انا والعصا .
قلم : ذ . محمد همــشة
وانا جالس فوق سطح منزلي ،وكان الجو معتدلا ،وفجاة رايت على بعد مني منازل متراصة لم تكن موجودة منذ غادرت بلدتي من اجل العمل كمعلم اولا ، وكاستاذ من بعد ، بالمجال التعليمي التربوي ... واذا بزاوية بالقرب من مكان جلوسي ،تنتصب عصا من شجر البلوط ، وقد تغير لونها حتى اصبحت داكنة وشاحبة . تبدو وكانها قد هرمت هي ايضا . فقمت إليها وقد عادت بي الذاكرة ، الى ايام استعمالها في مٱرب ومنذ زمان ، كانت تخصني في شبابي وفتوتي حتى كادت سنينا لا تفارقني كلما شعرت بغضب او تحقير من احد الموظفين المتغطرسين الإنتهازيين ، الذين ينسون انهم في خدمت الشعب وإسعاده . لكن هؤلاء المتجبرين يسبحون عادة ضد التيار الديموقراطي السليم . وكلما خطوت خطوة في إتجاهها محاولا التاكد هل هي فعلا عصاي المناضلة ! ! ! الا وتحركت وكانها تريد الفرار مني . وبخفة ولباقة امسكتها من ذيلها ورفعتها قبالة اعيوني ، فنطقت قائلة : ماهذا الغياب الطويل يارفيقي ؟. قلت الحمد لله اني عثرت عليك ؛ فمنذ زمان وانا ابحث عنك ، في كثير من الاماكن . قالت هنا وضعتني ولم تعد لي بصفة نهائية ، واضفت متحدثا معها ، ومستفسرا عن حالها وما جرى لها ، منذ فراقنا الطويل قالت: وهي تلتوي تارة ذات اليمين وتارة ذات اليسار : الم تعد يساري مثل ما كنت زمان سنوات الرصاص ؟. وكان هذا السؤال قد هوى علي كطلقة بندقية مسددة الى هدف معين قلت متلعثما : بلى لازلت يساريا محتشما ، لاني كبرت ولم اعد اجد من رفاقي القدماء من اقف بجانبه ويقفبالقرب مني ايضا ، رغم ان هناك ٱخرين منهم من لازال يدافع ويكافح من أجل سعادة الطبقة الكادحة والعاملة . قالت: كبرت وهرمت ما هذه النزوة الانتهازية التي اشم راىحتها في اقوالك .قلت : مهدئا إياها خوفا ان تنزل علي بضربة قد تكون هي النهاية لحياتي العادية . قالت: صحيح انتشر وباء الانتهازية في كل مكان وبين كل افراد المجتمع حتى تراجع النضال وتوقفت المسيرات السلمية ، ولم يعد اي احد يفوه ببنت شفة غضبية ثائرة ، وطلبت مني ان اضعها متكئة على باب خشبي بالقرب مني ولما وضعتها تلطخ جزء من جسدها بدموع حارة قائلة وبلهفة حارة : مات النضال وكثر المتبجحون الوصوليون الانتهازيون بالدفاع عن المظلومين والمقهورين ؛ وهم في حقيقة الامر يحتالون من اجل حماية مصالحهم الشخصية . حتى غدا المجتمع كله بؤرة الفساد والغش ، والتحايل على ضعاف الفكر والمغلوبين على امرهم . ولولا هذه الوقفات الرائعة التي يقوم بها رجال ونساء التربية والتعليم في كل جهة من جهات وطننا المقموع تحت تاطير وإشراف التنسيقيات بشتى انواعها المناضلة ، من اجل إحياء الكرامة والشهامة التي فقدناها منذ سنوات الرصاص ، فتنهدت وطلبت مني ان اضعها بزاوية بالقرب مني ، ولما اخذت نفسا طويلا رغم شحوبة وجهها . نطقت بحماس وبصوت عال ، وقد تهللت ملامح وجهه ا قائلة : قريبا ان شاء الله سيكون الفرج ونصبح احرارا نتمتع بالكرامة والشهامة ...
واسترخت بين يداي وسمعتها وقد بدا الكرى يغلبها تردد : الحمد لله ان لنا تغييرا جديدا يلوح في الفضاء القريب