ازدواجية الخطاب وسقوط القناع: حين يتحول البرلماني من محاسبٍ للمنتخبين إلى متقاعسٍ عن الشباب خطاب ناري… وواقع صامت

100

قلم : عبد الجليل ابو الزهور 

 

 

أثار البرلماني عن دائرة دمنات  من حزب الحمام الورقي جدلاً واسعاً بعد خروجه بتدوينة حادة اتهم فيها رؤساء الجماعات الترابية بالتقاعس عن تنفيذ برنامج إحداث الملاعب والفضاءات الرياضية بمحيط المؤسسات التعليمية، مُحمّلاً إياهم مسؤولية التأخر في تنزيل المشاريع.
لكن ما لم يقله البرلماني هو أن أسباب التعثر لا تتعلق فقط بالجماعات، بل أيضاً بغياب التواصل والتتبع من طرفه كممثل للأمة، وكأن دوره يقتصر على التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ملعب دمنات… الصمت أمام النهب
المفارقة الصارخة أن البرلماني نفسه لم يحرّك ساكناً حين تفجّر ملف نهب مداخيل ملعب القرب ببلدية دمنات من طرف أحد أعضاء المجلس البلدي، وهو ملف ظلّ مطوياً في صمت غريب رغم أنه يمسّ المال العام مباشرة.
فأين ذهبت غيرته على الشفافية والمحاسبة حين كان الفساد قريباً من محيطه؟
ولماذا لم يطالب بفتح تحقيق في مداخيل مرفق رياضي يُفترض أنه موجه لخدمة الشباب؟
> “البرلماني الذي يلوّح بالمحاسبة في الفيسبوك، لم يجرؤ على رفع صوته حيث يجب أن يُسمع فعلاً.”
تمييز في الدعم… واحتقار للرياضة النسوية
البرلماني الذي يرفع شعار دعم الشباب، لم يتدخل إطلاقاً لإنقاذ الفريقين النسويين اللذين توقّفا عن الممارسة رغم النتائج الجيدة التي حققاها، بسبب غياب الدعم والتمييز في توزيع المنح الرياضية.
هذا الصمت الفاضح يؤكد أن الرياضة والشباب آخر اهتماماته، وأنه لا يرى في الرياضة النسوية سوى “بدعة” لا تستحق المتابعة، فيما يعتبر كل حديث عن المناصفة ومقاربة النوع مجرد كلام فارغ لا مكان له في أجندته السياسية.
> “حين تتوقف فتيات المدينة عن اللعب، تتوقف معها قيم المساواة والكرامة… فالصمت هنا ليس حياداً، بل موقف إقصائي مكتمل الأركان.”
التحريض بدل الحوار
بدل أن يسلك البرلماني المسار الطبيعي لمساءلة المنتخبين أو التنسيق معهم، اختار التحريض العلني ضدهم، متجاهلاً أن التواصل الفعّال هو أساس العمل المؤسساتي.
بل إن بعض الرؤساء الذين اتهمهم بالتقاعس أنهوا جميع الإجراءات الإدارية المطلوبة وأرسلوا ملفاتهم إلى المصالح المركزية، لكن التعثر كان على مستوى التنسيق بين الوزارة والمديريات الجهوية — وهو مجال تدخل البرلماني بامتياز، لو أراد فعلاً الحل بدل التصعيد.
> “من السهل أن تتهم، لكن الأصعب أن تتحمل مسؤولية التقصير حين تكون جزءاً منه.
من سيدي يعقوب إلى دمنات… التمييز المكشوف
أبناء دمنات يروْن في سلوك البرلماني نزعة تمييزية بين “الفطواكي” و”الولتاتي”، وبين أبناء سيدي يعقوب وباقي الجماعات.
فهو حاضرٌ في منطقته ومساره الانتخابي، لكنه غائب تماماً عن المدينة التي تحمل اسمه داخل دائرته.
وحين تُنظّم الجمعيات الرياضية أنشطة محلية، لا يحضر، لا يدعم، ولا حتى يُبدي تضامناً رمزياً، في مفارقة تُعرّي ازدواجية الخطاب بين ما يُقال في العلن وما يُمارس في الخفاء.
الكلمة الأخيرة: الشارع يعرف الحقيقة
الشارع الدمناتي اليوم أكثر وعياً من أي وقت مضى.
يعرف من يعمل في الميدان، ومن يختبئ وراء الشعارات.
ويعرف أن من يتحدث باسم المحاسبة عليه أولاً أن يحاسب نفسه على صمته تجاه الفساد والتمييز والإقصاء.
فالمسؤولية ليست منبراً انتخابياً لتصفية الحسابات، بل التزاماً أخلاقياً تجاه المواطنين الذين لم يعودوا يثقون في الخطابات الحماسية، بل في الأفعال الملموسة.
وما لم يُدرك هذا البرلماني أن زمن الشعارات انتهى، فسيجد نفسه يوماً وحيداً أمام سؤال الناس البسيط والموجع:
“أين كنت حين احتاجك شبان وشابات  دمنات؟”
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.