ومن يبقى شامخاً يعانقه البياض والانفة دوماً..الى يوم تبيض وجوه ....وتسود وجوه
بقلم : مالكة حبرشيد
تبيض وجوه ....وتسود وجوه
لم يكن النهار من قبل اعمى ....كانت له عيون ترى...وقلوب تشهد ان لا اله الا الله وحده ...أنجز وعده ....ونصر عبده...وهزم الاحزاب وحده ....لكنه فقد البصيرة حين ولى وجهه حائط المبكى....حشر ادعيته في شقوقه تقربا الى رب لا يبرح الجدار .....
اي عار ايها المليار المكبر في انحاء الكون ... ! ! !؟
كيف كسر الطغيان عمود الكرامة....هد خيمة الكبرياء زعزع اليقين ...وبنى هيكلا للشك في الأفئدة الضعيفة .... حتى صار الاستسلام باغية تتسول عند عتبات الذل رأفة الجلاد ...الصمت يقدم قرابين الدم والعرض والارض تمسحا ...ولا يحظى بكرامات آمون وكهنته الاوفياء....مهما اقام من مهرجانات الردح و التملق ...خطابات الطاعة والتواطؤ...مهما قدم الشمس قربانا لتموت الشعوب صدأ....مهما قطع اطرافه...قد جوانبه...وعرى سوأته....يظل بنظر المتغطرسين المطلين على العالم من ابراج عالية...طمعا في استعباد البشرية ...مجرد مومس خرفة لا يرغب رب الاقمار الدوارة....والطائرات النفاثة... في مضاجعتها....بل يقرر حرق ارض الدمى الممسك بخيوطها ...ليهنأ باله ويستمر طغيانه ...
لم يكن الليل بهذي العتمة قبل ان يصيب سهم الباطل الحق في الخاصرة ...قبل ان تقام المهرجانات على انقاض التاريخ الأبي ...ويرقص الطغيان على اشلاء البراءة ...تصوب البنادق نحو الملائكة ....وعيون المكر غير بعيد تستمتع بالفاجعة...بابادة شعب احترف الغضب لاحقاق حق من بين خلايا الضمائر الميتة ينسرب ..لكنه شعب لا يخضع مهما بالنار حاصروه...فقد علمته رعونة السفاح ان فضاءه روافد حجارة...حصون صبر وصمود ...وتحد ابدا لا يلين في قلوب المرابطين القابضين على الجمر ...ينتصرون او يستشهدون ... والمليار المنتشر عبر حدود الكون ينتقي عبارات التنديد والتنضيد...يرصفها من البعيد البعيد....وهو يتفرج على ابناء جلدته وهم يذبحون من الوريد الى الوريد ...حتى انه نسي ان اكرام الميت دفنه ...ولم يبعد الارواح الشريرة عنه...بل ادى صلاة القاديشيا ...ردد تراتيل الشيفعا ...حفاظا على كراسي تآكلت جوانبها ...نخر السوس اعمدتها ....لا يدرك ان الشعوب تغير الكراسي المهترئة....لكن الكراسي ليس..ولم يكن يوما بمقدورها تغيير شعوب شاملة كالفصول...عميقة كأبهة البحر .. تعرف كيف تضرم الوقت...تحرق التسويف ...في اعلى اراجيح السماوات تغني ...أشجار السرو عليها في نسيم القبلة تصلي....عبير الزعتر البري يسلم ...وفي الواقفين المرددين التكبير والتهليل تحل ارواح الراحلين ...منها ينهلون سحر التأويل ...ويرددون : هنا سوف نبقى...على هذه الارض ولدنا وعليها نموت....لن نتزحزح قيد ذراع...ولن نتسامح قيد ذراع ...سنصبر حتى يجن الطغاة...ونبرأ من المذبحة...
لم يكن الحلم كابوسا بل كان غالبا محمودا ...يفتح في الافق مسارا للطامحين العيش في حب وسلام ...كان ذلك قبل تسليم الشر مشيمة الفصول يديرها كيف يشاء....ليمنع الهواء والماء والغذاء على العزل الاوفياء للارض والتراب ....الذين اقسموا الا ان ينصفوا التاريخ ...ويحرروا الجغرافية من مكائد الاسفار المتناقضة...والهياكل الوهمية ....ترسيخا للوحي الصادق : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) البقرة/
ماكان الياسمين الابيض يوما ينحني ...تاريخه يشهد أن من ينحني يسهل تغييره ...تشكيله....تلوينه...
ومن يبقى شامخاً يعانقه البياض والانفة دوماً..الى يوم تبيض وجوه ....وتسود وجوه
بلا جذور ....بلا جدوع لا تثبت الاشجار.....بلا اغصان بلا تلاقح لا تثمر ...والزيتون شاهد دائم الخضرة صيفا وشتاء ....ويستمر اخضراره مئات السنين. لا يخشى الرياح ولا النار ولا الأمطار....هو اكثر الصامدين في وجه الاعتداء ....المختصر لملحمة المقاومة والصمود.....لا يشبهه غير شهيد ...يسلم المفتاح لشهيد...وشهيد يسلمه لمقاوم لا يغادر ولو مادت الارض واغارت عليه المياه ..