سبينوزا ببساطة
بقلم : عبد المجيد طعام
سنحاول أن نعرف الفيلسوف باروخ سبينوزا ببساطة انطلاقا من أحد أهم أعماله الذي لا يمكن الاستغناء عنه، أي من خلال كتباه الأخلاق Éthique – Ethics
في كتابه الأخلاق طور باروخ سبينوزا رؤية للعالم تقوم على تفسير جميع الظواهر الطبيعية والبشرية من خلال قوانين السببية. كما سعى إلى تقديم نظام للقيم قائم على العقل .
كتاب الأخلاق، أو “إيتيقا” كما يُعرف باللاتينية (Ethica)، هو أحد أهم أعمال الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا. نُشر لأول مرة عام 1677، بعد وفاته ، ويعتبر من أهم النصوص الفلسفية التي تناولت مسائل الأخلاق، والميتافيزيقا، وفلسفة العقل، والنظرية السياسية.
في هذا الكتاب، يعتمد سبينوزا منهجًا رياضيًا في طرح أفكاره، حيث يستخدم بنية منطقية وأسلوبًا استدلاليًا شبيهًا بما استخدمه إقليدس في ليقدم سلسلة من التعاريف، والبديهيات، والنظريات، والبراهين.
أحد أبرز مفاهيم الكتاب هو مفهوم “وحدة الجوهر”، حيث يرى سبينوزا أن كل الوجود ينبع من جوهر واحد، هو الله أو الطبيعة ، هذا المفهوم يؤدي إلى فكرة “الحتمية” حيث يرى أن كل شيء في الكون يتبع قوانين ضرورية، وبالتالي لا يوجد مكان للإرادة الحرة بمعناها التقليدي ، من بين النقاط الأخرى المهمة التي تطرق لها سبينوزا نذكر :
- نظرية المعرفة، حيث يميز بين المعرفة الحسية والمعرفة العقلانية والمعرفة الحدسية.
- الأخلاق والسعادة، حيث يعتبر أن السعادة الحقيقية تأتي من الفهم العقلي والتوافق مع قوانين الطبيعة.
- مفهوم الحب والعاطفة، وكيف يمكن للعواطف أن تكون مصدر قوة أو ضعف.
يتضمن كتاب “الأخلاق” لسبينوزا خمسة أجزاء، وكل جزء يركز على موضوع محدد.
الجزء الأول: حول الله – يتناول فيه سبينوزا مفهوم الله أو الجوهر، ويشرح فيه فكرته عن وحدة الوجود، حيث يعتبر أن الله والطبيعة هما الشيء ذاته. يضع سبينوزا هنا الأسس الميتافيزيقية لفلسفته.
الجزء الثاني: حول طبيعة العقل – يناقش فيه طبيعة العقل البشري وكيفية فهمه للعالم، ويوضح كيف أن العقل هو نتيجة لأسباب طبيعية ويمتلك القدرة على فهم العالم بطريقة عقلانية.
الجزء الثالث: حول العواطف – يركز فيه على العواطف الإنسانية وكيفي تؤثر على السلوك البشري. في هذا الجزء يقدم سبينوزا نظرية مفصلة عن العواطف، وكيف يمكن أن تكون هذه العواطف قوة محركة أو مقيدة.
الجزء الرابع: حول عبودية الإنسان – يتناول فيه سبينوزا كيفية سيطرة العواطف على البشر، ما يؤدي إلى “عبودية” معنوية، ويوضح أن الجهل بالعوامل الحقيقية التي تحرك العواطف يؤدي إلى نوع من العبودية.
الجزء الخامس: حول قوة العقل أو طريق الحرية – هذا الجزء يشرح فيه كيف يتم تحرير النفس من العبودية عن طريق فهم العواطف والسيطرة عليها، كما يركز على تحقيق السعادة من خلال حياة عقلانية وعيش وفقًا للقوانين الطبيعية.