معادلة الحارق والمحترق
قلم : مالكة حبرشيد
كيف حدث واختلطت معالم الوهم ...بالتوهم ؟غابت حدود الحق في رمال الحقيقة ؟
كيف تاهت بين أقدام وأحجام
بين معادلة الحارق والمحترق ؟
هل كانت ذلك الجناح الذي تراقص حول النارفاحترق دون سابق إنذار ؟
هكذا يبدو ...فالنور ساحر
وبعض الجنون جذاب
والفراش مسحور ...منجذب دائما
إلى النور والنار
في البداية ...كان مجرد انعطاف ...أو ربما ميل نحو السقوط...
مجرد ارتياح ...أو استشعار طمأنينة وأمان .
كبر الارتياح ليتحول الى صوت ...ونغم يلازم الخاطر
حروف متناسفة على وجه الزجاج اللامع
وكان الحديث كل ليلة يطول أكثر ...يحلو أكثرلتحترق الأيام أكثر ...وأكثر…يطول ما كان يجب أن يختصر...يبقى موصولا ما كان يجب أن يقطع…لتحملها أنغام الأثير نحو عالم مجهول الملامح ...غريب الأطوار ...
يشكلها كل لحظة وفق هواه لتصبح كائنا مزاجيا…يلتقط الأنفاس والخواطر عن بعد.
يكبر السؤال ...ينجب علامات تعجب واستفهام .
على عاتقها تحمل ألف ابتسامة ...ودمعات ...تتحول كل ليلة الى سبحة عليها تقرأ تراتيل الغفران ...عل العمر يطول حتى تتساقط علامات الترقيم ...ويصبح المحال فردوسا بعدما كان جحيما.
عيون حادقة تشيع كل فجر بريق التوجس والمغامرة المكبلة
الى كرسي بارد ...يسقيها الموت ببطء شديد....فتخاله ماء الحب والحياة ...قذفة الحرف من جوف الاحتراق ، تجعل الانهزام يبتسم في الأغوار....يتكشف الشوق. دون سابق إعلام : يلقي التحية ...يضرب موعدا لاحتراق قادم ...
هاهي في الليل البهيم ...تردد خواطر النهار ...تحاول ترتيب ارتباكها ...تصحيح ما أخطاته في الليلة الماضية من حركات وهمهمات ...ووضع نقاط على حروف كانت قد اسقطتها بالامس سهوا...أوربما عمدا ...استدراجا لغيرته على اللغة والادب ، كناقد مغوار ....هو ليس بعيدا يلملم ما سقط منها ...بعدما ركل النقاط ...ومسح بعض الاضطراب ....لحظة كانت تتدرب على رسم الابتسامة الذباحة ...وقراءة قصيدة حب قضت أياما وليال في نظمها ...مراجعتها ...واختلاس ما ينقصها من صفحات الاصدقاء ...وكتب الغابرين.
هو لا يختلف عنها كثيرا ....يرتب الكلمات وفق هواها ...كي تظل سجينة الزجاجة والهمهمات الطالعة من الازرار السحرية....
في غفلة منها ...طلب موعدا آخر...لارتباكة جديدة…لم تمانع ...فقد اصبح الارتباك يستهويها ...واحمرار الوجنتين يغويها ...لا يمكنها أن تنكر ذلك ..وقد ضبطها اكثر من مرة تسترق النظرإلى أجندة حياته ...بعدما تسللت برفق الى عالم احلامه.
يتحرك خاطر ملحاح بينهما ...كأنه مغناطيس ...يختزل المسافات ...يشرق بطعم الكبريت الصاعد ... في دخان الابجدية يلتقيان.. ثم يرتقيان التواءاته نحو عنان السماء ...يسبحان في الأعالي على سجادة وهم جامح ...وهما ينظران إلى ما حولهما من عالم ما دون الاحتراق والدخان .
أي مدى يمكنه احتواء هذا التشظي....من يلملمه ...؟
أين يجد له مستقرا ؟
انها في حاجة إلى التغيير ...إلى التحليق….الى حديث رومانسي شفاف يحيي مواتها بعيدا عن الوحدة …دقات الزمن المخنوق ... رقابة الساعة ...وتدفق العيون ….انها منتهى أمنية لديها ...وفريسة جديدة لديه ، يمسك مليا بخيوطها...على اسلاك اللهفة يرقصها كما ومتى يشاء ... الحوارات تجوب الساحات كظلال تائهة ...تحاول أن تعبر الممرات قبل جفاف الرمق الاخير ويباس الصبيب....
مازالا يسترقان الحياة ، في زمن مفلس عند منعطف مجرة ...تذوب فيها الأماني في عمق الوسادة ....عندما تحتدم الانفاس في خصام الافق ….رنة تعيدها الى المكان و ما كان وما سيكون...تستفيق ..تنتفض ...من يخلصها من الأفكار المبهمة ساعة اغماءة ...لتستريح من هذا الطواف القار ...؟تجوب اطراف الزمن ....وهي تغني بلسان الكآبة موالها الحزين... ...رنة اخرى...لا تعيرها اهتماما وتظل ملتصقة بالكرسي ...كيف الابتعاد وقد وصلتها رسالة جديدة ، تحملها بعيدا عن الانفاس التي تهتز في الغرفة المجاورة...والصراخ الذي يقطع حبل امتدادها....وحده يطرب لغنائها ...ووحده يقاسمها المرآة ...والأماني التي تهاوت دون ضجيج ...لتستقر في حنجرة الصمت ...وتدخل طبيعة الاشياء ...هكذا يتهيا لها ....وهكذا يبرمجها على ايقاع خداعه الذي جعلها تنتشي باحتراقها ...
ويبقى الوقت شاغرا في انتظار روح تحتويها بكل معاطبها. ..وطريق لا ينتهي ابدا ليبدأ ....بالمحال تتشبث ...على سقف الغرفة تنقش المواعيد...الملامح والحوارات ...كل ليلة تعاود قراءة ما كان ...ليتعمق الوجود الوهمي في خاطرها اكثر...ليهتزالجسد في رغبة جامحة لا شيء ولا احد يلجمها ...حمل كاذب ايقظ رغبة الحياة في اعماقها ...اوقد فتيل العشق في اجزائها التي اثقلها صدأ الصمت والغياب ...ليلتغى الواقع من حولها ...حتى صوت الصراخ الذي يرتفع في الغرفة المجاورة كل ليلة....لا تسمعه حين تغرق في بحر الزجاجة ...توطدت العلاقة...تعمقت المشاعر...زاد احتضان الازرار ... والشغف بما تحمل العلبة الجهنمية من اخبار ...من حب متدفق على الجوانب...من ورود حمراء ...وقلوب بكل الالوان ....وفي ليلة ليلاء ، والوهم يحاورها من الضفة الاخرى للهاوية ...وقد خلعت عنها كل وقار و احتشام ...وهما يتبادلان التهدج والشهوة والضياع ... ارتفعت الصرخات في الشارع ....لم تأبه في البداية ...واذ بالطرقات تتوالى وتتعالى على الباب ....فتحت شبه عارية ...واذا بالجمع يصرخ في وجهها بصوت واحد لم تميز منه شيئا سوى عبارة—الولد وقع من الشرفة...الولد سقط من الشرفة ---اندفعت راكضة الى الخارج ...لتجد كبدها قد انخلع منها ...وارتطم على الارض جثة هامدة ....