سنة 2013 ليست بسيطة...هل ستكون كذلك 2014.....؟
ذ. أحمد ونناش
لم تكن سنة 2013 بسيطة ،بساطة أكل الفقير للرغيف ،نظرا للأحداث التي شهدها العالم ،أبرزها "تمرد " الربيع العربي على نفسه ،جرت فيه الرياح بما لا تشتهيه الحناجر المبحوحة في الشوارع ،والأرواح التي حصدها من أجل تحقيق ،الحرية والكرامة للمواطن والعدالة الاجتماعية ..حصاد يريد أن ينسى به أنظمة في نظرهم استبدادية ،باستعارة الإسم من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ،الهدف منه إجهاض تقدم الدول العربية ،تى لاتنافسها في تطورها ،وتعرقل مسارها الحضاري...
وكانت أولى القبلة ،صوب علماء العراق ،ورعاتهم ،الذين تمسكوا بالقضية الفلسطينية ،وأدوا ثمن "سكوداتهم" ومدافعهم العملاقة ،التي قد تزلزل في أي لحظة المناطق المستهدفة..
بعدها أزهرت شجرة الربيع ، رشف فيه النحل رحيقها ،ذبلت معه أنظمة أخرى ،لم تحسن تصرفها مع هذا الربيع ....
أحداث ،راجعت نفسها ،بعد الوعود المعسولة ،التي استغل البعض تغييرالحقليات ،بحثا عن السكة الحقيقية ،التي توصل بسلام إلى الوطنية الخالصة...
مما استلزم "تمرد" عن الأوضاع الاجتماعية التي لم تعشها من قبل ،وبالتالي وهو الأخطر هو تحقيق الأمن والسلام لكافة المواطنين ،دون انتظار القنابل وهي تنهال فوق رؤوسهم ،وبالتالي الإهتمام بحقوقهم وكرامتهم...
هذا التمرد ،كانت بدايته من مصر أولى ضحاياه ،خرج فيه الملايين مرة أخرى إلى الشوارع ،مطالبين بتنفيذ بنود اتفاقية مايسمى "بالربيع العربي "،التي مبدأها حقوق الإنسان ،والعيش الكريم ،بعيدا عن المزايدات والحزازات السياسية والمذهبية ..وضعت فيه الرئيس المصري "محمد مرسي" السجن ،لعدم تلبية مطالب الشعب ،التي إزداد تأزما ،رغم الاستمتاع ب "سمفونية "الربيع العربي ...
وقس على ذلك ،الجارتين ،تونس وليبيا ..التي لم تشهدا بعد الإستقرار المنشود...
أما فيما يخص جارتنا الجزائر ،فتواجد "بوتفليقة "في الإنعاش ،وإعطائه أوامر بالإشارة ،كلما اقتربت الإنتخابات الرئاسية ،أو كل ماتعلق الأمر بالوحدة الترابية ،لعرقلة أي تسوية سياسية للصحراء ،وهي الآن تعيش أزمة خانقة ،وإلى حد كتابة هذه السطور ،قد شهدت مدينة "براقي" تمردا للساكنة ،حول الأوضاع المعيشية المزرية التي تعيشها ،في غياب أولى المطالب ،المتمثل في السكن ،يقع كل هذا في رقعة جغرافية وتاريخية ،ساد فيها التعايش بين مكوناتها رغم الاختلافات اللغوية والدينية والمذهبية ....
في بلدنا الحبيب ،لم يسلم بدوره من هذا التمرد ،إلا أن تمردنا كان استثنائيا، وفق إرادة الشعب ،المتشوق إلى ملامسة التغيير المنتظر ،تحت قيادة حكومة منتخبة ،على رأسها حزب العدالة والتنمية ، حال باقي الدول العربية الأخرى التي مزجت بين السياسي والديني ..اضطر فيه حزب الاستقلال ترك حقائبه أمام قبة البرلمان التي تشهد بدورها احتجاجات حول تفعيل بنود الاتفاقيات المبرمة بين المسيرات التي جابت الشوارع... لم يبق أمام حكومة الأستاذ "عبد الإله بنكيران" إلا التحدي والصمود،للبقاء بأي ثمن ،ولو على حساب المبادئ،للتحالف مع أعداء الأمس ،الذين لم يستطيعوا تسيير البلاد حسب نظرهم ،وهم المجندون لمعارضة أي مشروع تقدمت به الحكومة ،دفع من كل هذا ،إلى انسلال الطبيب النفسي ، "الأستاذ "سعد الدين العثماني "المحبوب لدى الجميع ،نظرا لرزانته في تأدية واجبه بإخلاص ،لما يمثله في الوسط الاجتماعي ،وهو العارف بخباياه ،ومسكناته...تشكلت معها حكومة ،طرحت معها عدة أسئلة عن فسيفسائها ،وكيفية التعامل مع قضايا لم يتفقوا عليها أصلا...
بين هذا وذاك ،تدخلت كرة القدم ،لتكون الحكم بين السياسة والدين ،انتدب فيه فريق الرجاء العالمي ،الذي أنسى للمغاربة قبح قباحة احتجاجاتهم ،ومعارضتهم للمشروع الحكومي ،وطريقة تسيير البلاد ،بميزانية لم يتفق عليها من طرف مجلس المستشارين ...
فريق الرجاء الذي امتص كل هذه التشنجات ،والأسئلة المطروحة في مؤتمرات الأحزاب ونقاباتها ،التي مافتئت تعارض الأداء الحكومي ،في الوقت الذي تنتظر فيه ،انتخابات مبكرة ،وسط هذا الاحتقان الشعبي ،الذي ينتظر زيادات بعد زيادات ....
فريق الرجاء هو بطل 2013 بالنسبة للمغاربة ،وجميع الدول العربية والإسلامية ،وهو الذي أنذر عمالقة الكرة والتطور ،بأن المغاربة ،هم بلد حضارة وثقافة ،وتطور ...كانت فيه عاصمة المرابطين حاضرة ،لاستقبال عريس العرب ،في بيت "يوسف بن تاشفين "مراكش الحمراء...وهي تقول ،إنما أعمار الرجال بأعمال ....
عمل تاريخي ،سيبقى موشوما ،في انتظار تسلم مشعل آخر ،ونريده في أقرب الأوقات ،بمجهوداتنا جميعا ،وليس بعشرات السنين ....
"الرجاء باقة " خاص غير العاقة" للجمهور المغربي والشعب المغربي ،الذي برهنة في استثنائيته ،في الأمن والسلام ،وقادر على استضافة مختلف التظاهرات الرياضية..مرة مرة شكرا للشعب المغربي ،الذي برهن عن حبه لكل ماهو جميل ..كما نهنيء "البنزرتي "على تحقيق حلم لم يكن يتحقق ،في الوصول إلى نهاية "الموندياليتو" واللعب ضد عمالقة كرة القدم العالمية ،وعلى الخصوص "ماكنة" الحقول "البفاريا" الغنية...
كما أن توقعات بعض المنجمين ،بأن سنة 2013 تعرف وفيات لأبرز الشخصيات العالمية ،وهذا ما تحقق في ،رحيل أكبر معمر في السجن ،الباحث عن كلمة واحدة هي "الحرية" وحريته في حرية الشعب الفلسطيني ،الزعيم "نلسون مانديلا"الذي قبع في السجن 28 سنة ، إسوة بالذين حملوا همومها ،وشنقوا على إثرها ببرودة دم ،دون انتظار هذه المدة.....
وفاة ليست كباقي الوفيات،عاشت معا قلوب العالم لحظاتها ،الصديقة والعدو ،طاروا إلى جنوب إفريقيا ،ولو الظفر بآخر نظرة ،لرجل كانوا يكرهونه...
أما أوروبا ،فهي تعيش في مستنقع الأزمات المالية ،وسياسة التقشف ،لتشهد ربيعا بدورها ،في كل من "تركيا " واليونان " وأكرانيا" ..وانقطاع التيار الكهربائي في عدة دول ،إما بسبب الأعاصير ،أو الحرائق ،التي لم تستطع التكنولوجيا إخمادها بسرعة ..
في روسيا أعلن عن وفاة مهندس " سلاح كلاشينكوف " اسم على مسمى ،هذا الشخص الذي قتل الملايين من البشر ،وهذا هو حال الثورة الصناعية ،بدء من العصر الحجري الحديث ،الذي ظهر فيه السلاح المعدني لأول مرة ،بيد الصانع المحترف الذي كان يحظى بتراتبية اجتماعية أرستقراطية ،مادمت يملك السلاح الفتاك في هذه الحقبة ..وهذا هو البأس الشديد ...
أحداث ،لم يسلم منها البيت الأبيض ،عاش معها الرئيس "اوباما" أشد المحن ،في تمرير سياساته ،وصفقاته ،وميزانيته .،وترشيد النفقات..جعله يصغي جيدا ،"لموسكو"قبل اتخاذ أي قرار ،مادامت هذه السياسة مكشوفة لدى الجميع ،والتي تحقق المصالح الداخلية فقط للولايات المتحدة الامريكية ،دون مراعاة الأوضاع السياسات الخارجية ،التي تتطلب بعد النظر في التعامل مع الشعار الذي رفعته بعد أحداث11 شتنبر في مكافحة الإرهاب ،وضمان الإستقرار لباقي دول العالم ،وتحرير الشعوب من الاستبداد ،والالتزام بالمواثيق الدولية ،التي نصت عليها الأمم المتحدة ،وفي مقدمتها حقوق الإنسان...جعل موقفها متذبذا سواء اتجاه أحداث سوريا او مصر التي شهدت انفجارا قويا ،في إحدى مديرية الأمن ،مشهرة ورقة "محاربة الإرهاب" تعجل بتمريد "خارطة" الطريق بسلام ،وفق أجندتها ،وتعين" السيسي" أو"شفيق" رئيسا لمصر ،وصولا إلى ليبيا التي لم تنعم بالأمن بعد....
هل تستطيع سنة 2014 ،أن توقف زحف الاحداث المتتالية عبر العالم ،وتجد حلولا للمشاكل التي تتخبط فيها البشرية ،البعيدة عن الديمقراطية ،واحترام الإنسان ،وتوفير متطلباتها للعيش في كنف حياة سعيدة تضمن للإنسان، مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة......