معركة الأساتذة المتمردون من وإلى أين؟؟
أيت أقديم أحمد
لا زالت تعرف المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين والفروع التابعة لها بمختلف مدن المغرب شللا تاما في حركتها منذ أواخر شهر أكتوبر المنصرم من خلال المقاطعة الشاملة والمفتوحة للدروس بشقيها النظري والميداني و ذلك احتجاجا على مرسومين وزاريين تم تهريبهما في إطار مسلسل الهجوم على المدرسة والوظيفة العموميتين أواخر شهر يوليوز 2015 -وهما المرسومان المشؤومان 2.15.588 و 2.15.589 حيث يقضي الأول منهما بفصل التكوين عن التوظيف بينما يقزم الثاني المنحة إلى أقل من النصف- في الوقت الذي كان فيه أبناء الشعب من خريجي الجامعات يكثفون الجهود لجبر لقمة عيش تمكنهم من مواصلة استعداداتهم لمباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، إن هذين المرسومين الذين تمت المصادقة عليهما في ظروف غامضة دون إشراك الأساتذة المكونين و الفاعلين التربويين في مناقشة مضمونيهما هو ضرب صارخ في مبدأ التشاركية التي نص عليها دستور 2011، بل أن المرسوم القاضي بفصل التوظيف عن التكوين يرمي إلى فتح مبراة أخرى بعد نهاية سنة التكوين، وهي مبراة ستسند إلى المركز الوطني للامتحانات ليضرب بمبدأ اللامركزية واللاتمركز عرض الحائط، ناهيك عما يمهدان له تجاه الوظيفة و المدرسة العموميتين اللتين أصبحتا مجالا للاستثمار و "التبزنيز" يتم فيه تمرير صفقات خيالية تحت شعار الجودة و إصلاح التعليم.
ونشير إلى أن خريجي الجامعات من المجازين والمعطلين و خريجي المدارس العليا لم تكن لهم أية مشروعية للدفاع عن المدرسة العمومية بالتصدي للمرسومين مباشرة بعد صدورهما، فما كان على المجازين من أبناء الشعب سوى اجتياز المباراة التي كانت تنتظرها شرائح واسعة من حملة الشهادات والتكوينات - لسنة أو عدة سنوات- يومي 12 و 13 من شهر شتنبر 2015، وبعد نجاح المترشحين في هذه المباراة (الانتقاء الأولي ،الامتحان الكتابي و الشفوي) والتوقيع على محاضر ووثائق التحاق تحت توصيف استاذ(ة) متدرب(ة)، وذلك استنادا للإطار القانوني المنظم للمراكز الجهوية الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 02 فبراير 2012 ، وبنائا على القاعدة القانونية " لا يمكن تطبيق أي القانون قبل نشره في الجريدة الرسمية" فان المرسومين السالفي الذكر لم يصدرا في الجريدة الرسمية إلا يوم 08 من شهر أكتوبر أي بعد و لوج الناجحين إلى المراكز الجهوية، مما يعني أن مفعولهما لا يسري على هذا الفوج من الأساتذة المتدربين من الناحية القانونية المعمول بها، لكن الحكومة المغربية عهدت منذ 2011 الاستخفاف بالجماهير الشعبية و مررت قوانين قاسية كانت وراء الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية و فاتورات الماء و الكهرباء ...بدعوى أن الدولة تسعى إلى حل الأزمة المالية ولو على حساب جيوب المستضعفين من عموم الفئات المقهورة، وأجهزت على حق الموظف في التظاهر السلمي بعد إصدار قانون الاقتطاعات، وهو ضرب آخر في عمق الدستور، إلى غير ذلك من القوانين المجحفة التي استهدفت بها حكومة الذئاب الملتحية مختلف مكونات الشعب ظنا منها أن هذا الأخير لن يستفيق على الإطلاق .
لكن ما لا تعلمه حكومتنا المحكومة هو أن الضغط لن يولد إلا الانفجار وقد أخطأت هذه المرة في طرق باب "الضحية"، إذ أن الإجهاز على الحق في الوظيفة العمومية وتقزيم المنحة الهزيلة أصلا لفئة "الأساتذة المتدربين" والتي أمضت ثلاثة أرباع من عمرها بين صفحات الكتب و تمويههم بتكوين شكلي لا يسمن ولا يغني من جوع من اجل رميهم في أحضان البطالة و الشارع من جديد، و المحاولة المكشوفة للزج بهم في زنازين القطاع الخاص الذي يسعى للحصول على أساتذة مكونين بأموال الشعب دون المساهمة ولو بدرهم واحد في تكوينهم، ما يكشف تواطؤ لوبياته مع الدولة التي لم تتحمل مسؤوليتها في هيكلته وأبقته مجالا للاستثمار و الربح المالي دون أي إطار قانوني يضمن كرامة وحقوق وإنسانية العاملين به من عموم الفئات الشعبية التي اضطرتها البطالة والفقر لولوجه، ليتضح بالملموس سعي الحكومة إلى تنفيذ تبعيتها لإملاءات "أصحاب الشكارة" بل أكثر من ذلك أملاءات المؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد الدولي وما شابهه والتي تشجع على خصخصة قطاع التعليم والخدمات الاجتماعية.
إن من امضي تلك المدة كلها و هو يتصفح كتب مختلفة حول الأنظمة التعليمية وسيروراتها، لا يمكن أن يجلس مكتوف الأيادي وهو يرى منظومتنا التعليمية في طريقها نحو الهاوية، بل سيضحي بالغالي والنفيس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فبعد انتهاء إجراءات التسجيل بالمراكز الجهوية صارت للأساتذة المتدربين مشروعية التصدي لمسلسل الهجوم على المدرسة العمومية اخذين بوصية موحند بن عبد الخطابي الشهيرة " فكر بهدوء و اضرب بقوة"، وقوتهم هذه بالاقتناع بمطلبهم هي أعمق من الحديث عن مجرد مرسومين، وحتى نلمس هذه القوة في قناعتهم بمطالبهم العادلة نرجع بذاكرتنا إلى الوراء، إلى اليوم الذي حدثت فيه المقاطعة الشاملة لكل الدروس النظرية والتطبيقية، لكي نقول أن ذلك اليوم ظهر فيه ما نحن بصدد الحديث عنه، إذ أنه بمجرد أن بدأ الأساتذة المتدربون بأحد المراكز الجهوية بمقاطعة الدروس النظرية حتى رأينا جميع المراكز الجهوية الأخرى نهجت نهجه وساروا على دربه وكأنهم كانوا ينتظرون من يشعل المعركة فقط، فلم تكن لهم خطوات نضالية تدريجية قبل أن يصلوا إلى مقاطعة التكوين، بل انتقلوا مباشرة إلى المقاطعة وكأن لسان حالهم يقول لا مجال لتضييع الوقت، فسنة دراسية قد لا تكون كافية لتحقيق مطالبنا وهدفنا الكبير إنقاذ التعليم المغربي من الهاوية، لذلك لو أن قضيتهم هذه ليست بالقوة التي نتحدث عنها لما وجدنا هذا التلاحم بين المراكز المشتتة في أقطار المغرب على هدف واحد وهو قناعتهم بالمطلب، ولوجدنا الاختلاف والفرقة وكثرت الآراء والاقتراحات. ثم في أسبوع واحد فقط قاموا بتأسيس تنسيقيتهم الوطنية وانتخبوا ممثليهم وأصبح لهم كيان رسمي يتحدث باسمهم، فأن تحدث كل هذه الأمور بهذه السرعة والدقة ثم أن نشك في أن مطلبهم ذلك مجرد إتباع هوى أو حب في الظهور أو محبة في التخلص من التكوين فهذا مالا يقبله عقل سليم فلولا وعيهم بقوة الهدف والمطلب والاقتناع التام به لما استمر الأساتذة المتدربون في نضالهم إلى يومنا هذا، نظرا لاختلاف أيديولوجياتهم وتوجهاتهم، إذ أنهم ليسوا على فِكْرٍ واحد ولا على توجه واحد، بل حتى في تنسيقيتهم الوطنية يوجد هذا الاختلاف في التوجه ومع ذلك لا يثنيهم في المضي لتحقيق هدفهم الذي أكدنا أنه ليس هدفا سياسويا ضيقا، وخلال المجلس الوطني الأول ثم اختيار شعار المعركة ألا وهو" نضال وطني مستمر حتى إلغاء المرسومين، جميعا من اجل الدفاع عن الوظيفة العمومية"، هذا الشعار يحمل في طياته ما لا يدع مجالا للشك في مستوى هؤلاء الأساتذة، إذ أنهم أعلنوا بداية معركة طويلة لمواجهة السياسات المونوبولية التي تنهجها الدولة تجاه الوظيفة العمومية بشكل عام والحلقة الأضعف منها بشكل خاص"قطاع التعليم"، وكانت برامجهم النضالية تصعيديه طيلة هذه المدة تخللتها مسيرتان وطنيتان جابتا شوارع العاصمة المغربية، كانت الأولى يوم 12 نونبر شارك فيها أزيد من 9000 أستاذ و أستاذة وأكد الأساتذة المحتجون خلالها، على أن وزيرَ التربية الوطنية والتكوين المهني، ومن ورائه الحكومة، يسعى إلى "الإجهاز على التعليم العمومي، تحت وصاية الدوائر الغربية، لجعل الباب مشرعا بمصراعيه أمام أنياب التعليم الخاص لتنهشَ أجسادهم". وأضاف مُلقي الكلمة تحت هُتاف الأساتذة المحتجين: "جئنا لنقول للوزير في كلمة واحدة، نحن رافضون ومقاطعون وصامدون إلى حين الاستجابة لمطالبنا، وعليْه أن يأخذ هذا الكلام على محمل الجدّ". طغتْ نبرةُ التحدّي على شعاراتِ أساتذة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وقالَوا إنَّ مسيرة اليوم التي خاضوها في الرباط "ليست سوى بداية معركة تاليّة ستكون ضاريّة"، وزاد من جرعة التحدّي قولهم : "لكننا متيقّنون من أننا سننتصر فيها بلا شكّ".
وفي رسالة إلى النقابات العمالية والأحزاب السياسية المعارضة، والطلبة المعطلين، أردف المتحدث: "الحكومة تمهّد لإجراءات خطيرة على جميع المستويات، ونحنُ لسنا سوى تلك الرصاصة التي توجدُ في فوّهة البندقية، وستليها رصاصات أخرى".
وقد طوَّق الأساتذة المتدرّبون أذرعهم بشاراتٍ حمراءَ، وجباههم بأشرطة تحمل عباراتٍ تطالبُ بإسقاط المرسوم 2-15-589، وكذلك المرسوم 2-15-588، ، وصافينَ المرسومين بـ"المشؤومين"، كمَا رفعوا شعاراتٍ قويّة ضدّ وزيرَ التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار، مطالبينَ إيّاه بالرحيل، وأكدوا على عزمهم بتصعيد وثيرة احتجاجاتهم إن لم تتم الاستجابة لمطالبهم، معتبرين أن مسيرة الرباط ما هي إلا بداية لأشكال احتجاجية أكبر.
عكس الهيئات النقابية و السياسية و الحقوقية التي التقطت الإشارة الموجهة لها و أعلنت تضامنها المبدئي و اللامشروط مع من سيدرسون أبناءهم مستقبلا، فالوزارة الوصية بعد هده المسيرة لم تأخذ بالنصيحة التي قدموها إليها بل نهجت سياسة الآذان الصماء تجاه مطالبهم، مما دفعهم للاستعداد لمسيرة ثانية كانت يوم 17 دجنبر 2015 بمعية عائلاتهم وعدة نقابات و الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والأساتذة الممارسين... حيث تجاوز عدد المشاركين 25 الف، حاول النظام توقيفها لكن محاولته تلك باءت بالفشل أمام تسونامي بشري في مشهد تقشعر له الأبدان و بمستوى عال من التنظيم، هذه المسيرة الوطنية الثانية تأكيد جديد على أن الأساتذة المتدربين عازمون على تحقيق مطالبهم المشروعة وان استمرار سياسة الآذان الصماء التي تنهجها الحكومة في وجههم ستؤدي إلى تطور المعركة وتبني خطوات تصعيديه لا يمكن للحكومة أن تتنبأ بها ولكن الأكيد أنها لن تكون في صالحها،
استمرار التجاهل ونهج سياسة التهديد والوعيد وتبخيس النضالات اليومية للأساتذة المتدربين مند شهرين من مقاطعة للدروس النظرية والتطبيقية، ووقفات ومسيرات جهوية ووطنية كان بهدف تسريب الملل لصفوف المحتجين ومحاولة زرع اختلافات داخلية بالمراكز الجهوية عبر سلسلة من المتابعات و الملاحقات و الاعتقالات، لكن رد الأساتذة كان قويا مرة أخرى، إذ سجلت معركتهم خلال أسبوع واحد عدة أحداث هامة، ففي يوم الثلاثاء 5 يناير 2016 عرفت حملة التضامن من خلال حمل الشارة متابعة و استجابة واسعة من طرف زملائهم العاملين من أساتذة ممارسين وإداريين و أطباء و عمال وطلبة...الخ (اكبر حملة تضامن في تاريخ المغرب) حيث تدفقت صور التضامن على المواقع الاجتماعية بشكل كثيف، و سجل البرلمان بدوره حدث الإجماع على وجوب حل مشكلتهم، بل ثمة من الفرق البرلمانية مَن أعلنت التضامن الصريح بشكل بدت معه الحكومة معزولة مع تشبثها بعدم التراجع الذي أبداه رئيس الحكومة في لقائه مع شبيبة حزبه بنواحي مراكش،والذي تضمن حنين بنكيران لأيامه الجامعية متهما ما اسماه "بعض الجهات" بالوقوف خلف تفجير معركة الأساتذة المتدربين، إذ أن المتابعين لصرامة بنكيران في الرد على تساؤل شبيبته حول حل الملف، لمسوا نبرة صوته الخافتة تبين خطابه الشعبوي الممزوج بمسحة دينية للتأثير على شبيبته و حثه لها على الدفع بالأساتذة إلى الرجوع لحجرات الدرس وإيقاف الحركة الاحتجاجية.
ليفاجأ الأساتذة المتدربون وعموم الشعب المغربي بالخرجات الإعلامية لكل من وزير الداخلية ووزير القطاع (التربية والتكوين) ليذكرا بأن الأساتذة المتدربين يضيعون الوقت وإنه لا تراجع عن المرسومين وكأنهما قرآن منزل ما، يكشف تعنت الحكومة واستفرادها بالقرارات الأحادية، وهذا ما أجج شعلة المحتجين في الخميس"الأسود" ( 7 يناير) حيث انفجر الوضع بشكل وصادم خلال مسيرات الأقطاب التي تعرضت للقمع البوليسي/ألمخزني العنيف واللامسؤول، فليست صور “لمياء الزكيتي” الأستاذة المتدربة التي كُسِّرَ أنفها وصدرها غارقة في الدماء.. وزميلها " الخمار" المكسور الظهر إلا أمثلة لمجموعة من الإصابات الجسيمة التي تجاوزت المائتين حالة في كل من إنزكان والبيضاء ومراكش وفاس و طنجة ، إلا أن الحكومة استمرت في غرورها و جبنها حيث أنكر وزير الداخلية التعنيف وادعى أن التدافع بين المتدربين سبب ما حصل في تعتيم وتغليط وتضليل للرأي العام، بينما ذهب وزير الاتصال إلى عدم علم وزير العدل والحريات بالواقعة، لكن غضبا رهيبا اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي واستأثر بالنقاشات اليومية لعموم الشعب المغربي ، الجميع أشار إلى رئيس حكومة تُنكر التعنيف، الكل طالب بمحاكمة الجناة وتحديد المسؤوليات، البعض طالب بالاستقالة، الأكثر جرأة وجهوا أصبع الإشارة إلى القصر والدولة العميقة، الساخرون تهكموا بحسرة أو بخبث وأحيانا بغضب وعنف، و المثير في الأمر برمته أن استنكار ما حصل من قمع وترهيب لم يقتصر على عموم الشعب والحقوقيين والمعارضة، بل تعداه إلى أعضاء ومنخرطي الحزب الحاكم الذين ثارت ثائرتهم وعمد البعض منهم إلى تقديم الاستقالة المرفقة بالاعتذار للشعب المغربي والتبرؤ من سياسة حزب "العدالة" و"التنمية" ، ليتخذ بذلك ملف الأساتذة المتدربين أبعادا أكبر مما توقعته الحكومة، و أصبحت معركتهم ككرة من الثلج يزداد حجمها كلما تدحرجت بسبب موجة التعاطف والدعم الواسعة التي لقيها هؤلاء، بشكل دفع فعاليات نقابية وسياسية وحقوقية وجمعوية، لإعلان مساندتها اللامشروطة لملفهم. فبالرغم من إصرار الناطق الرسمي باسم الحكومة على اعتبار التدخلات الأمنية ضد الأساتذة المتدربين «قانونية» وتخضع لمذكرة أصدرها وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، و بالرغم من تسخير جميع الأجهزة لتغليط الرأي العام الوطني والدولي. فإن هذا لم يمنع من انطلاق حملات تعاطف واسعة مع ملف هؤلاء الأبطال، فإلى أي حد تستطيع الحكومة التعنت في وجه من وضع الكتب و الأقلام والطباشير جانبا و أعلنها سنة للنضال؟؟
إن التطورات التي عرفها الملف جعلته يتحول لقضية رأي عام بامتياز. ففي الوقت الذي كانت فيه وزارة التربية الوطنية، ومن خلالها الحكومة مصممة على تنفيذ المرسومين. ومن ثمة منع كل أشكال الحوار مع التنسيقية الممثلة لهؤلاء. فإن صور العنف الذي تعرض له الأساتذة المتدربون استطاعت أن تفرض إدخال الملف إلى البرلمان رسميا، وذلك بعد ردود الفعل الباردة التي أبدتها الوزارة الوصية وكذا الحكومة في الرد على استفسارات البرلمانيين في وقت سابق. هكذا تقدمت النقابات الأكثر تمثيلية، في قطاع التعليم، بطلبات رسمية للقاء رشيد بلمختار. كما تقدمت عدة فرق برلمانية بطلبات استدعاء رئيس الحكومة و وزير داخليته لمساءلتهما عن العنف الذي تعرض له الأساتذة المتدربون، موجة التعاطف هذه لم تقف عند الفرق البرلمانية والأحزاب والنقابات المحسوبة على المعارضة، بل شملت أيضا شخصيات قيادية داخل الحزب الحاكم ما دفع الحكومة للعودة إلى أسالبها القديمة المتمثلة في تهديد المحتجين وتخويفهم باقتراب إعلان سنة بيضاء ظنا منها أن هؤلاء "المتمردين" لا يعلمون عواقب السنة البيضاء على الدولة والقطاع بشكل خاص، وهم يؤكدون أن سنواتهم الماضية كانت سوداء و يتوقون إلى سنة بيضاء ولعلها السنة الجارية، إن فكرة استئناف التكوين لم تعد تطرح للنقاش على الإطلاق فما على الحكومة إلا الاستجابة لمطالب الاساتذة المتمردين قبل فوات الأوان.
إن النصر قادم لا محال، إلا أن الأساتذة المتدربون إذ هم يقفون أمام مجموعة من مستجدات تخص معركتهم، وقد فُتحت أبواب التضامن المبدئي والميداني اللامشروط أمام جميع الهيئات و مكونات الشعب بدون استثناء، فانه من اللازم تقوية تنسيقيتهم تنظيميا حتى يتمكنون من التصدي لكل محاولة اختراق و استرزاق التي قد تواجه المعركة مستقبلا.