محمد مبروكي
يلعب التراث المحلي الإقليمي الجهوي و الوطني بكل أصنافه الشفوي و المكتوب أو المبني و المنقول دورا هاما للتعريف بالهوية الوطنية و اتخاذه وسيلة للدفاع عنها ، حيث يبقى هذا التراث مرآة تعكس التنوع الحضاري للشعوب و يؤكد جذوره الإنسانية عبر الأزمنة ، و يستلزم الحفاظ عليه و تطويره و صونه ، مما يؤكد دور كل المسؤولين و جمعيات المجتمع المدني كل من موقعه ، بعد أن تبنت سنة 2003 الدول الأعضاء بمنظمة اليونسكو اتفاقية لصون هذا التراث و التي وقعت المصادقة عليها في 20 يونيو 2007 من قبل أكثر من 78 ، لكن تسميته بالتراث الشفاهي اللامادي للإنسانية هذا المفهوم الجديد للتراث ظهر في بداية التسعينات بعد التوصيات التي قدمت سنة 1989 حول حماية الثقافات التقليدية .
و إقليم ازيلال كباقي الأقاليم المغربية يتميز بتنوع تراثه الشفاهي مستمدا جذوره من قبائل الأطلس المتوسط و ما وراء الأطلس الكبير ، قبائل الجنوب الشرقي مما ساهم في ظهور أنواع مختلفة من هذا التراث منها بوغانيم بايت بوكماز ، و أحواش ايت امديوال بدمنات و احيدوس نايت اصحى و احيدوس نتباروشت و كناوة تناغملت و طعارجية تسقي بايت اعتاب
و بمدينة ازيلال عاصمة الإقليم يتنوع هذا التراث حسب الدواوير المحيط بها سواء باكوديد أو تمدا أو افران أو تمرزوقت أو لايت عرفة أو ايت بوزيت ، و سأتخذ من دوار ازلافن نموذجا هذا الدوار الذي تسكنه فئة عريضة و متنوعة قادمة من كل أنحاء الإقليم خاصة المتقاعدين من القوات المسلحة الملكية أو القوات المساعدة أو الرحل القادمين من الجنوب الشرقي أيام الاضطهاد من طرف القائد الكلاوي و حاشيته ، لكن الفئة الشابة هي التي تطغى بهذا الدوار من تلاميذ و طلبة يصونون تقاليد و عادات أجدادهم الأصلية برزت من أوساطهم فرقة شابة تجمعهم هواية واحدة ترديد أهازيج احيدوس ، فقد كانت انطلاقتهم من المؤسسات التعليمية نهاية التسعينات القرن الماضي و خارج أسوار تلك المؤسسات تحت ضوء مصباح الشارع نظرا لما يسببه التقائهم بمسكن احد الأصدقاء من إحراج للعائلة في غياب مؤسسات تهتم بهذه الفئة بهذا الدوار و بعدهم من مؤسسات داري الثقافة و الشباب لاعتبار هذا الدوار من اكبر دواوير ازيلال خاصة إذا ما أضفنا إليه دواوير مجاورة كتشبيت و أليلي و ألبشير و غيرهم . استثمار وقتهم الثالث و صقل هواياتهم و تنمية مواهبهم يتطلب التضحية ليتمكنوا من دخول عالم صون التراث الشفاهي اللامادي للإنسانية من بابه الواسع .
و كأية بداية لمجموعة فتية لابد من الاعتماد على النفس قبل الغير اعتماد على ذواتهم و ماليتهم المحدودة و الاعتماد على مداخيل لا تغني و لا تسمن من جوع كتنشيط بعض الأفراح بالمدينة كالأعراس مثلا ،خاصة و أن بعض الساكنة تتهرب من استقطاب الفرق الموسيقية لتنشيط أفراحهم لما يصاحبها من ضجيج و صخب و مشادات كلامية بين الشباب من جهة و من جهة أخرى أن لهذه المجموعة ذوق فني متميز يعيشه الإنسان بروحه و حواسه في هدوء و سكينة .
جلوسي مع هذه المجموعة الفلكلورية يظهر من خلال ملاح أعضائها أن لهم طموحا للوصول إلى أوج المجموعات الفلكلورية لفن احيدوس للمشاركة في المهرجانات الإقليمية الجهوية الوطنية و لما الدولية لكن كثيرا ما لا يفكر القائمون على مثل هذه التظاهرات في المناداة عليها لإسهامها في تنشيط تلك التظاهرات .
و لصون هذا التراث الشفاهي اللامادي للإنسانية و تنميته و تطويره و الحفاظ عليه من دهاليز الاندثار و النسيان خاصة و أن الشعوب في حاجة ماسة لتراثها و صونه لتتناقله الأجيال القادمة بصفة متواترة لما يشكله من شهادة على الهوية الجماعية ، أسست هذه الفئة من الشباب إطارا قانونيا و أكثر تنظيما للقطع مع الممارسة التقليدية المتجاوزة إلى الممارسة الحداثية المنظمة إنها جمعية ازلافن لتطوير التراث المحلي ، جمعية قانونية رأت النور سنة 2015 مع وقف التنفيذ من ناحية المقر و قلة الدعم العمومي أو انعدامه لكن بتضحياتهم و إيمانهم أن الطريق شاق للوصول إلى قمة النجاح ، لباس موحد و خنجر تقليدي للتزيين و الارتباط بالأصل لترقى بذلك إلى مستوى الفرق الفلكلورية الوطنية التي داع صيتها على الصعيد الوطني و الدولي ، و لما لا فبتناسق نغمات أعضائها التي ترددها الجبال المجاورة لدوار أزلفن يمكن يوما ما أن تلعب دورا أساسيا في التقارب و التسامح بين المغرب و الدول الأخرى .
آلات موسيقية تقليدية البندير الجلدي الطارة البلاستيكية العصرية و التعريجة التي تلعب دورا أساسيا في تنسيق النغمات الإيقاعية بين ذا و ذاك.استطاعت الجمعية أن تذيع صوتها بترديد أهازيج احيدوس و تماويت في انتظار يوما ترديد أهازيج