في ذكرى 20 فبراير
بقلم عبدالمالك أهلال
قبل ثلاث سنوات من الان وبالضبط يوم 20 فبراير 2011 انطلقت احتجاجات واسعة للشعب المغربي في العديد من المدن والقرى استجابة للدعوة التي اطلقها نشطاء ومنظمات المجتمع المدني والحقوقي في اطار ما بات يعرف بحركة 20 فبراير ، للمطالبة بتغيير سياسي جذري وإلغاء الدستور الممنوح وللمطالبة أيضا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية . وقد اختصرت الحركة هذه المطالب كلها في عنوان عريض اتخذته شعارا رئيسيا لها وهو "الشعب يريد اسقاط الفساد والاستبداد"، وقد شكلت مجموعة من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية الدعامة الأساسية لهذه الحركة . التي كانت مصدر قوة لها حيث ان وجود كل هذه الألوان السياسية في حركة واحدة لتحقيق أهداف واضحة رغم الخلفيات المختلفة التي تنطلق منها كل هيئة والتي قد تصل أحيانا الى حد التناقض ، يعتبر في حد ذاته إنجازا رائعا يحسب للحركة، غير أنه بعد توالي الأيام والشهور من انطلاق الحراك المغربي بدأت تظهر على السطح خلافات جدية بين مكونات الحركة، وكانت النتيجة توقيف جماعة العدل والإحسان مشاركة شبابها في الحركة في بيان نشرته على موقعها الرسمي يوم الأحد 18 دجنبر 2011 موضحة من خلال البيان أسباب ذلك التوقيف .
لا يمكن لاحد ان ينكر الدور الرئيسي للحركة في التنازلات ،التي لم تصل الى مستوى تطلعات الشعب ،والتي قدمتها السلطات الحاكمة والمتمثلة في دستور ممنوح لا يختلف كثيرا عن سابقه وفي تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة والسماح لحزب العدالة والتنمية بتصدر نتائج الانتخابات الذي كان يهدد بالنزول الى الشارع ان لم تسمح له الماكينة المخزنية بتصدرهذا المشهد خاصة انه تبنى شعار الحركة المتمثل في محاربة الفساد والمفسدين واسقاط الاستبداد والمستبدين في العديد من خطاباته الانتخابية ،لكن بعد مرور مدة غير يسيرة على تشكيل الحكومة ظهر بالواضح ان القرارات التي يمكن ان تحارب الفساد والاستبداد بشكل نهائي ليست بيد الحكومة .وليست بيد الأحزاب التقليدية معارضة وموالاة، بل اصبح المشهد أكثرعبثية حيث عادت الماكينة المخزنية الى عاداتها القديمة وبطريقة أشد وأنكى وخير دليل على ذلك تهشيم رؤوس المعطلين وغيرهم في شوارع العاصمة بدون علم لوزير الداخلية ولا رئيس الحكومة .
بعد هذا كله يحق لنا ان نتساءل هل ان الأوان لتشكيل جبهة شعبية لموجة ثورية جديدة ضد الفساد والاستبداد وضد سياسات الدولة المخزنية العميقة؟التي بات دورها واضحا في كل الاختلالات البنيوية التي يعرفها المغرب في شتى الميادين . هذه الجبهة التي يجب ان تستوعب كل أبناء الوطن بدون اقصاء لأحد وتترك الاديولوجيات النتنة جانبا , لان المستفيد الوحيد الأوحد من هذا التشردم والتفرقة هي الدولة المخزنية العميقة التي طالما طبقت سياسة "فرق تسد" لاستنزاف ثروات البلاد واستعباد العباد،ولنا في ما يحدث بمصر دروس وعبر ،فقد عمل الفلول كل ما في وسعه من خلال اعلامه ورجال اعماله ليوقع بين رفاق ثورة 25يناير ،وقد أفلح في ذلك لينفرد بعد ذلك بالسلطة ويزج بهؤلاء و هؤلاء في الزنازن والسجون ،فاعتبروا يا أولي الأبصار.