صناعة الثقافة الابداعية في العالم العربي بين الواقع والمستقبل
بواسطة : محمد بونوار
يحمل المغرب حاليا مشعل الدورة الرابعة والعشرين والذي أسند له من طرف مؤثمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي ، والذي اختار له المغرب شعار – الصناعات الثقافية والابداعية وتحديات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي .
وتشير المنظمة العالمية للملكية الفكرية والتي تأسست في السويد سنة 1967 ، أن الصناعات الابداعية في العالم العربي لازالت تحتاج الى رعاية كبيرة . رغم امتلاكه خامات اولية كثيرة للصناعات الثقافية
مستقبل صناعة الثقافة الابداعية بالعالم العربي ، يمكن أن يتطور في غضون السنوات المقبلة وذالك نظرا لامتلاكه نسبة عالية من الشباب الطموح والذي يسعى دوما الى مقارعة أقرانه في مجالات كثيرة .
مع العلم أن بعض الدول المتقدمة وبعض الدول النامية في شرق أسيا تولي اهتماما كبيرا للصناعات الثقافية ، أو الصناعة الابداعية نظرا لما تذره الانتاجات الابداعية والتي تفوق تجارة السلاح والنفط والدواء والانشطة الزراعية و... .
لتنوير الرأي العام حول مفهوم الصناعة الثقافية الابداعية لابد من تبسيط المصطلحات حتى يستوعب الجميع ماهية مفهوم صناعة الثقافة الابداعية والذي يعتمد في الاساس على العنصر البشري ، حيث يبقى هو المادة الخامة الاساسية لصناعة ما يسمى بصناعة الثقافة الابداعية بشكل عام .
اٍذن صناعة الثقافة الابداعية تعتمد على الرأس المال البشري ، وهو ما يعني تنمية القدرات البشرية في مجالات التواصل والقراءة والثمثيل والتصويروصناعة الافلام والكتابة ، وهنا لابد من تفسير معنى الكتابة لانها مجال كبير يشمل كتابة المقالات والسيناريوات والمسرحيات والاغاني والسكيتشات والتعليقات التي تصاحب الافلام الوثائقية ، والخطب التي تلقى في المهرجانات ، والاشهارات وما شابه ذالك .
الاشكالية الاولى في المغرب مثلا لا توجد نصوص قانونية تشريعية تلزم المدارس والاعداديات والثانويات استفاذة التلاميذ من دورات تكوينية في المجالات السابقة الذكر .
لكن هذا لا يعني أنه ليست دورات تكوينية في مجال تنمية القدرات البشرية ، بل يجب الاقرار أن هناك مبادرات جمعوية ، أو من أشخاص ذاتيين لهم دراية وتخصصات في ميادين معينة ، كالتصوير الفوتغرافي وكتابة السيناريو ، وممارسة المسرح ، وغيرها من الانشطة الثقافية .
وهنا يجب أن نتوقف لشرح بعض الامورحتى لا تفوتنا المناسبة ، حيث أن المجتمع المدني في المغرب مثلا هو الذي كان يقوم بهذا النوع من الانشطة في المدارس والمخيمات ، اٍلا أنه في السنوات الاخيرة وقعت طفرة كبيرة في مجال تخصصات الجمعيات في مجال تنمية القدرات البشرية ، لكن الجمعيات بالمغرب لم تعرف تطورا كبيرا في هذا المجال ، والدليل هنا أن كثير من الجمعيات لازالت ترتكز على الاناشيد الدينية والوطنية وبعض المسرحيات البسيطة ، وذالك راجع بالاساس الى ضعف تأطير الفاعلين والمشرفين والذين لم يواكبوا التطورات الثقافية والتي انتقلت من قراءة الكتب الى صناعة المحتوى بالصور والموسيقى والكتابة .
ولعل أكبر امتحان مرت به المؤسسات التعليمية بالمغرب هو فترة كورونا ، والتي أبانت أن معظم الاساتذة والمعلمين في أمس الحاجة الى اكتساب تقنيات القاء الدروس عبر الفيديو ، حتى يستفيذ التلاميد من الدروس في خضم الحصار الذي فرضه الوباء ، ويستفيذوا أيضا من تقنيات التفاعل مع الدروس عبر الكاميرا ، يعني الصورة الرقمية بشكل عام .
كما سبق ذكره في بداية المقال ، صناعة الثقافة الابداعية يحتاج الى دورات تكوينية مستمرة طوال السنة لتلاميد المدارس ، وذالك لا يتأتي الا عبر نصوص تشريعية تفتح الباب لانشاء اكادميات في كل مدينة وقرية تكون مجهزة بجميع متطلبات ولوازم ما يساهم في تنمية القدرات البشرية ، أو خلق قاعات للتكوين بالمدارس ، أو خارجها ، مع تكوين نخبة من المعلمين والاساتذة في تخصصات المجالات التي يحتاجها التلاميذ للرفع من قدراتهم الذاتية حتى يساهموا في ما يسمى ب صناعة الثقافة الابداعية .
خلاصة وجيرة عن الصناعة الثقافية في سطور .
أولا ، هي الصناعة الاكثر نموا في العالم حيث تحتل 3,1 في 100 من الناتج المحلي الاجمالي العالمي .
ثانيا ، صناعة الثقافة الابداعية تتفاوت من بلد الى آخر في التعريف وذالك حسب الاهداف المسطرة .
ثالثا ، صناعة الثقافة الابداعية ، هي الابداع البشري بكل بساطة .
رابعا ، انتاجات صناعة الثقافة الابداعية يعكس تراث وثقافة وهوية الوطن .
خامسا ، الجغرافيا والتاريخ والرأس المال البشري هي النواة الاولى التي تعزز تطور صناعة الثقافة البشرية في أي بلد ، والعكس صحيح .
سادسا وأخيرا ، هناك فرق شاسع بين الانتاجات الثقافية والتي تتصدرها تنظيم المهرجانات ، وصناعة الثقافة الابداعية والتي تستعمل الانتاجات الثقافية لاخراج منتوج قابل للتسويق كالافلام السينمائية مثلا .