على غرار شعوب العالم، عبد الأمازيغ على مر العصور آلهة مختلفة، وتذكر كتابات تاريخية ان سكان شمال أفريقيا القدامى، مارسوا طقوسا دينية متواترة عبر الأجيال، امتثالا لمقدسات فكرية مختلفة.
وإثر احتكاكهم بثقافات المستعمر تارة، وتنقلهم بين مناطق مختلفة تارة أخرى، تراوح إيمان الأمازيغ بين الوثنية والمسيحية واليهودية والإسلام.
في هذا المقال نرصد أهم المعتقدات الدينية التي دان لها الأمازيغ عبر التاريخ.
الوثنية
تشير الدراسات إلى أن الأمازيغ الأوائل عبدوا آلهة مختلفة، وكثيرا ما تعلقت معتقدات تلك الفترة بالأرض، إذ قدس الأجداد من سكان الشمال الأفريقي آلهة كانوا يعتقدون أنها تؤثر في مردود الأرض، وتسخر السحاب، وتصفح عن المسيء إذا أخطأ.
في هذه الفترة التي سبقت الميلاد بكثير، وفق أستاذ التاريخ بجامعة خميس الخشنة، غرب الجزائر، الهادي بن عبدلي، عبد الأمازيغ آمون، وهو إله مشترك بينهم وبين الفراعنة، وكان معنى الإسم هو "الخفي".
"رغم أن أكوش هو الأوسع انتشارا، إلا أن الأمازيغ عبدوا كذلك آلهة مثل انيث وعنتي وبوصيدون" يبرز هذا الجامعي المختص في دراسات ما قبل التاريخ.
التبرّك
تخللت بعض المراحل التاريخية، حقب اعتقد خلالها الأمازيغ الذين آمنوا بالديانات السماوية، أن التبرك ابرجل صالح، وأن عبادته تعد تقربا من الإله الخفي.
عرفت هذه المرحلة بعبادة التبرك بآثار السابقين، وحتى الحيوانات، بحسب الأستاذ الجامعي، الهادي بن عبدلي.
كما يبرز المتحدث أن هذه المعتقدات لازالت متجذرة عن بعض الأمازيغ، ممن يتبركون بالموتى "لكن يرفضون الاعتراف أنهم بصدد عبادة أشخاص لا إله"
اليهودية
اعتنق الأمازيغ كذلك، الديانة اليهودية، إثر احتكاكهم باليهود القادمين من أورشليم، بعد الخراب الذي أتى على المدينة المقدسة.
وتنقلت طوائف يهودية عديدة واستقرت بشمال أفريقيا، وهو ما جعل الكثير من أمازيغ المنطقة يقبلون بالدين اليهودي.
هذا المعطى التاريخي، قيّده القديس "أوغسطين" في كتابه "رسالة حول يهود قسنطينة"، وهي مدينة جزائرية، تقع شمالي البلاد، لا زالت تعيش بها أقلية يهودية إلى غاية اليوم.
كما تعرف منطقة توات بالجنوب الجزائري، بأنها حاضنة يهود شمال أفريقيا من الأمازيغ الأوائل.
المسيحية
يقول الناشط الأمازيغي الجزائري، المهتم بتاريخ شمال أفريقيا، محند ولعربي، أن استقرار الرومان بالجزائر، وتونس على وجه التحديد، وشمال أفريقيا عموما، جعل من الدين المسيحي الأكثر انتشارا بالمنطقة بداية من السنة 250 للميلاد.
ويعتبر هذا الناشط، الذي يحضّر لمؤلف يخص "المكنونات الأنثروبولوجية لشمال أفريقيا"، أن المسيحية من بين الأديان التي انتشرت بسرعة عند الأمازيغ، قبل دخول المسلمين، إثر ما يعرف تاريخيا بـ "الفتوحات".
الإسلام
لعلّه الدين الأكثر انتشارا بين الأمازيغ "لكنه لم يمح المعتقدات الدينية التي سبقته إلى المنطقة"، بحسب أستاذ التاريخ بجامعة خميس الخشنة، غرب الجزائر، الهادي بن عبدلي.
دخل الإسلام إلى شمال أفريقيا، أولا خلال فترة حكم عمر ابن الخطاب، إثر المعارك التي قادها عمر ابن العاص، الذي وصل طرابلس بليبيا.
تحالف أمازيغ مع الدولة الرومانية ضد جيوش المسلمين، ومنهم من أسلم راضيا لا مرغما، لكن ورغم أفول المعتقدات الوثنية، إلا أن من الأمازيغ من ظل على اليهودية والمسيحية إلى غاية اليوم، وفق ذات المتحدث.
المصدر: أصوات مغاربية