دمنات : "الإمام الهبطي" يهبط قسرا بمسجد أرحبي
أو
عندما يطال الإقصاء أسماء علماء وفقهاء وقراء دمنات
بواسطة : نصر الله البوعيشي
استوقفتني هذه اليافطة :" الكتاب القراءني الإمام الهبطي " المعلقة بواجهة جدار المدرسة القرءانية الملحقة بمسجد ارحبي، وتساءلت عن دواعي هذا الأختيار وعن مببرراته ، كما تساءلت عن المعايير التي تم الإستناد عليها في اختيار هذا"الإسم " ؟ ولماذا لم يطلق اسم احد أعلام دمنات على هذه المدرسة /المعلمة الشعبية التي ساهمت في تكوين حركة علمية لعبت دورا محورياً عم جل مناحي ومشارب الحياة الاجتماعية والدينية بدمنات طيلة عقود ؟
هذه الحياة التي لم تكن تختلف في شيء عن الحياة التعليمية في المناطق المغربية الاخرى سواء من حيث فرص التعليم او مضمونه او الاخلاق المرتبطة به .ويتضح هذا جليا عندما نقارن بين وصف الغجدامي للحياة التعليمية في اينولتان وبدمنات تحديدا وبين ما جاء في ارجوزة في موضوع آداب التعليم والتعلم وضعها في القرن الثامن عشر العربي بن علي المساري وشرحها احمد بن المامون البغيثي في كتابه "الابتهاج بنور السراج".
فعلى غرار جل مدن المغرب وقراه كانت اماكن التعليم بدمنات هي الكتاتيب الملحقة بالمسجد والجوامع والمدارس ففي كل قرية كان مسجد وكتاب يتعلم فيه الاطفال وهو عبارة عن حجرة من حجرات المسجد يتحلق فيها الصبيان امام المعلم وقد يحتوي على حجرات اخرى لايواء من قدم من آفاق بعيدة، وكانت بعض هذه الكتاتيب تعلم العلوم الفقهية واللغوية و الروايات القرآنية كذلك وهي القراءات السبع او العشر وهي تنسب الى القراء وهم نافع وابن كثير وابو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وابو جعفر ويعقوب وخلف وينسب بعضها الى رواتها في المغرب حيث اشتهر ورش
و لاعتبارات عدة وفي مقدمتها نشر العلوم الشرعية واللغوية والمعارف الأدبية والعقلية والكونية، ظهرت بدمنات مدارس عتيقة خلال القرون الماضية كملاحق لبعض المساجد يلقن فيها العلم وتحفظ فيها المتون وبعض المخطوطات والوثائق من بينها مدرسة مسجد القصبة ومدرسة مسجد ارحبي ومدرسة اخرى بمسجد الغرباء لم يبقَ منها إلا مدرسة ارحبي التي اعيد بناؤها حديثا واصبحت كتابا يحمل اسم " الإمام الهبطي " كما هو مبين في اليافطة المعلقة على واجهته .
وتعتبر المدرسة القرءانية الملحقة بمسجد ارحبي معلمة علمية يحج إليها طلاب العلم من كل فج عميق للنهل من معينها الذي لا ينضب والتزود بأخلاق علمائها، ويحمل كل متخرج منها لقب "الطالب".
وكان المعلمون يجمعون بين القراءات والعلوم الشرعية واللغوية كما كانوا في نفس الوقت ائمة المساجد ومؤذنوها وخطباؤها كما كانوا يقومون بعدد آخر من الوظائف كالاشراف على بعض المناسبات كعقد النكاح والختان كما يقومون مقام نظراء الاحباس في الاشراف على تدبير شؤون الاملاك المحبسة ....
وكان تمويل هذه المدارس يعتمد على هبات المحسنين وعلى ما يقدمه الأهالي من أعشار الزكاة للمحافظة على استمرار دورها في نشر العلم وتقعيد الفقه وأصوله. كما كانت بمسجد ارحبي اماكن لايواء الطلبة وكانت بعض الأسر الدمناتية تطعمهم وتنفذ لهم " رتبيات " )الرتبية او ترتبيييت هي الوجية الغذائية التي تتعهد اسرة او عدة اسر بتخصيصها لطالب علم طيلة فترة دراسته في المدارس القراءانية .وقد اندثرت عرف " الرتبية" وعرف " الشرط" كذلك بعد أن اصبحت وزارة الأوقاف تقدم دعما ماليا للقيمين الدينيين خلال السنوات الأخيرة، في إطار الإجراءات المتخذة لإعادة هيكلة الحقل الديني، جعل بعض الناس يتراجعون عن منْح ما كانوا يقدّمونه للأئمة والمؤذنين كما ان طلاب العلم بالمدراس القراءانية اصبحوا يتمتعون بمنح و مساعدات توفر لهم الغذاء والمأوى تمنكهم من التفرغ لتحصيل العلم ..(
كانت وسائل التعليم بمدرسة ارحبي تنحصر في لوح خشبي كما كان استنساخ الكتب المخطوطة باليد الوسيلة الاولى لتحصيلها بسبب قلة وسائل النشر .
وتعد العلوم النقلية من أبرز العلوم التي تدرس بها ، من فقه وأصول الحديث وتوقيت وتفسير ومبادئ الشريعة الإسلامية وقواعد اللغة العربية، وتفتح المدرسة ارحبي ابوابها في وجه كل راغب في حفظ الفرقان والأحاديث ودراسة العلم والتمكن من المتون بشرط الالتزام بالأخلاق الحميدة والانضباط وحسن السلوك واحترام الشيوخ والطلبة. يسهر الشيخ المعلم على تطبيق برنامج "علمي"، بغية تكوين الطلبة تكوينا متينا وجعلهم ضالعين في العلوم وأصول الدين. ويوقر الطلبة شيخهم ويعاملونه باحترام منقطع النظير، ويمارس الشيخ المعلم سلطة على مريديه وتلامذته.وتنص بنود الأعراف المتواترة في أغلب المدارس العتيقة بالمغرب ومنها كمدرسة ارحبي والقصبة على:
ضرورة أداء الصلوات الخمس جماعة في مسجد المدرسة،
تلاوة الحزب ـ الراتب - جماعة، صبحا ومساء،
حضور الدروس بانتظام واحترام الوقت المحدد لها وعدم التخلف عنها إلا بعذر شرعي،
مراعاة التحلي بالأخلاق الحسنة والحميدة وعدم اقتراف أي فعل مشين يسيء إلى سمعة المدرسة.
جعل علاقة الطلبة مبنية على الاحترام المتبادل وشيوع الأخوة والمحبة والنصح في ما بينهم،
بعد أن يفلح الطالب في حفظ كتاب الفرقان يُحتفى به ويوجه لدراسة العلم إلى أن يتمكن منه، ثم يأذن له الشيخ بالرحيل للتدريس في أي مكان بعد أن يمنحه شهادة تجيز له نقل العلم والتدريس.
ومن اشهر خريجي مدرسة أرحبي القرءانية الفقيه سيدي احمد بوعبيد امام مسجد القصبة وخطيب الجمعة بمسجد ارحبي . الفقيه أحمد تزغارت امام مسجد زاوية دلائل الخيرات بدرب الجديد بدمنات ، الفقيه احمد بيسابي امام مسجد سيدي حداني بدمنات ، الفقيه محمد المازني امام مسجد أحفور بآيت فلالاض ، و الفقيه المؤذن الشباني العربي مقدم زاوية دلائل الخيرات ومؤذن مسجد حي الصناع بدمنات وكلهم على قيد الحياة يؤدون رسالتهم الدينية على الوجه الاكمل جزاهم الله عن المسلمين كل خير وجعل ذلك في ميزان حسناتهم ومن أشهر الخريجين فقهاء وائمة المتأخرين الذين توفاهم الله نذكر منهم على سبيل المثال الفقيه مولاي عبد الرحمان بوستة ، و الفقيه مصطفى أحبار المعروف بلقب أمكَون وقد سبق له أن نظم قصيدة مطولة في مدح شيخه المرحوم مولاي الجيلالي بوستة تحت عنوان " جنان الورد " يقول في مطلعها :
سعد الخلق بالرسول نــــــــبيا وكذا الآل بعد قطفا جنيا
سيدي ومولاي باسم الجيلاني أرجو ان العلوم تاج يماني
إلى أن يقول
أنت قطب الورى وحرز المعاني أنت غيث السماء وجود المعاني
بارك الله والمـــلائك عـــــــــــهدا قــد نذرت لـــه وأنجزت وعــدا
كما تخرج من هذه المدرسة اطر عليا تشتغل في الادارة المغربية نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر حسن برادي مهندس دولة، وناصر اخيش مفتش التعليم وغيرهم كثير ممن اختاروا سبيل نشر العلم أو المهن الحرة وفق الله الجميع .
ومن أشهر العلماء و الفقهاء الذين تولوا التدريس بمسجد ارحبي نذكر حسب التسلسل التاريخي :
العلامة القاضي الفقيه سيدي محمد بن حم كرداس كان يدرس بها رسالة ابي زيد
العلامة القاضي سيد احمد كرداس
الفقيه الحاج عبد السلام كرداس تولى كذلك الخطبة في مسجد ارحبي
العلامة سيدي احمد بن المدني السرغيني المراكشي تولى الخطبة
الفقيه العلامة الحاج ابراهيم الفتاوي الامام الراتب والخطيب
الفقيه العلامة الحاج احمد نجيب الفتاوي صاحب كتاب القول الجامع في تاريخ دمنات وما وقع فيها من الوقائع
الفقيه العلامة الحاج مولاي الجيلالي بوستة
الفقيه الحاج مولاي عمر بوستة اخ مولاي الجيلالي
ومن اشهر العلماء الذين درسوا العلم بالمدرسة الملحقة بمسجد القصبة :
العلامة المحقق اللغوي النحوي سيدي احمد الأجلاوي
العالم الأديب مولاي الحسن السكراتي
الفقيه العلامية البركة سيدي محمد أكَنكَاي
الاستاذ المكي بومصاض الوودنوستي حافظ القراءات العشر
الأستاذ سيدي محمد بن سيدي الحاج ابراهيم الحاحي الدمناتي وهو أخ الحاج احمد المعروف بنجيب صاحب كتاب" القول الجامع في تاريخ دمنات وما وقع فيها من الوقائع" وله المام تام بالفقهيات بالاضافة الى حسن تفوقه في القراءات وقد تحرج على يديه عدد كبير من الطلبة .و كلاهما درسا بالقصبة وارحبي .
السؤال الآن موجهة للجهة المكلفة باختيار الأسماء ، لماذا لم يطلق اسم احد هؤلاء العلماء والفقهاء الدمناتيين منهم بالخصوص على هذه المدرسة واخص بالذكر منهم الفقهاء من عائلة كرداس التي انجبت زمرة من العلماء والفقهاء والقضاء جابت سمعتهم الآفاق وتحدت حدود المغرب الى المشرق نذكر منهم سيدي محمد بن حمو كرداس و سيدي محمد بن محمد بن حمو كرداس ، و سيدي احمد بن محمد بن حمو كرداس ،و ابو حفص عمر ابن الشيخ سيدي محمد بن حمو كرداس و الفقيه العدل الحاج عبد السلام كرداس ...أوفقهاء من أسرة الحاج ابراهيم الحاحي الدمناتي المعروفين بلقب الفتاوي الغنية عن التعريف في مجالات الامامة والخطابة والقراءات والمتون وعلوم الآلة وغيرها من دروب العلوم الدينية والشرعية. او من الاسرة العدلونية التي كان لها ذكر خلال القرن الثالث عشر الهجري ) (القرن19 م ) بكل من مدينة دمنات ومدينة مراكش نذكر منهم العدلوني محمد بن عبد القادر بن عبد الرحمان ومولاي علي بن محمد العدلوني الدمناتي و محمد بن علي بن محمد العدلوني الدمناتي وهذا الاخير له كتاب " تاريخ دمنات" في مجلدين ( يجهل مصير هذا المؤلف) .....
لماذا لا يتم اطلاق اسم خطيب المسجد الاعظم بدمنات /مسجد القصبة " ، الفقيه الجليل العلامة التقي النقي الشريف المرحوم مولاي الجيلالي بوستة شريف النسب سليل اسرة دمناتية عريقة من حملة القرءان أبا عن جد ، الذي كان مسؤولا عن تدريس العلم بالمدرسة القرءانية بمسجد ارحبي الذائعة الصيت لعدة عقود والتي كانت تعج بطلبة العلم وحفظ كتاب الله كبارا وصغارا القادمين اليها من مختلف مناطق المغرب ، تخرج على يديه العشرات من المنتسبين لهذه المدرسة من دمنات والنواحي واقتحموا مختلف مجالات الحياة وابلوا في ذلك البلاء الحسن بفضل علمه وتوجيهاته وتشرفت بذكر اسماء بعضهم اعلاه . كان كتاني الطريقة وكان يلقب ب:" الطالب أختار " وتعني :" الفقيه او العلامة الكبير " وذاك لغزارة علمه وقوة حجته وتواضعه كما كان يقوم في نفس الآن - رحمه الله - مقام ناظر الاحباس بدمنات ،و كان معروفا في اوساط العامة والخاصة بالنزاهة والاستقامة وصفاء السريرة مما اضفى على شخصه هبة و وقارا وكان منفتحا على جميع فئات المجتمع صغارهم وكبارهم فقيرهم وغنيهم لايثنيه عن قول الحق سلطة ولا جاه ، توفي في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي تغمده الله برحمته الواسعة واسكنه فسيح جنانه . له مؤلفات عديدة في شتى المجالات ، وكان من الاولى والاجدر ان تحمل هذه المدرسة اسمه تكريما وتخليدا لاسمه وعرفانا لعطائه .
فلماذا تجاهلت الجهات المسؤولة على اختيار اسم هذا الكتاب على كل هذه القامات العلمية الدمناتية ؟ انا اعتقد ان اطلاق اسم الإمام الهبطي على هذا الكتاب غير موفقة وهذا ليس انتقاصا من القيمة العلمية لعبد الله بن محمد الهبطي المعروف بورعه واتباعه للسنة وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، ولكن لان دمنات انجبت كبار العلماء والفقهاء والقراء ولاعلام المشهورين و المميزين الذين وضعوا بصماتهم على صفحات تاريخ العلم ويستحقون ان يوثق تاريخهم عرفانا بعطائهم في مجالاتهم وتخليد لأسمائهم في ذاكرة الأجيال، و هم اولى واجدر بان تطلق اسماؤهم على بعض المساجد او المدارس او الكتاتيب القرءانية، وفيما يلي اسماء بعض أبرز علماء دمنات الذين أثروا العلم وأثروا بجهودهم العلمية فيمن بعدهم:
العلامة الزاهد سيدي علي بن سليمان الدمناتي الوودنوستي البوجمعاوي
ولد بقرية ايت بوجمع بتاودانوست بدمنات في 1234 هـ 1819م و توفي بمراكش في 1306 هـ / 1888م،الذي أجمعت المصادر على انه عالم من كبار علماء المغرب وفقهائه ، عالم متضلع وفقيه محدث ومؤرخ مدقق ومفسر متبث وشاعر متمكن من ناصية القول الفني أعجوبة الزمان في كثرة التصانيف والانكباب على تدريس العلوم ، المحيط بمنقولها ومعقولها ، الف التأليف العديدة ناهزت 60 مؤلفا في كل فن واختصر المصنفات وطبع منها كثيرا وكان يفرقها مجانا رغبة في انتشار العلم " له دراية عجيبة بتدريس مختصر الشيخ خليل وألفية ابن مالك والأصول والبيان ..وله ديوان شعر ضخم عنونه ب:" حلي نحور حور الجنان في حظائر الرحمان " في الامداح النبوية وهو عبارة عن قصيدة واحدة مطولة أشبه ما تكون بالملحمة .
أثنى على العلامة الدمناتي غير واحد من العلماء منهم:
حلاه العباس بن إبراهيم التعارجي بقوله: “الإمام العارف الغارف، أعجوبة الزمان في كثرة التصانيف، والإكباب على تدريس العلوم ، المحيط بمنقولها ومعقولها، الجامع، الرحالة، الراوية، المسند المحدث، الناظم، الناثر، القانت، العابد، الخاشع”
وقال عنه عبد الحي الكتاني: “الفقيه، المحدث، الصالح، البركة، الناسك، صاحب التآليف العديدة، ولي الله”
ووصفه المختار السوسي بـ : ” العلامة، المحدث، الصوفي”
الفقيه العلامة ابو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الرحمان الكرولي الدمناتي الكيكي " أًوكًيكً" صاحب كتاب :" مواهب ذي الجلال في نوازل البلاد السائبة والجبال"،
وأول ما ينبغي التنبيه هو أن نسبة المؤلف بلغة بلده" أوكيك" تعني الكيكي نسبة الى بلد كيك بكسر أوله وسكون آخره ، وكيك اسم قديم مذكور عند البيدق صاحب اخبار الموحدين ، وعند غيره ، والكيكي ليست بكافين معقودين كما توهم صاحب:" دليل مؤرخ المغرب ". أما دار استقراره فهي قرية من بلد كرول من قبيلة اينولتان على سفح جبال الأطلس قريبا من دمنات
وردت ترجمته عند امحمد بن عبد الله الخليفتي في كتابه " الدرة الجليلة في مناقب الخليفة" وقال عنه : " ومنهم سيدي محمد بن عبد الله الكيكي الفقيه العلامة الدراك الفهامة أحد تلامذة الشيخ ابي العباس بن ناصر .وكان فقيها عالما متعلما عاملا بعلمه ملازما لتدريس العلوم وبثها لمن أرادها منه وقد ألف الكتاب المسمى ب:" العنوان أن ليس الخبر كالعيان "وقد ترد عليه الأسئلة من كل ناحية ، كان يقطن بداره بجبل " كرول"
أما تاريخ وفاته فليس في حدود السبعين ومائة والف كما ذكر مؤلف " الدرة الجليلة" وإنما هو الذي ذكره صاحب الأعلام أي 1185 ه فهو قد أنهى تأليفه هذا في موضوع الحيازة في البلاد السائبة عام 1178 ه ،
تكمن أهمية كتابه في كون تحدث فيه بحرارة وجرأة عن هذه النازلة في سياق عصره وفي حدود بلده ومن زاوية عمله الشخصي، وبذلك يعطي خطاباً فقهياً قابلاً للاستنباط التاريخي، وتضاف إلى هذه المعطيات التي طالما افتقدها من يريدون الاستفادة التاريخية من النوازل، وهكذا فقد أتاح الكيكي لقارئ كتابه هذا إطلالة على جانب من "وضعية المرأة" في هذا الوسط القبلي المتعيش من إمكانات قليلة من الزراعة والرعي، فيذكر أنهن لا يبلغن حقوقهن وأنهن مضطرات إلى التزوج من الأقارب، من أبناء الأعمام وغيرهم، لكي لا يدخلن وارثاً أجنبياً (يذهب بجزء من الثروة التي جمعت بالكد والتقتير)، وإن أهل تلك البلاد يجتهدون في حرمانهن من الإرث قديماً وحديثاً، وأن أولياء النساء يأكلون صداقهن، وأن الأزواج يتجاوزون الحد في تأديبهن، فالعرف القبلي متواطئ في جوانب من هذه التجاوزات لأن من هرب بامرأة ووضع عليها اليد يستحقها بعد دفع ذعيرة لشيخ القبيلة...بسبب حالة الشغور أو حالة العجز والفساد اللتان تقعان في البوادي خاصة وفي الجهات النائية والجبال والوعرة منها على الأخص، فتترتب عنهما حالة "السيبة"،التي تكون المرأة أول ضحاياها .
الأديب الفاضل العلامة والرحالة أبي حامد العربي بن محمد الدمناتي(توفي سنة 1248هـ)،
صاحب كتاب "سمط الجوهر في الأسانيد المتصلة بالفنون والأثر”
هو أبو حامد العربي بن محمد الدمناتي الأصل، الفاسي الدار والمنشأ، ويكنّى أيضا بأبي التوفيق، أخذ العلم عن كبار علماء عصره كالمولى سليمان والأديب حمدون ابن الحاج وغيرهما، كما أخذ عنه العلم هو خلق كثير.
كان كاتب السلطان، وهذه مهمة وخطة لا يتولاها إلا من كان على قدر كبير من العلم والفهم والأدب كما كان من كتاب ديوان المولى عبد الرحمن ابن هشام، أو كانت له حظوة مستمرة لدى السلطان، توفي رحمه الله عام 1253هـ/ 1837م..
تعريف كتاب “سمط الجوهر في الأسانيد المتصلة بالفنون والأثر”.
الكتاب عبارة عن فهرسة ذكر فيها المؤلف أسماء شيوخه الذين أخذ عنهم العلم وانتفع بهم، كما ضمّنها أسانيده والكتب التي رواها عن شيوخه، والتي كانت تمثل أنذلك البرنامج الدراسي والمقرر العلمي الذي ينبغي لطالب العلم أن يتدرج في إطاره.
فالكتاب إذن فهرسة نفيسة، والفهارس عموما وتسمى أيضا البرامج والمشيخات نوع من الكتب يذكر فيها المؤلف أسماء الشيوخ الذين أخذ عنهم العلم والكتب التي درسها عليهم، وقد تتضمن إشارات تاريخية واجتماعية مهمة جدا قد لا نعثر عليها في غير هذا الصنف من الكتب.
ألفت هذه الفهرسة في النصف الأول من القرن الثالث عشرالهجري، أي في عهد السلطانيين الجليلين سيدي محمد بن عبد الله ونجله مولاي سليمان، فكانت بذلك انعكاسا مباشرا للحركة العلمية والثقافية التي نشطت في هذا العصر.
ذكر رحمه الله في هذا الكتاب 62 شيخا أخذ عنهم وانتفع بهم سواء في المغرب أم المشرق، ووصل عدد الكتب التي رواها عنهم وذكرها في هذه الفهرسة إلى 141 كتابا في سائر العلوم وأصناف الفنون.
وتكمن أهمية هذه الفهرسة.في احتوائها على العديد من الأحاديث النبوية من مصادر متعددة وكثير من المعلومات التاريخية المهمة وضبطها الروايات والكتب والمصنفات ضبطا جيدا وحفظت طرق الأخذ والسماع كما تضمنت ترجمة لبعض الشيوخ والعلماء.
الكتاب تعطة كذلك صورة واضحة المعالم عن الحالة العلمية والاجتماعية والاقتصادية لمغرب القرن الثالث عشر، وهي الفترة التي سبقت الإستعمار الفرنسي، مما يجعل منها نافذة مهمة للباحث في تاريخ المغرب. كما سجل بكل فخر واعتزاز تضامن المغرب مع الجزائر إثر محنة الإستعمار، حيث قال في هذا الصدد “ومن أهل ثغر الجزائر قطع الله عنها دابر العدو الكافر”. وبالاضافة الى كل ذلك فقد تضمن إشارات إصلاحية مهمة لتقويم سلوك الناس.
إن هذا النوع من الكتب لهي من الأهمية بمكان، إذ يلتقي فيها ما هو علمي بما هو ثقافي، وما هو اجتماعي بالذي هو اقتصادي، إنها سجلات تاريخية طافحة بالمعارف والمعلومات النادرة التي قد لا نجدها في غيرها من الكتب.
الحجوجي محمد بن محمد الحسني الفاسي الدمناتي
محمد بن محمد الحجوجي هو العالم العلامة المحدث المدرس المطلع كانت ولادته يوم الخميس السابع والعشرين من شهر رمضان عام 1297 /2 شتنبر 1880م دخل الى القرويين لطلب العلم سنة 1315 ه 1897/ م فتخرج عالما محدثا مشاركا واديبا وشاعرا و صوفيا. درس بفاس بالزاوية التجانية الكبرى وفي مسجد الديوان وقد جمع ذلك في فهرسة سماها "نبل المراد في معرفة رجال الاسناد".
سبب انتقاله الى دمنات
نزل الفقيه الحجوجي بدمنات لدمنات قصد حضور حفل زفاف ولده مولاي أحمد من ابنة الحاج عمر الكلاوي وبعد هذا الحفل بأسابيع توفي مقدم الزاوية التجانية ونظرا لأنه كان من المرموقين المتفانين في خدمة الطريقة التجانية ومن اعظم رجالها فقد طلب منه أهل الطريقة التيجانية بدمنات تولي مهمة مقدم زاويتهم وهكذا شاءت الأقدار ان يستقر الفقيه سيدي محمد الحجوجي بمدينة دمنات ... واقام بها حيث تصدى لنفع العباد وتربية المريدين بالزاوية التجانية مع إلقاء دروس الوعظ والإرشاد وتدريس بعض كتب الحديث كالصحيحين . الى أن توفي رحمه الله عند فجر يوم الأحد ثالث جمادى الثانية عام 1370 الموافق 11 مارس 1951 ودفن بالزاوية التجانية بمدينة دمنات. كان العلامة الحجوجي فضلا عن انشغاله بالتدريس وبنسخ الكتب طويل النفس جال يراعه في ضروب كثيرة من العلوم و كان له ولع كبير بالتأليف والتحرير، حتى بلغت مؤلفاته اثنين وتسعين كتابا في التفسير وفي الحديث وفي علم التعديل والجرح وفي علم الشمائل والسيرة وفي الادب وفي علم الفقه وفي علم التصوف والتراجم وفي الفهارس وفي علم النحو وفي علم الانساب مؤلفات تجعل الحجوجي في مصاف محدثي وحفاظ المغرب في القرن المنصرم.
الشيخ الجليل سيدي ابراهيم نعوم الدمناتي
الشيخ الجليل سيدي ابراهيم نعوم الدمناتي من علماء المغرب مختص في القراءات القرآنية والرسم القراني والتشابه في القران الكريم ، الشيخ من فقهاء ومؤسسي ومدرسي مدرسة الفتح الخاصة للتعليم العتيق بمكناس المغرب
عرف الشيخ بموهبته في كتابة نسخ من القرآن الكريم يتقنها بإبداع بخط يده، يذكر أن وزن المصحف الذي كتبه المرحوم سنة 2002 بالخط المغربي الأصيل بقلم القصب التقليدي ومداد مصنوع من صوف الغنم والزعفران وعصير بعض النباتات، وعدد اوراقة 680 ورقة وغلافه مصنوع من جلد الابل ويزن 41 كيلوغرام ويوضع على كرسي من وزن 61 كيلوغرام، ويبلغ 110 سنتمترا من الطول، كما استغرقت كتابته 130 يوما
له مؤلف " السطر الفوقاني في رسم واتقان كلمة القرآن في دقة ووزن وضبط علوم القرآن" وهو من تقديم الأستاذ محمد بن عبد الله الفولي. كما يعتبر من الشيوخ المعتمدين في جماعة التبليغ والدعوة إلى الله العالمية.
انتقل الداعية إبراهيم نعوم المعروف بالدمناتي إلى جوار ربه، عن سن تناهز 73 سنة، يوم الاثنين ثاني أيام رمضان المعظم ل 1433هجرية الموافق ل23 يوليوز 2012متغمده الله برحمته الواسعة واسكنه فسيح جنانه وجزاه خيرا على ما قدم لهذه الامة .
محمد اللاّنجري الدمناتي
محمد بن عبد الكبير اللاّنجري الدمناتي كان وزيرا عالما مشاركا مدرسا مفتيا نوازليا، له تآليف منها:
طوالع الحسن واتباع السنن بظهور رؤية سيدنا وأميرنا مولانا الحسن، في تاريخ الدولة الحسنية في مجلد، وله مطالع السعادة في فلك سياسة الرياسة؛ أو سياسة العقول وسياسة النقول، أو السياسة بمجرد العقول وسياسة مؤيدى النقول، إلى غير ذلك من التآليف والتقاييد. توفي بفاس ودفن بالقباب خارج باب الفتوح.
وهذه لائحة اخرى لبعض علماء وفقهاء دمنات لا يتسع هذا الحيز لجرد ترجماتهم ونكتفي بذكرهم بالاسم :
الشيخ العالم العلامة الكفتي سيدي محمد بن عبد القادر الصفريوي الدمناتي
الفقيه الصوفي سيدي احمد اعيسى الحروني
الفقيه سيدي محمد ازناك الدمناتي الإحياوي) يعني من سكان دمنات داخل السور(
الفقيه سيدي محمد بن عزيزي الناصري بتغرمين
سيدي امبارك نايت الطالب بتغرمين
سيدي احمد بن الشافعي الدمناتي
الفقيه الشريف سيدي محمد بن مولاي عمر نايت احيا الشتاشني البوعيساوي
القاضي سيدي محمد بن مبارك الدمناتي الوودنوستي
الفقيه سيدي قاسم بن محمد بن مبارك الدمناتي الوودنوستي
سيدي علي بن الحسين الدمناتي من بني جنون ) ايت أكنون(
المكي بن الحاج محمد بن علي ابراهيم الهتوني
السيد ناصر نايت الحاج عبد الله السوري ) يعني من سكان دمنات خارج السور (
السيد حمادي الوودنوستي بايت الشرع
السيد احمد المختار بايت زودمن ) تاودانوست(
السيد مسعود مولاي الشيخ السيد ابراهيم نايت على اولمحجوب الدمناتي الوودنوستي
علي بن عبد القادر العلمي الدمناتي الحسني، العلامة المفتي القاضي بأحواز مراكش. له شرح على الحكم؛ وشرح على صلاة شيخه محمد بن عبد الكبير الكتاني المسماة بالنموذجية، إلى غير ذلك من التآليف.
ألا يوجد من ضمن كل هؤلاء الأعلام علم واحد يستحق أن يخلد ذلك الكتاب اسمه ؟ سؤال لا ننتظر له جوابا لاننا نعلم ان نصيب هذه المدينة و المنطقة برمتها هو التهميش والإقصاء ولوفي امور تعتبرونها أنتم شكلية ولكنها عندنا لا تقدر بثمن ؟
-------------------------------------
المراجع :
1. فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات ، عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني.تحقيق احسان عباس
2. الدرر المرصعة بأخبار أعيان درعة / لمحمد المكي بن موسى بن ناصر الدرعي ؛ تحقيق محمد الحبيب نوحي .
3. دليل مؤرخ المغرب الأقصى ، ابن سودة، عبد السلام بن عبد القادر،
4. فقه النوازل في الغرب الاسلامي نحو مقاربة تأصلية ،د جميل حمداوي
5. كتاب” إجازات للعلامة الدمناتي من قبل شيوخ مشارقة” تحقيق محمد عيسوي، مكتبة الطالب، وجدة، المغرب،
6. سمط الجوهر في الاسانيد المتصلة بالفنون والأثر " تحقيق د. محمد أفيلال /الكتاب في 154 صفحة
7. الاعلام بما حل بمراكش وأغمات من الاعلام ،عباس ابن ابراهيم المراكشي .
8. -الفتح الرباني في ما يحتاج إليه المريد التجاني ، محمد الطسفاوي التيجاني ، ص 6.
9. ابن سودة، اتحاف المطالع
10. فتح الملك العلام في تراجم بعض علماء الطريقة التجانية الأعلام ل بواسطة أبي عبد الله محمد بن محمد/الحجوجي
11. سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لابن سودة
12. موسوعة اعلام المغرب بيروت 1996، 9ء3259.3258 ؛
13. الأعلام - ج 7 - محمد بن قاسم - نافع بن الحارث
14. ص84 - كتاب الأعلام للزركلي - ابن الموقت - المكتبة الشاملة الحديثة
15. كتاب في النهضة والتراكم لمجموعة من المؤلفين المغاربة
16. " السعادة الابدية بمشاهير الحضرة المراكشية " لجامعها علامة زمانه وفريد عصره وأونه العلامة الفاضل الشيخ محمد بن محمد بن عبد الله بن المبارك الفتحي المراكشي الموقت بجامع ابن يوسف وقته الصفحة 118
17. المعسول ، المختار السوسي 18/77 .
18. ذ. نور الدين ناس الفقيه /باحث من كل الاداب /جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس :" كشف الران عن أسرار الحقيقة المحمدية ووحدة الوجود ووحدة الشهود
19. السراج المنير لمقاصد الشيخ ماء العينين في التفسير الدكتور محمد ماء العينين الشيخ طالب الأخيار
20. موسوعة اعلام المغرب، تنسيق وتحقيق ذ.محمد حجي .
21. موقع الرابطة المحمدة للعلماء مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة
22. اتحاف المطالع بوقيات القرن الثالث عشر والرابع 1171-1400ه/1756- 1980تاليف عبد السلام بن عبد القادر بن سودة
23. كتاب " الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام " عباس بن إبراهيم السملالي المراكشي المالكي.،
24. دوحة الناشـر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر محمد ابن عسكر الحسني الشفشاوني، تحقيق: محمد حجي،
25. درة الحجال في أسماء الرجال أبي العباس أحمد بن محمد المكناسي الشهير بابن القاضي (960-1025هـ) تحقيق محمد الأحمادي أبو النور
26. الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى لأبي عباس أحمد بن خالد الناصري: تحقيق وتعليق: جعغر الناصري ومحمد الناصري
27. الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين محمد حجي ج:2 ص: 466.
28. شجرة النور الزكية في طبقات المالكية محمد بن محمد مخلوف دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ص: 274.
29. المعرب الفصيح عن سيرة الشيخ الفصيح الهبطي محمد الصغير ص: 7