ الوزارتين(…) حصاد والرميد، لا يعنيها في شيء لأن النقباء الشرفاء، يتم تعيينهم من طرف الملك محمد السادس)).
وإذا ما تعمقنا فيما جرى، وما طرى، على مستوى ودادية القضاة الحسنية، التي تريد التخلص من التقليد الحسني، الذي كان الملك الحسن الثاني، يمارسه لتفادي تغلب الانتخاب المادي أو ما نعرف أنه جاري المفعول في موضوع الانتخابات المشرية(…) على التقليد الحسني، الذي يترك للملك حق اختيار رئيس لرابطة القضاة، من بين المنتخبين الثلاثة لهذه الرئاسة (انظر الأسبوع. عدد الأسبوع الماضي) نفس العدد من هذه الجريدة، الذي يذهب في الحقيقة الضائعة، إلى أبعد من أخطار إثارة موضوع سيدي ومولاي، الشائع في المغرب منذ أيام مجيء الفاتح مولاي إدريس للمغرب، ألف وأربعمائة سنة مضت على ظاهرة تكريم الشرفاء، التي جنبت المغرب، الخوض في هذه الحرب الشيعية السنية التي تحرق إلى غاية الآن أطراف المشرق الإسلامي.
وكانت الإشارة إلى هذا الموضوع، كافية لإثارة حملة، شبه تحريضية، من طرف بعض الذين يريدون تصفية حساباتهم مع الأشراف، وبالتالي مع النظام(…) وربما حتى مع الإسلام، وهو ما لم يتورع بعض الكتاب عن تزكيته بأقلامهم، وما أخطر الذين يعلنون الحروب بأقلامهم، وهم في أركان بيوتهم، وكثير منهم دخلت عليهم داعش في تلك البيوت وذبحتهم، بل أن كثيرا من الكتاب، كشفوا عن بعض النوايا الأمازيغية في طرد الإسلام من المغرب، معتبرين الدعوة الإسلامية في المغرب ((احتقارا للأمازيغ، وعنصرية لأن الذين يوهموننا أنهم ينحدرون من النسب الشريف، بالقصص التي لم يعد يصدقها أحد، رغم أن أغلبهم من المدمنين على الخمور، والزنا، والسرقة)).
ورغم أن قضية بطائق الشرفاء التي تستهدف تمييزهم، يمكن أو يجب منعها، واعتقال المتاجرين فيها، لأن لقب الشريف، يحتم على الشريف الحقيقي أن يكون شريفا لنفسه لا لغيره، فإن انزلاق هذه المخالفة، إلى دعوة لإثارة الفتنة والانتقام، هو الخطوة الأولى نحو الوضع الكارثي في ليبيا، واليمن، وفي سوريا، والعراق، وما أحوج المغرب إلى أن يبقى في مأمن من هذه الأخطار.
ومرة أخرى، حري بإخواننا الأمازيغ، ولا يوجد بيت لسيدي ولا مولاي، خال من الارتباط الدموي والعرقي، مع الأمازيغ، مادامت جيوش الإسلام الفاتحة، كلها جاءت للمغرب في شكل جيوش من الرجال، تزوجوا مع جيوش من النساء المغربيات، فإن إنكار هذا الواقع، هو إنكار لطبيعة الكون الإسلامي، هذه الطبيعة التي أصبح انتقادها أو التنكر لها، ضربا من الجهل، خصوصا عندما يصف كاتب موتور(…) أن ((المسلمين شعب قدم من المشرق، يمتطي جواد الإسلام(…) لبلوغ غاية متمثلة في النهب والسلب، واستعباد الشعب)) فهذه دعوة إلى الحرب، ليست حرب الشجعان والطائرات والدبابات، وإنما هي حرب العصابات، والميليشيات والاغتيالات والأحزمة الناسفة، وقد كشفت أجهزة المخابرات المغربية، علنا، أن أول عصابة إرهابية، حاولت الدخول إلى المغرب، كانت مخططة لاغتيال أقطاب أمازيغيين، ذكرت أسماءهم، رغم أن واحدا من المهددين الأستاذ عصيد، لم يكتب يوما، أن المسلمين جاؤوا للمغرب قصد السلب والنهب والزنى.
لقد كتب الباحث المتنور، عبد الله حمودي، وهو ينتقد الملك الضعيف، ويكتب: ((بأن ظاهرة الملك العظيم، هي مجرد صدفة)) لكنه كشف عن ظاهرة مجيء الفاتح الإسلامي، بأن: ((الشريف، مؤسس الدولة، وقد سمى واحد منهم الحسن الداخل، لأن الشريف يأتي دائما من هناك، من بعيد، هناك البعيد، عبر السنوات الطوال، التي تفصل بين الأدارسة والعلويين، وحتى مؤسسو الخلافة المغربية، المرابطون والموحدون أو المختارون الأعلون، المرينيين كانوا في قياداتهم أجانب(…) طبع تواجدهم بظاهرة الظاهرين مستدلا بالنموذج الليبي، حيث خاض الشريف الإدريسي محمد علي السنوسي (1778-1862) وهو القادم من مسقط رأسه مستغانم، والدارس في فاس، وهو الذي وضع أسس الحرب ضد المستعمر الإيطالي للأراضي الليبية)) (الملكيات العربية. ريمي لوفو).
هنا، لازالوا متأخرين(…) ينازعون حكم المغرب من طرف شرفاء متحدرين من الرسول، لنشر رسالة الإسلام، في غرب الخريطة الإفريقية، وهناك في العالم المتحضر قلب الحضارة الأروبية، برابع دولة قوية في العالم، فرنسا، يصوتون وسيصوتون على قادم من هنغاريا يسمى سركوزي، ليكون رئيسا عليهم، وينتخبون طالبا إسبانيا، اسمه فالس، ليكون رئيسا لحكومة فرنسا. سركوزي اختار أحسن فرنسية وأقواهن شعبية متأصلة من المغرب، واختارها وزيرة للعدل الفرنسي، واسمها رشيدة داتي، وهولند، اختار جزائرية اسمها نجاة بلقاسم لتكون وزيرة لتعليم الفرنسيين، ونحن فينا من ينتقد الحكم الإسلامي للمغرب، إنه طبعا منتهى التخلف، وانتقادهم هو الصيغة الحقيقية، للميز العنصري، ليظهر أن المغاربة أيام المرينيين، كانوا مثل الفرنسيين المتقدمين اليوم، يبحثون فيمن يحكمهم، عن الدهاء والنبل والكفاءة، واعترفوا بعجزهم، فأحضروا الشرفاء من ينبوعهم في السعودية وكتبوا: ((إن الذهب يطلب من معدنه، والياقوت يجلب من موطنه، إن بلاد الحجاز هي مقر الاشراف، فذهبوا إلى الحجاز، وجاؤوا بالمولى الحسن الداخل، الذي بعد أن جاء، تهافت عليه الأندلسيون وطلبوا منه المجيء عندهم)) (الاستقصا).
بينما جاءت دولة السعديين بعدهم، ليعترفوا، ضمانا لنجاحهم: ((إن أصلهم من الينبوع في الحجاز، أولاد أشراف من النفس الزكية، أول ملوكهم القائم بأمر الله سليل النفس الزكية)) (الاستقصا).
فلماذا التحامل على الأدارسة وعلى العلويين وحدهم وهذه الدول التي قامت بالمغرب بعد الأدارسة هي المرابطون والموحدون والمرينيون المتأصلون من قبائل أمازيغية، مصامدة وصنهاجة من البرانس، البربر والملثمين البربر، وقد اكتشفوا حاجتهم للإسلام بعد أن قال ابن خلدون: ((إن دين صنهاجة كان هو المجوسية، وأن المهدي بن تومرت، متأصل من جبال “درنا”، بربري إذن، يسمى أوتومرت)).
ونعود إلى ظاهرة الظهور، وملوك كثيرون كانوا يسمون الظاهر، والداخل، لنجد الكاتب الباحث حمودي يجد أن ((ظاهرة الظهور، من المرابطين والموحدين إلى المرينيين حيث القبائل الأمازيغية والسوسية والريفية، يذهبون للبحث عن الشريف، أو يبحثون للالتفاف حول الشريف القريب منهم)) (الملكيات العربية. ريمي لوفو).
ليكفينا القطب السوسي، المختار السوسي، مشقة التعمق في جزئيات التغلغل الشرقي في أطراف سوس وتزاحم جثامين أحفاد الخلفاء الراشدين، في مقابر سوس، وفي ((صحراء سوس، حيث تتموج القبائل العربية من بني هلال، وغيرهم لا يزالون يحافظون في سوس، على أنسابهم وعلى لغتهم إلى الآن، وغالب هذه الأسر العربية، تشلحت حتى نسيت لغتها، وإن لم تنس غيرتها العربية والدينية)) (إيليغ. المختار السوسي).
فإذا كانت تكتب وتنشر، أطروحات معادية للإسلام المغربي، فليتحل أصحابها بشجاعة بغدادي داعش، وليعلنوا بشجاعة، رغبتهم في إسقاط النظام الإسلامي.