هل أضحت العدل والإحسان عقدة؟
المصطفى سنكي
لا يملك المتتبع للخرجة الأخيرة للأستاذ عبد الاله بن كيران في حق جماعة العدل والإحسان من خلال برنامج حواري إذاعي على هامش الحملة الانتخابية الأخيرة، إلا أن يتساءل: هل تشكل العدل والإحسان عقدة للسيد رئيس الحكومة؟ لا سيما والسؤال الذي تضمن جوابه كل هذا التحامل على الجماعة كان لا يتطلب المُصرح.
وللتذكير، فالسؤال جاء عبارة عن استيضاح أو تعليق من السيد رئيس الحكومة على مطالبة حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال تكرار دعوته رفع الحصار على جماعة العدل والإحسان، وكان يكفي أن يقال جوابا أو تعليقا مثلا: هذا توظيف سياسوي لملف معروف وليس جديدا، نقطة إلى السطر؛ أم أن السيد رئيس الحكومة يرى ما لا يرى الناس؟
ولأن التصريح/ الخرجة جاءت دون سياق ومن الشخصية الثانية في الدولة، انبرت الجماعة من خلال ناطقها الرسمي وبعض أعضاء الأمانة العامة للدائرة السياسية للرد على التصريح/ التحامل، منبهة السيد رئيس الحكومة إلى عدم الخوض فيما لا يملك سلطة الخوض فيه؛ فمعلوم لدى العام قبل الخاص أن ملف العدل والإحسان أشبه بالسيادي، والحكومات ووزراؤها الأولون كانوا واعين بحجم الملف، ولم يتجرأ أحدهم للاقتراب منه.
توضيح وتعليق الجماعة أفرز ردود أفعال من بعض قيادات حزب العدالة والتنمية، فمن مستغرب كيف يجمع المقاطعون للانتخابات بين رفض المشاركة في الانتخابات وبين مطالبتهم لأعضاء حزبه التدخل للاستفادة من حقوقهم وقضاء مآربهم، وهذا تصنيف عجيب يجعل حقوق المواطنة مرتبطة بالولاء والتسليم لاختيارات النظام، وبالتالي لا وجود للمعارضة السياسية حسب هذا المنطق غير المنطقي، في حين انبرى قيادي ثانٍ من الحزب من خلال تغريدة له على حائطه الفايسبوكي للتعبير عما يؤشر على مستوى عال من التحامل والتضايق من مواقف الجماعة التي يريدها البعض "كمبارسا" وخزانا انتخابيا وليس منافسا سياسيا؛ تغريدة ـ لا ينفع سحبها بأي مبررـ لم يتورع صاحبها من التصريح بما لم يقل مالك رضي الله عنه في الخمر، وما لا تقول به الجهات المعلومة التي تدرك تمام الإدراك، لو أن عُشر عُشر ما ذهب إليه المُغرد صحيح لسهل النيل من الجماعة وأسعف لفتح ملفات متابعة عن تمويلها، عوض فبركة الملفات والقضايا ضدها.
الأسئلة البَدهِيّة والساذجة: هل تعرقل الجماعة خيار العدالة والتنمية؟ أليس هذا الخيار هو المستفيد بحكم تقاسم المرجعية الإسلامية من مواقف العدل والإحسان من اللعبة السياسية؟ ألم تكن دعوة الجماعة إلى مقاطعة الانتخابات الأخيرة وانضباط أعضائها إلى المقاطعة ـ عكس ما يروج البعض ـ واتساع دائرة المقاطعة الشعبية للمأتم الديمقراطي فرصة مواتية لتحقيق ما حققه المصباح من نتائج لم تخطر على بال قيادة الحزب، بله المتتبعين للشأن الانتخابي المغربي؟
لا أحتاج للتذكير بموقف الجماعة من قبول السيد عبد الاله بن كيران ترؤس الحكومة الائتلافية دون ضمانات دستورية وسياسية غداة الحراك الشعبي، حيث راسلت حركة التوحيد والإصلاح والحزب موضحة موقفها ومنبهة إلى تبعات الاختيار بأسلوب أقرب إلى النصح الرفيق منه إلى النقد أو العتاب السياسي، بعيدا عن التشكيك في النوايا، وتوصلت الجماعة برسالة جوابية من المكتب التنفيذي للحركة تعبر عن تفهم الموقف وتثمن النصيحة. وانتهى الموضوع دون ضجيج أو سجال يوظفه الخصوم ضد المشروع الإسلامي.
أرجو أن يكون فحوى التغريدة حالة انفعالية معزولة وألا تعبر عن توجه عام لدى صف وقاعدة الحركة أو الحزب، وإلا فالأمر يقتضي التطويق والمعالجة قبل فوات الأوان.