بنى ملال : محكمة الاستئناف تؤيد الأحكام الصادرة في حق معتقلي "اصحاب السردين"و جدل متواصل بين القانون وحرية التعبير

أزيلال 24

أيدت محكمة الاستئناف بمدينة بني ملال، يوم الاثنين، الأحكام الابتدائية الصادرة في حق المعتقلين على خلفية ما بات يعرف إعلاميًا بـ"قضية اصحاب السردين"، الذي شهدته منطقة آيت تكلا بإقليم أزيلال، بعد تنظيم وقفة احتجاجية سلمية ضد غلاء أسعار السمك، وعلى رأسه السردين.

وقضت المحكمة بثلاثة أشهر حبسًا نافذًا في حق المتهم الرئيسي في القضية، فيما أيدت الحكم بشهر نافذ لكل واحد من باقي المتهمين، لتُغلق بذلك فصلاً جديدًا من فصول هذا الملف الذي أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والسياسية.

وتعود تفاصيل القضية إلى يوم الأحد 16 مارس، عندما اندلعت احتجاجات في السوق الأسبوعي بأيت تكلا، إحدى المناطق التابعة لإقليم أزيلال، بعدما طالب مجموعة من المواطنين بائعي السمك بتخفيض الأسعار، التي اعتبروها مرتفعة. وكان سمك السردين يعرض بسعر 15 درهمًا للكيلوغرام، ما دفع نحو 15 شخصا للاحتجاج ضد هذا الارتفاع، ما دفع السلطات المحلية إلى التدخل.

وتدخلت عناصر من الدرك الملكي والقوات المساعدة لفض التجمهر، وتمكنوا من السيطرة على الوضع دون تسجيل أي اعتداءات أو خسائر. ومع ذلك، تم توقيف ثلاثة أشخاص بتهمة التحريض على الاحتجاجات. حيث تم التحقيق معهم في مركز الدرك الملكي بشأن دوافعهم وأدوارهم في تنظيم هذا التحرك الشعبي ضد غلاء الأسعار.

وقد عرفت جلسة المحكمة الابتدائية التي انعقدت يوم الخميس 27 مارس حضورًا مكثفًا من المحامين، تجاوز عددهم العشرين، قدموا مرافعات مطولة دافعوا خلالها عن براءة موكليهم، معتبرين أن الوقفة كانت سلمية ولم تشهد أي أعمال عنف أو شغب.

ورأت هيئة الدفاع أن القضية ذات أبعاد سياسية، مشيرة إلى أن الدولة باتت تلجأ إلى استعمال مقتضيات القانون الجنائي لقمع الأصوات المنتقدة، والتضييق على الحركات الاجتماعية السلمية، وهو ما يتنافى – بحسبهم – مع مضامين الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية التعبير والتجمع السلمي.

من جهتها، عبرت عدد من الهيئات السياسية، وعلى رأسها فرعا الحزب الاشتراكي الموحد وفيدرالية اليسار الديمقراطي بأزيلال، عن رفضها لهذه الأحكام، ووصفتها بـ"السياسية"، معتبرة إياها خطوة تهدف إلى "ترهيب المحتجين وردع أي تحرك شعبي ضد الغلاء وتدهور القدرة الشرائية".

وتأتي هذه التطورات في ظل موجة من الانتقادات التي تطال السياسات الحكومية في ما يتعلق بمحاربة ارتفاع الأسعار، حيث تزايدت حدة الغضب الشعبي نتيجة تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في عدد من المناطق، خاصة الجبلية والهامشية منها.

وبينما تواصل الجهات الرسمية الدفاع عن حق الدولة في فرض النظام وتطبيق القانون، يرى مراقبون أن تكرار مثل هذه المحاكمات من شأنه أن يوسع الفجوة بين الدولة والمواطن، ويزيد من تأجيج الاحتقان الاجتماعي.