كَفْكِفْ سِبابَكَ، فَالْكَلَامُ مَنَازِلٌ
قلم : رمضان مصباح
.
تقْدِيمُ:
حِينَما يَقُولُ بَعْضُنَا “تَازَةَ قَبْلَ غَزَّةَ”، يَجِبُ أَلَّا تُحَكَّمَ هَذِهِ السَّجْعَةُ اللَّطِيفَةُ فِي تَلْوِينِ الهَوَى المَغْرِبِيِّ الفِلَسْطِينِيِّ؛ مُنْذُ الحُرُوبِ الصَّلِيبِيَّةِ وَقَبْلَهَا، وَلَيْسَ اليَوْمَ فَقَطْ.
وَبَابُ المَغَارِبَةِ فِي القُدْسِ الشَّرِيفِ يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ، إِضَافَةً إِلَى ثَوَابِتِ التَّارِيخِ.
أَمَّا حِينَما تُعْتَمَدُ سِبَابًا فِي حَقِّهِمْ، وَيُعْتَبَرُونَ مُجَرَّدَ “مِكْرُوبَاتٍ”، فَهَذَا لَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ المَغَارِبَةُ؛ وَالِانْتِخَابَاتُ عَلَى الأَبْوَابِ.
حَتَّى لَوْ سَلَّمْنَا جَدَلًا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا السَّجْعِ وَهُوَ جَادٌّ تَطَرُّفًا، فَلَيْسَ مِنْ حَقِّ أَحَدٍ أَنْ يَسُبَّهُ.
مَنْ قَالَ بِهَا فَهُوَ مُحِبٌّ لِوَطَنِهِ، وَمَنْ يَعْشَقُ وَطَنَهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَخْذُلَ مَنْ يُقَاتِلُ مِنْ أَجْلِ وَطَنِهِ.
تَازَةُ قَبْلَ غَزَّةَ تَعْنِي لِي:
وَطَنَانِ لَهُمَا مُحِبَّانِ، يُحِبَّانِهِمَا مَعًا.
وَلَا يُلَامُ مَنْ أَحَلَّ وَطَنَهُ الصَّدَارَةَ.
——————————
كَفْكِفْ سِبَابَكَ فَالْكَلَامُ مَنَازِلُ
يَرْقَى إِذَا رَقَتِ الْعُقُولُ نَوَاهِلُ
مِنْ فَيْضِ مَعْرِفَةٍ زُلَالٌ نَبْعُهَا
تَرْوِي رَجَاحَتَهَا لِمَنْ يَتَوَسَّلُ
وَلِمَنْ قَلَى مُتَجَاهِلًا تَزَاوَرُ
جِهَةُ الْبَعِيرِ تَقُولُ أَنْتَ مُفَضَّلُ
إِنَّا هُنَا كَضِرَاغِمٍ بِثُغُورِهَا
فَلِمَنْ تُخَذِّلُ يَا زَعِيمًا يَجْهَلُ
نِلْتَ الْمَنَى عَجَبًا بِدُونِ تَرَقُّبٍ
فَرَكِبْتَ عَالِيَهَا وَصِرْتَ تُهَلِّلُ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكَ إِذْ تُرَى بِمَسَاجِدٍ
سَاجِدًا عَلَى حُصُرٍ وَلَا تَتَمَلْمَلُ
وَالزُّهْدُ يُكْسِبُكَ الْبَهَاءَ تَجَلُّةً
وَالْفَقْرُ أَظْهَرُ بِالثِّيَابِ يُحَوْقِلُ
حَتَّى إِذَا وَثِقَتْ بِطُهْرِ حُشَاشَةٍ
وَصَلَاةِ نَافِلَةٍ إِذَا تَتَبَتَّلُ
أَلْقَمْتَهَا حَجَرًا وَقُلْتَ زَعَامَتِي
وَمَغَانِمِي قَدَرٌ وَلَا أَتَحَلْحَلُ
أَغْلَيْتَ كُلَّ لُقَيْمَةٍ وَعَصِيدَةٍ
وَاللَّحْمُ قِيلَ لَنَا سَمًا وَيُمَاطِلُ
وَأَنَخْتَ مَنْ هَرِمَتْ مَفَاصِلُهُ فَلَا
يَتَقَاعَدُ وَهَنًا وَلَا يَتَعَلَّلُ
وَرَفَعْتَ مِنْ ثَمَنِ الزُّيُوتِ تَزَلُّفًا
فَتَعَطَّلَتْ عَرَبَاتُنَا وَرَوَاحِلُ
صَيَّرْتَهَا بِتَزَلُّفٍ وَنِكَايَةٍ
جُرْدَاءَ لَا كَلَأٌ عَلَيْهِ يُعَوَّلُ
سَرَّعْتَ سَاعَتَنَا بِدُونِ مُبَرِّرٍ
حَتَّى فَتَنْتَ صِغَارَنَا فَتَبَوَّلُوا
وَطَفِقْتَ تَخْدُمُ مَنْ بِمَالِهِ يَعْتَلِي
مُهَجًا وَتَسْأَلُ هَلْ أَزِيدُ فَأَكْمِلُ
وَلَبِسْتَ مِنْ حُلَلٍ فَصِرْتَ عَرِيسَهَا
وَرَكِبْتَ أَفْخَمَ مَا سَرَى تَتَغَزَّلُ
أَإِذَا أَصَابَكَ مَا أَصَابَكَ تَسْأَلُ
فِيمَ السُّقُوطُ وَهَلْ أَنَا أَتَرَجَّلُ؟
لَا يَا صَرِيعَ تَدَيُّنٍ مُتَهَافِتٍ
ذُقْ مِنْ مَحَاسِنِكَ الَّتِي تَتَقَوَّلُ
إِنَّ السِّيَاسَةَ أَمْرُهَا بِتَعَقُّلٍ
وَالدِّينُ يُفْضِحُ مَنْ بِهِ يَتَسَلَّلُ
وَإِذَا خَلَطْتَ سِيَاسَةً بِتَدَيُّنٍ
حُوسِبْتَ مِنْ حَكَمَيْنِ وَزْرُكَ أَثْقَلُ
هَلْ مِنْ يَقُولُ بِتَازَةَ يَتَوَطَّنُ
أَمْ مِنْ يُشَذِّبُ لِحْيَةً يَتَسَرْبَلُ؟
أَيُّ تَرَاهُ نَصِيرَهَا يَا مِرْجَلُ؟
تَازَهْ وَتَازَةُ غَزَّةٌ يَا أَهْبَلُ
أَمْ مَنْ يُرَى وَبِهِ الْحَكَامَةُ أَشْمَطَتْ
وَبِهِ الْفَقِيرُ مُحَطَّمٌ يَتَسَوَّلُ؟
دَعْ عَنْكَ غَزَّةَ فَالْكَلَامُ بِدِرْهَمٍ
وَالْفِعْلُ أَغْلَى لَا يَكُفُّ يُقَاتِلُ