الجالية المغربية تحتاج الى من يدافع عنها من الهجمات العنصرية في أروبا
قلم:محمد بونوار
خرج مؤخرا عضو من حزب : أ – ف - د الألماني بتصريح عنصري ضد الجالية المغربية قائلا أنه يتوجب إرجاع كل المغاربة الذين لا يشتغلون إلى بلدهم الاصلي أي المغرب ، وذالك حسب قوله بغية القضاء على ميكرو– مافيا ، بمعنى الجريمة المنظمة وأنهى كلمته بأن المغرب بلد آمن ومستقر .
انطلاقا من هذه المعطيات يمكن أستنباط ثلاثة أشياء من هذا الخطاب المبيت ، أولا تم اختيار الجالية المغربية دون غيرها من الجاليات المتواجدة فوق التراب الالماني ، ثانيا قال بأن السبب وراء طردهم من ألمانيا حسب قوله هو القضاء على ما يسمى ب ميكرو – مافيا وهوما يعني الجريمة المنظمة ، والنقطة الثالثة والاخيرة والتي وردت في خطاب عضو الحزب المتطرف هو الاقرار بأن المغرب بلد آمن ومستقر .
جدير بالذكر أن حزب أ – ف – د معروف بخرجاته العنصرية وذالك لكسب أصوات الناخبين خاصة الذين لا تتناغم أفكارهم مع وجود الاجانب بصفة عامة والمسلمين على الخصوص .
وهنا لا أحد يعرف الاسباب الحقيقية وراء استهداف الجالية المغربية بالضبط ، رغم أنها اعني الجالية المغربية لا تحتل المرتية الاولى ولا الثانية ولا الثالثة من ناحية الترتيب في جدول الجاليات المتواجدة بدولة المانيا ، ولا توجد ضمن الجاليات الأكثر عنفا أو اٍجراما . مع العلم أن عدد سكان ألمانيا يقارب 90 مليون وعدد الاجانب يناهز 9 ملايين من مختلف الجنسيات والاديان .
وهنا لابد من طرح السؤوال : لماذا اختار الناطق باسم الحزب المتطرف أ – ف – د الجالية المغربية بالضبط دون غيرها .
الجواب جاء في نفس الكلمة التي القاها ممثل الحزب اليميني المتطرف ، حيث قال بغية للقضاء على الجريمة المنظمة ، وكأن الجالية المغربية هي التي تملء السجون الالمانية من فرط الاجرام . في حين ان الواقع ليس بذالك .
نسى ممثل الحزب المتطرف ان تاريخ الجالية المغربية بالمانيا تاريخ مشرق ومليئ بالمسرات ، والاسهامات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية ، أما الاموال التي حصلت عليها الجالية فاٍنها حلالا طيبا من عرق الجبين والعمل الجاد والمضني ، مع العلم أنها تأدي الضرائب حسب ما يمليه القانون الالماني .
تاريخ الجالية المغربية بدولة ألمانيا في سطور وباختصار كبير مليئ بالعطاءات والتضحيات والانضباط وهنا لابد من التذكير أن الجالية المغربية التي جاءت الى المانيا في بداية الستينات اشتغلت في مناجم الفحم والحديد ، وفئة أخرى اشتغلت في بناء الطرقات والقناطر وساهمت في الاوراش الكبرى ، والجالية المغربية من النساء تم استقدامها في البداية لسد الفراغ في معامل الشوكولاط ، واللائحة طويلة ، هذا الجيل يسمى بالجيل الاول والكثير منهم من قضى نحبه ، والبقية الباقية لازالت تنتظر دورها .
أما الجيل الثاني فهناك مجموعات متعددة ، هناك من قدم صغيرا الى المانيا من المغرب وتابع دراسته في المدارس الالمانية ، وهناك من أتى شابا وحصل على عمل بشهادة التكوين ، دون أن ننسى أن فئة من الجالية المغربية جاءت للدراسة الجامعية ومعظم الخريجين حصلوا على عمل طبق تخصصاتهم : منهدسين – أطباء – ممرضين - أساتذة – موظفين لدى شركات ، رؤساء في مؤسسات عالية ، اعلاميون – أرباب شركات – رجال أعمال في ميداين ، أبطال في رياضات مختلفة – واللائحة طويلة .
دون مراعات لهذه المعطيات الزاخرة ، صعد ممثل حزب اليمين المتطرف الى منصة البرلمان ليصب جام حقده وغضبه على الجالية المغربية ، وأمام جميع الاحزاب .
المراد من هذا التصريح هو الجري وراء كسب الاصوات في الانتخابات المقبلة والتي من الممكن أنها ستكون قبل شهر مارس من سنة 2025 ، وذالك لايجاد مخرج للحكومة الحالية والتي تعاني من فقدان تكتلات تمكنها في الاستمرار في قيادة البلاد .
مع العلم أن دولة ألمانيا تمر بمرحلة عصيبة في الاقتصاد في ظل النظام العالمي الجديد ، وذلك بعدما تراجعت مبيعاتها في العالم بشكل كبير .
ومع العلم أيضا ، أن الحكومة الالمانية لازلت تستقبل اليد العاملة من المغرب نظرا للخصاص الكبير التي تعاني منه المستشفيات من ممرضين والمؤهلين لرعاية المسنين والمؤهلين لرعاية وتربية الاطفال .
هذا ما جرى في دولة المانيا في بحر الاسبوع الفارط ، وقبلها باسبوع كانت واقعة أمستردام بين الجمهور المغربي ومناصري فريق كرة القدم من اسرائيل ، اٍثر الاعتداء الذي تعرض له سائق طاكسي مغربي يعمل في مدينة أمستردام .
بخلاصة كبيرة ، تتعرض الجالية المغربية في أرويا الى مضايقات عنصرية من بعض الاحزاب السياسية ومن بعض الاشخاص الذاتيين أيضا ، ومن المفترض في هذه الحالات أن تكون جهة دستورية تدافع وترافع عن كرامة وسلامة المغاربة المقيمين بالخارج . لكن مع كامل الاسف لم تكلف اي جهة نفسها عناء المرافعة ، أو الدفاع ، مع العلم أن الجالية المغربية تعتبر من ركائز الاقتصاد المغربي بفضل تحويلاتها المالية بالعملة الصعبة .
حسبي معلوماتي المتواضعة مجلس الجالية هي الجهة المخول لها دستوريا للدفاع والتدخل والترافع عن كل ما يمس الجالية المغربية ، لكن مع كامل الاسف لا من يحرك ولا من يتحرك في مثل هذه المناسبات العنصرية .
أملنا كبير في ترميم هذا المجلس ، وربما اٍعادة النظر في مكوناته ، خاصة أن العاهل المغربي محمد السادس أشار في خطابه الاخير الى تأسيس مؤسسة واحدة شاملة وكاملة تجمع ما بين هو اداري وثقافي واجتماعي وروحي .
لدي مقترح بسيط للحكومة المغربية والتي يجب أن تفكر فيه بشكل جدي ، ألا وهو اٍطلاق قناة مغربية من داخل أروبا بجميع اللغات خاصة و أبناء الجالية المغربية لديهم كفاءات في هذا المجال ، وذالك لتنوير الرأي العام ومواجهة الحملات العنصرية ذات مآرب سياسية محضة ، وقد يكون هذا المشروع فرصة كبيرة لتجميل صورة المغرب من خلال عرض مساهمات الجاليات المغربية في أروبا في مجالات عدة ، بما فيها الرياضة بجميع فروعها ، وذالك لصد الهجمات العنصرية الممنهجة ضد الجالية المغربية بشكل حضاري يتماشى مع تطورات العصر .
كاتب مغربي مقيم بالمانيا