وقفة احتجاجية جديدة لضحايا "ودادية الأخوين" للسكن ببني ملال.
أزيلال24 : عبد العزيز غياتي
بحسن نية ابتدع المبتدع وشرّع المشرع ما يسمى الوداديات السكنية طبقا للظهير الشريف رقم: 1.58.376 الصادر بتاريخ: 3 جمادى الأولى 1378 الموافق ل 15 نونبر 1958 وذلك كصيغة من صيغ التعاون بين المواطنين لإنجاز ما يطلق عليه مجازا في تعبير الدارجة المغربية (قبر الحياة)، وهو سكن يجمع الأسرة والعائلة ويخلّص من وطأة تكاليف الكراء المادية والمعنوية، ولأن مبدأ التعاضد هو أحد أسس بناء المجتمعات فقد تأسّست عليه أنظمة التقاعد والتأمين والتغطية الصحية التي سيّجها المشرع بحدود وقوانين تحمي ماليتها من همزات الشيطان الذي يحضر في تفاصيل المعاني وفي ظلال ما بين السطور، ولكن مع الأسف الشديد ظل ذلك فقط مطلبا يحلم بتحقيقه منخرطو الوداديات السكنية على الأقل منذ أكد نبيل بنعبد الله حين كان وزيرا للسكنى وسياسة المدينة، على " أن الوزارة بصدد التفكير في تقنين عمل الوداديات السكنية "، ولحد الساعة لازالت دار لقمان على حالها ولازالت تتمخض عن مآسي ومصائب تصيب جيوب المنخرطين ومدخراتهم التي أفنوا أعمارهم في جمعها.
وكذلك حال ضحايا ودادية الأخوين للسكن ببني ملال التي لخّصها بيان الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها مجموعة منهم أمام محكمة الاستئناف يوم الثلاثاء 28 يناير2025 والتي تعتبر العاشرة ضمن مسلسل النضال المستمر والطويل من أجل استرجاع الحقوق المسلوبة على حد تعبير البيان، والأولى بعد استئناف الحكم الابتدائي الذي أدان في 23 ماي 2024 الطرف المدّعى عليه بسنتين ونصف سجنا نافذا وتعويض لكلّ واحد من المشتكين بستة ملايين سنتيم.
حكايتهم- كما جاء في البيان- ككل الحكايات المشابهة، حيث بعد انخراط المنخرطين بحسن نية، مستحضرين الثقة في مكتب تأسس بتاريخ 30 نونبر2007 واقتنى في البداية عقارا مساحته 8950 متر مربع بمبلغ 268 مليون سنتيم، وهيأ تصميما مؤقتا يسع 43 بقعة سكنية وبقعتين مخصصتين لمرفقين عموميين، وبعد عدّة سنوات من الانتظار وصل عدد المنخرطين إلى 123 شخص حسب تصريح المعنيين واتضح للمنخرطين أن العقار المسجل باسم الودادية يشتمل على أشجار زيتون تُستغل لغير صالح المنخرطين منذ 2007، كما اكتشفوا أن رصيد الودادية في الحساب البنكي هو صفر درهم، في حين لم يستطع المكتب تبرير هذا الوضع الكارثي الذي آلت إليه هذه الأخيرة سواء للمنخرطين أو للسلطات المختصة بعد ذلك، فلم يكن لهم بدّ من اللجوء إلى القضاء لاسترجاع ما ضاع من حقوق.
وفي الختام شكر البيان الحاضرين تجشم عناء الحضور وشكر لهم الاستمرار في النضال، ودعاهم إلى المزيد من التعبئة واليقظة والاستعداد للمحطات القادمة التي قد تكون في شكل وقفة احتجاجية في نفس المكان تزامنا مع الجلسة القادمة، أو أمام مقر رئاسة النيابة العامة بالرباط أو أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء، ودعاهم للاستمرار في النضال إلى أن يتم إنصاف الضحايا واسترجاع حقوقهم.
إذا كان الفصل الأول من ظهير تأسيس الجمعيات يقول إنها "اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم"، وإذا كانت كلمة "ودادية" مشتقة من مفردة "الودّ"، فإنه من المؤسف أن تؤول علاقة تجمع المنخرطين بمن يمثلهم يفترض فيها الودّ والتآزر والتزاور إلى علاقة تؤثثها الاستدعاءات والأحكام وتحتضنها ردهات المحاكم، ومن المحزن أن يجد المنخرط نفسه صفر اليدين بعد عشرات السنين أودع خلالها مدخرات العمر في حساب الودادية، وبدل تواجده في دفء بيته الموعود، يضطر لصرف أموال إضافية لمطاردة خيط دخان، ومن المؤسف أيضا أن تستمر الحكومات المتتالية في إرجاء تقنين عمل الوداديات السكنية إلى أجل غير مسمى، خاصة وقد أصبح الظرف أكثر إلحاحا للحد من ضياع حقوق المنخرطين والحد من هدر الزمن القضائي والزمن الاجتماعي، فعسى أن تلفت هذه الوقفة كما الوقفات الاحتجاجية المماثلة انتباه المشرّع منتخبا كان أو معيّنا للعمل على إيقاف هذا النزيف أو التخفيف منه.