مهرجان تيفاوين بتافراوت فرصة لإعادة الانتصار لفنون القرية
-الحسين العلالي / عبد العزيز المولوع
بعد موازين بالرباط وكناوة بالصويرة وتيمتار بأكادير ومهرجان الموسيقى الروحية بفاس وباقي المهرجانات الفنية والثقافية الأخرى، سواء الكبيرة أو المتوسطة، التي حاولت أن تبرمج أنشطتها قبل حلول الشهر الفضيل، يطل مهرجان تيفاوين المنظم بمدينة تافراوت في الفترة الممتدة مابين 15و18 غشت الجاري,محتفياً بالتراث اللامادي وبفنون القرية ، في دورته الجديدة التي اختتمت مساء الأحد الماضي، وهو واحد من المهرجانات الثقافية والفنية الامازيغية التي بدأت تفرض مكانتها على المستوى الوطني ، حيث كانت دورته الأخيرة هي الدورة الثامنة . فبعد ثماني سنوات من الاستمرارية واصل المهرجان، الذي تنظمه «جمعية فستيفال تيفاوين»بشراكة مع المجلس البلدي للمدينة وجماعة أملن ،الإحتفاء بفنون القرية العريقة كفن أحواش وإبراز مكانتها داخل الحقل التراثي والثقافي الأمازيغي عامة والمحلي بصفة خاصة ، إذ جعلها منذ دورته الأولى احد رهاناته وجاءت الدورة الثامنة بشعار *الانتصار لفنون القرية*هذه الفنون التي تتنوع من منطقة إلى أخرى في مختلف قرى مغربنا العزيز. فبالإضافة إلى أنواع فن أحواش المعروفة بمنطقة سوس :"الدرست، أهنقار، أسداو، أجماك، العواد"، تمت برمجة مشاركة فرق شعبية تؤدي أنواع أخرى من فنون وفرجات القرية كفن الدقة الهوارية، إسمكان، تاغزوت/الفروسية، الرمى، هرما/بوجلود، إهياضن/أولاد سيدي حماد أوموسى. إلى جانب مشاركة فرقة لرقصة النحلة/تزويت بقلعة مكونة، وفرقة أحواش إمي نتانوت.
سهرات المهرجان برمجت كل ليلة من الساعة العاشرة إلى عمق الليل، وتحييها فرق عديدة من داخل المغرب وخارجه، الفرق المغربية تمثل مختلف الأطياف بدءاً من التراث الأمازيغي والفلكلور المحلي، إلى الأغاني الشعبية وموسيقى الراي حيث أدى الشاب بلال أغاني خالدة للجمهور خلال الأمسية الختامية . من بين الرقصات الفلكلورية المعروفة التي عُرضت في هذه الدورة رقصة فن *هرما* وهي رقصة شعبية معروفة بالأطلس الصغير الشرقي، كان شباب القرى وشيوخها يؤدونها خلال احتفالات عيد الأضحى التي كانت تدوم أزيد من خمسة أيام. وتتميز رقصة "هرما" بإيقاعاتها وألحانها التي تختلف عن إيقاعات وألحان رقصة أحواش، إضافة إلى رقصة «الرمى» ذات الأصول الأمازيغية وهي تدل على الصمود والمقاومة في رمي العدو ، حيث يعمد الرجال والنساء بأدائها في شكل دائري بلباس تقليدي "جلابيب بيضاء" مع حزم وسطهم بحزام أسود كتعبير عن قيم الحزم، وكإشارة إلى حزمة البارود وحاملة الرصاص, ويحملون بنادق من خشب، ويؤدون حركات سريعة متناسقة ممزوجة بأشعار حماسية ودينية على العموم، ويقود كتيبة راقصي "الرمى" قائد يتبعه الراقصون في أداء الحركات السريعة، ويقوم هذا القائد بمعاقبة رمزية لأي راقص أخطأ في أداء حركة معينة وذلك بجعله أسيرا وسط الساحة "أسايس" إلى أن يفتديه أحد أصدقائه أو أقاربه بفدية رمزية، وقد كانت هذه الفديات تخصص أيضا لميزانية الرماة المحاربون. إن المهرجان يشكل دعوة صريحة للاحتفاء بالفلكلور المحلي والتراث الفني العريق لفنون القرية ، في وقت زحفت فيه الحداثة بشكل رهيب على مختلف الفنون، بل طالت الكثير من تشوهات الفنون العريقة على مستوى الكلمات وأشكال الأداء، ويشكل في الآن ذاته مناسبة لإعادة الاعتبار لهذه الفنون من خلال التعريف بها ومناشدة الأجيال الصاعدة على المحافظة عليها تماشيا مع شعار المهرجان * الانتصار لفنون القرية * .
و كسابقتها من حيث الاعتراف و التقدير بالعطاءات و إبداعات مجموعة من الوجوه المحلية و الوطنية التي أغنت الساحة الثقافية و الفنية بإسهاماتها في الموروث الثقافي الأمازيغي، فان الجمعية المنظمة عمدت في هذه الدورة إلى تكريم وجهين فنيين أمازيغيين مرموقين قدما الشيء الكثير للفن الأمازيغي عموما وللأغنية الأمازيغية بشكل خاص، ويتعلق الأمر بالشاعرين مولاي علي شوهادو محمد الحنفي.وتكريسا للعد الاجتماعي للفتفال أشرف منظمو فعاليات مهرجان تيفاوين في دورته الثامنة على تنظيم 13 زفة لعروس وعريس تشجيعا لأبناء المنطقة على الزواج والمساهمة في تخفيض نسبة العنوسة من خلال دعمهم ماليا ، وتحفيزهم على عقد خلال فعاليات الفيستفال ، ويعتبر الحسين الإحسايني رئيس جمعية تيفاوين تنظيم الزواج الجماعي خطوة لإعطاء عادة “الصقير” المتجذرة لدى التافراوتيين، والتي من خلالها يلتقى الشباب مع فتيات في فضاءات مفتوحة للحديث والتعارف بهدف الزواج, بعدها ورمزيتها بإعتباره طريقة مثلى للتواصل بين الجنسين تتوج في الغالب بالزواج بعدما تحولت لدى البعض إلى طريقة لاستغلال الفتيات.وقد حضر حفل الزواج عامل صاحب الجلالة على إقليم تيزنيت ومستشار وزير الثقافة و البرلمانية آمينة ماء العينين والبرلماني الحسن البنواري والعديد من المنتخبين والفاعلين الجمعويين والفنيين والرياضيين بالمنطقة .وتكتب العقود في عين المكان وسط أهازيج فرق فلكلورية أثتت المكان برقصات وأنغام تفاعل معها الجميع .
يذكر أن أحد المستثمرين بالمنطقة هو من يتكفل بدعم هذه المبادرة الإجتماعية حيث يخصص لكل ثنائي من المتزوجين حقيبة بقيمة 5000 درهم ومبلغ مالي يقدرب 10 آلاف درهم مساعدة لبناء عش الزوجية.ووصل عدد العرسان المستفيدين من العرس الجماعي 106 مستفيدا مند بداية هذه المبادرة الاجتماعية المنظمة في إطار فعاليات مهرجان تيفاوين.
كما نظمت جمعية فيستيفال تيفاوين سعيا منها لتشجيع الكفاءات الصحفية المغربية ، وتكريما لروح الصحافي المقتدر ابن المنطقة ادريس أوشاكور جائزة للصحافة في نسختها الأولى, إذ حصلت الصحفية بالقناة الأمازيغية نادية السوسي على جائزة الإعلام المرئي ، و بخصوص جائزة صنف الصحافة الالكترونية فقد عادت للصحفية أمينة مستاري عن موقع الالكتروني سوس بلوس ، في الوقت الذي حصلت فيه الصحفية فتيحة أبو الحرمة عن وكالة المغرب العربي للأنباء على جائزة الصحافة المكتوبة ، و بصيغة المذكر تمكن حسن اكنظيف عن راديو MFM الفوز بجائزة الصحافة المسموعة. وفي مستجدات هذه السنة أيضا، مشاركة أكثر من 11 أكاديمية جهوية للتربية والتكوين في المسابقة الوطنية الرابعة في الإملاء باللغة الأمازيغية أولمبياد تفيناغ الهادفة إلى المساهمة في إرساء وترسيخ اللغة الأمازيغية، علما بأن هذه المسابقة، التي انطلقت محليا، اتخذت بعدا وطنيا ابتداء من سنة 2010 بفضل شراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وأكاديمية جهة سوس ماسة درعة للتربية والتكوين ووزارة التربية الوطنية .مسك الختام كان في اليوم الأخير ،بساحة جماعة أملن ،حيث تم تقديم أكبر رحى"أزرك"تقليدية والتي تزن سبعة أطنان تطلب صنعها شهرين من العمل المتواصل تخللتها فقرة استعراضية كبرى لمراحل إنتاج زيت الأركان .