احلام فتاة المدينة المنسية
قلم :عبد اللطيف برادة
تسألني الفتاة التي تاهت في الطريق عن العنوان
فكيف لي ان ادلها والمدينة كلها ركام
تسألني عن البيت والبيت اضحى اطلال من غبار وبقايا من الأحجار
تسألني فأسأل نفسي لأنني لا اعلم شيئا عن دروب المدينة المنسية
الدمع يذرف من عينيها بغزارة على عكس دموعي البائسة
دموعها اضخت شفافة كزجاج البلور تحمل غبار الاتربة واثأر الحطام
اما دموعي رغم كل الوجع كانت كشمس الظهيرة تعبر عن عطف وحنان
تسألني فاكتم انفاسي
يأتي الجواب قد يأتي او لا
ربما سيدفق الغيث من ينبوع الوجع كالفرج فيرفع عنا اثار الحسرة والألم
اوقد يأتي الفرح على حين غرة في غزة بعد كل العناء
فينزع اثار الضيم فينا ويمحو بصمات الغم من عيون حزينة
اه يا ربي هل من يشفي سواك قلوبنا المريضة
اه يا ربي من سيقود خطواتنا الضائعة سواك
فبشيء من الامل قد تزرع الطمأنينة في القلوب عند الايام العصيبة
فربما قد تسحبني خطواتي التائهة إلى مكان بهيج
الى مدينة بهيجة يمكن الاستمتاع فيها بألحان الطفولة
اه لقد سئمت آذاننا من وابل طلقات رصاص
طلقات تصم الآذان
رصاصات تدوي كالرعد في الهواء
رصاصات تصيب او لا تصيب تزرع خوفا ينزع السلام فيذب بداخلنا الخوف الى حد الضجر
ولقد اكتفت قلوبنا بما عانينا فتجرعت كؤوسا مذاقها كالعلقم المرير
هي اثار الحروب تضل كما هي لا تندثر
والآلام تبرح فينا كحفر عميقة بين ثنايا جرح عقيم لم يندمل
ومن منا لم يشاهد ذعر العباد وهي ترحل من مكان الى مكان
ومن منا لم يسمع الارض تزمجر والحناجر تصرخ من شدة الوجع
داك الذي لا يردف الدمع بغزارة له ربما قلب من حجر
سئمت عيوننا من مشاهدة لقلوب تمزقت من شدة هول الهلع
انظر كيف هزت قنابل عنيفة ارض كانت في سلام
هي كالزلازل تلقي الذعر في النفوس
انها كوارث فضيعة المت بالمدينة المنسية
رجاء ايها الفتاة فلا داعي للقلق
ربما سيأتي يوما الغيث من حيث لا ندري
ايدي رحيمة تقود خطواتنا الضائعة تذهب بنا إلى مكان بهيج
الى مدينة يمكن الاستمتاع فيها بألحان الطفولة
اه لقد سئمت آذاننا من وابل طلقات رصاص
طلقات تصم الآذان
رصاصات تطلق في الهواء
رصاصات تخفق او تصيب في الصميم من تشاء
ثمن كل رصاصة يسدد رمق بطن جائع
سئمت عيوننا من كوارث تلاحقنا
في كل مكان وزمان تقتفي الويلات خطانا
فمن فضلكم ساعدونا
قد طفح الكيل
قلوبنا بحاجة إلى الجانب آلاخر من الحياة البهيجة
هكذا نطقت الفتاة المكلومة
بكلمات بريئة جعلت عيوني تدمع
ثم وقفت بعيدا هناك و شرعت تمسح الدمع في ركن من الحي الكئيب
هناك حيث ورى جثمان والديها الثرى تحت الانقاض
هناك حيث دفنت الى الابد الاحلام الوردية
عيونها البريئة لا زالت تنظر نحو الافق الازرق
انطفأت عيونها البريئة من شدة البكاء فلم تعد تلمع
تارة تنظر الى ألأنقاض واثأر ما تبقى من ماض توارى خلف حجاب الاحزان
وتارة تلتفت الى لعلي اجد للمعضلة جواب
لم أري يوما أصدق من دموع حزينة تروي حكاية غريبة في صمت رهيب
كانت الفتاة جالسة هناك في مكان يخلو من اثار الاعمار
لقد تحولت المدينة بعد مجيء جحافل المغول الى غبار وركام
فتحول كل شيء الى عدم
الفتاة تنظر الى بعيد وهي تعلم ان في ألأنقاض دفنت الحياة الجميلة
لقد كانوا ستة أطفال كما تقول الفتاة المكلومة
ستة لم يضل منهم حيا إلا هي
هكذا تروي بعيون حزينة قصة بشعة
تذرف الدموع و تحلم بالسلام وسط الدمار
هناك في الركن البعيد ضلت تدرف الدمع وسط بقايا الحطام
تأمل بان يأتي يوما يعم فيه الفرح بعد كل هذا الشقاء
توفي الاحباب وبعض الموت رحمة
فربما يأتي الجرح بين طياته بشيء من الأمل الى قلب يرفض الشؤم والضياع
أقول ربما سيأتي الشفاء يوما والسلام معا في عناق
قد يأتيا معا في تجانس ووئام
وقد تحقق يوما ما فتاة المدينة المنسية حلمها الضائع بين اكوام الركام