يوسف بلحسن
لست أدري هل هي حرارة ذاك اليوم القيظي ، أم أن رأسي يسخن بين الفينة والأخرى بدون سبب موضوعي أو ،ربما من كثرة ما كتبت عن نفسي ، وما أكده الكثيرون، ومن بينهم رجال سلطة بالمدينة وبالمنطقة....من كوني أصبحت عاملا على مرتيل، قد دفعني لارتكب تلك الحماقة التي لولا لطف الله لكنت الآن اقبع في سجن الصومال بتطوان بتهمة اهانة سيارة الأمن الوطني !!!! (الوطني :من وطا يوطي توطية مع الأرض والبحر).الحقيقة أن التهمة قد لا تجدونها في دفتر القانون الجنائي ولكن الأيام علمتنا أن المخزن يمكنه أن يكيف الأمور بالشكل الذي يجعل منك بطلا او وحشا حسب الظروف والموقع..فما هي القصة ؟
كما قلت ،سخن رأسي زوال يوم وأنا في طريق العودة إلى "عمالتي مرتيل" بعدما قضيت أو بالأصح قضت علي ساعات من العمل الشاق تحت أشعة شمس تفوق 45 درجة(أنا اشتغل تحت الشمس وليس في الظل أوكي؟..)وظللت أنتظر سيارات الأجرة اللعينة (تلك التي سببتها ولعنتها في مقالي السابق..)دون أن أتمكن من الحصول على مقعد كيفما كان وبأي ثمن..طبعا كما تعرفون نحن في فصل الصيف نعيش تحت رحمة إرهاب السيارات هم الدين يحددون الأثمنة -التي ترتفع إلى أكثر من 100 بالمائة -، ومتى يحملون الناس ومتى يمتنعون.. وطبعا المخزن له شغل آخر ولن يشغل باله بهرطقات المواطنين -كل واحد يدبر راسه-ظللت أنتظر حتى طال صبري فتذكرت أيام الدارسة عندما كنا نتسابق لرفع شارة الاوطوسطوب (كما يرفع المصريون الآن شارة رابعة) زوال كل يوم علنا نظفر برحلة مجانية حتى نحتفظ بدرهم الحافلة لنهاية الأسبوع..أيامها كان الناس بخير وكانوا يحملوننا مرارا دون أن يملوا منا ...أيامها جربنا كل أنواع السيارات والحافلات وركبنا الفاره منها -من لا نعرف حتى نطق اسمه -إلى الملوث منها من شاكلة شاحنات حمل القمامة ..المهم كنا نحقق المبتغى ونصل إلى مرتيل في نهاية المطاف..وهو الأمر الذي صعب علي هذا اليوم. فلا صديق اعرفه ولا سيارة أجرة ولا حافلة.. ادن لا بد لي من رفع شارة الهزيمة 'الاطوتوستوب، لعل الساعات تجود علي...وأثناء الرفع-وإن كانت وضعيتي اقرب إلى الكسر-مرت سيارة "مقدسة"..مكتوب عليها سيارة أمن ...ونظرا لغباوتي وسذاجتي لم أكلف نفسي وضع أصبعي اللعينة في المكان اللائق بها.....(حاشاكم)...والتوقف عن الاتوطوستوب حتى تمر المقدسة...اعترف أنني ارتكبت حماقة ولكن ما العمل : إنها الشمس الحارقة التي أذهبت عقلي..هي المسؤولة وهي التي يجب أن تعاقب وليس أنا...لحسن الحظ أن رجل الأمن الذي كان يسوقها بطريقة لا تنم عن أنه ماض في مهمة بل ربما فقط راجع إلى بيته -والله أعلم- كان "متفهما" ولم يتوقف لاعتقالي ودفعي إلى المحاكم لتجرئي على سيارته "المقدسة" عفوا سيارة :"نحن في خدمة الشعب.."واكتفى سيادته بأن أشار لي وبطريقة استفزازية أو بالأصح احتقارية بما يفيد أنني أحمق...نظرت إلى جسدي وإلى ملابسي لأستبين معامل الحمق ومكامنه فلم أر شيئا..بقدر ما رأيت سخطا عارما يعتليني وبدأت بدوري أشير إليه وكلي أمل أن يتشجع "سيادته" ويرجع إلى شخصي الضعيف ليقيم عليه الحد..للأسف أو لحسن حظي لم يرجع بل تركني هناك لساعات أخرى أجمع حقي من شمس الشمال في انتظار سيارة صديق تعيدني إلى مدينتي.
على الهامش:هل شارة الاطوتوسطوب تعد من الممنوعات في المغرب؟ وطبق أي فصل تعاقب؟
/هل مهمة رجل الأمن هي فقط إخافة المواطنين الذين يؤدون أجرته من ضرائبهم أم له مهام أخرى؟مادا مثلا لو أن سيادته وعبر مسؤوليه الكبار قاموا بواجبهم لضبط خروقات السير والجولان والضرب على يد سماسرة الطريق عوض التكبر على المواطنين بسيارات الخدمة...أسئلة وأسئلة حرقة تجعلك في بعض الأحيان تتساءل متى نصل إلى تلك الديمقراطية اللعينة...