ترانسبارانسي في أزيلال من أجل تعزيز حكامة التدبير الحضري
زهير ماعزي :
في إطار مشروع تعزيز المسؤولية الديمقراطية للسلطات العمومية على المستوى المحلي، والممول من طرف الاتحاد الأوروبي، نظمت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة ترانسبارنسي – المغرب لقاء بمدينة أزيلال يوم السبت 12 أكتوبر 2012 بالغرفة الفلاحية، عرف مشاركة أزيد من 114 مشاركا ما بين الجمعويين والصحفيين والمستشارين الجماعيين وموظفي البلدية
استهلت الجلسة الاولى بكلمة ممثلة جمعية محاربة الرشوة ذ. مريم غوفلان، حيث قامت بتقديم الجمعية باعتبارها جمعية حاصلة على صفة المنفعة العامة، تأسست سنة 1996، وكذا توضيح مهمتها وأهدافها ومشاريعها ومنها مرصد محاربة الرشوة والذي يمكن من تحديد نسبة الادراك حول الرشوة، ومشروع مركز الدعم القانوني لضحايا الرشوة المتواجد بالناظور وفاس، ومشروع التعبئة المواطنة الذي يمنح جائزة النزاهة وينشط على مستوى المؤسسات التعليمية، ومشروع الحكامة المحلية ومشروع تحيين قانون الحق في الوصول إلى المعلومة وتحضير مشروع قانون حول الشفافية المالية.
وفي وقت لاحق، ذكرت ممثلة ترانسبارنسي بأنشطة المجموعات البؤرية المنجزة قبلا مع كل من نشطاء المجتمع المدني والمستشارين الجماعيين وموظفي بلدية أزيلال، وفسرت العناصر الاساسية للمشروع، وقدمت للقاعة التوضيحات اللازمة حوله.
وبعد شكرها المجلس البلدي على حسن تعاونه، سلمت مسيرة الجلسة الكلمة للسيد محمد وغاض، رئيس بلدية ازيلال والمنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي. هذا الأخير هنئ جمعية ترانسبارانسي على اختيارها لأزيلال، ووضح ان حضوره اليوم بمعية أعضاء المجلس البلدي يشهد على اهتمامهم بتعزيز الديمقراطية المحلية والقضاء على الاختلالات التي تكرس الرشوة.
كما شدد على اهمية اللقاء نظرا لمستوى وتنوع المشاركين وجودة المواضيع التي تندرج في اطار قضايا الشأن المحلي، لا سيما ما يتعلق بتحسين أساليب التدبير: مثل تشجيع الشفافية في التدبير الجماعي وتطوير المشاركة المواطنة، وعلى أمله في ان تساهم أعمال اللقاء في نشر الوعي بقضايا الجماعة الترابية والمواثيق القانونية المنظمة لعملها وتيسير اخراج توصيات تجسد مبادئ المواطنة والإنصاف الاجتماعي والفعالية الإقتصادية، وأن الشأن المحلي هو شأن عمومي يعني الفاعلين المحليين وجميع المواطنين، بما يفرض استشارة هؤلاء وإشراكهم في اتخاذ القرارات وتحديد الخيارات المستقبلية، وتقتضي هذه المقاربة توطيد الثقة بين جمعيات المجتمع المدني والمجلس المنتخب بعيدا عن السياسة السياسوية.
وهو ما يقتضي الوقوف على واقع الحال الترابي للجماعة بغية استجلاء حصيلة المسار التنموي للمدينة، في أفق بلورة اقتراحات لرفع تحديات المستقبل، وذلك على أسس ديمقراطية.
كما قال السيد الرئيس أن اصلاح أدوات الإصلاح وتقويتها يعد على رأس الأولويات، فالتدبير الديمقراطي والتسيير الفعال والتكوين المستمر والتخطيط المحكم وتقوية التعاون، يسمح بتعبئة كل الطاقات وكذا التأسيس لتيار قوي يفرض على مختلف الفاعلين الحكوميين أخذ هذه التوجهات في سياساتهم وسلوكهم.
خلال الجلسة الثانية، قدم الأستاذ محمد بوجا – خبير في مجال الحكامة - مداخلته تحت عنوان أي تدبير حضاري من أجل حكامة جيدة؟
يعتقد السيد المحاضر أن سياسة المدينة مرتبطة بإعداد مشروع المدينة المجسد في المخطط الجماعي للتنمية PCD، حيث يحدد هذا الاخير اهدافا استراتيجية وأهدافا على المستوى القصير، يتم الاتفاق عليها مع المجتمع المدني، وبالتالي يتم العمل على تحقيقها من طرف الجميع. فعندما يتم تحديد هوية مدينة ما على انها سياحية او صناعية او جامعية لا يجب أن يأتي أحد بعد ذلك ليغير ذلك. وليكون الجميع حاملا لنفس المشروع يجب إشراك الجميع في جميع المراحل وليس فقط في التنفيذ، بل حتى في التشخيص، كما أنه عند اشراك الجميع تكون المحاسبة أسهل.
في جزء ثان، ألح السيد بوجا على أهمية المجالس الاستشارية التي لم تحظ بأهمية كبيرة بعد في المغرب، حيث تقوم بأعمال هامة وإنتاج تقارير غالبا ما لا تقرأ و لا تؤخذ بعين الاعتبار في اتخاذ القرار. وعلى المستوى المحلي، هناك هيئات استشارية على غرار لجنة المساواة وتكافؤ الفرص، وهناك أيضا جلسات الاستماع الى المواطنين ومجلس الشباب. وهذه الاليات تلعب دورا مهما في تكوين رأي عمومي عنده المعلومة الصحيحة حول المدينة، كما انه عندما يتم اشراك الساكنة من المتوقع أن يتم ارتفاع نسبة المشاركة الانتخابية.
وفي معرض اجابته عن إشكالية : كيف ننتظم داخل المدينة؟ وضح السيد محمد بوجا أن هذا التنظيم يجب أن يكون لينا حتى يسهل التواصل بين الجماعة والجمعية والناس.
كما تطرق الى اشكالية تدبير الوقت الاجتماعي وسؤال الإمكانيات وكيفية الاستجابة العاجلة لحاجيات المواطن الملحة. وأوضح أن هذه الخطاطة هي من أجل الخروج من حكومة المدينة الى حكامة المدينة، والتي تعني مسلسلا من الممارسات المتفق عليها من أجل البناء الجماعي للمدينة، وهي مرتبطة بصيرورة الديمقراطية وبإعمال الحق في الوصول الى المعلومة على مستوى المدينة.
وتناولت المداخلة الثانية موضوع دور المجتمع المدني في عملية الرصد السياسي من خلال عرض تجربة رصد العمل البرلماني.
في محاولته لتسليط الضوء على السياق التاريخي لفهم المشاركة المدنية، ذكر السيد عزالدين المنياري، مدير المركز المغربي للعمل البرلماني، بورش طريق الوحدة كنموذج من تاريخنا الحديث تعبأ حوله الجميع من أجل ربط المغرب بشماله وتحطيم الحواجز الوهمية، والذي شكل مثالا لما سمي فيما بعد بالحكامة، حيث تم انجاز طريق بأقل تكلفة ممكنة، وبمشاركة الجميع –خصوصا الشباب - في هذا الورش الوطني، وهناك ثم انتاج نخبة جديدة ساهمت في محو الأمية والتثقيف السياسي.
كما قال أن عقد التمانينات عرف جيلا جديدا من الجمعيات المطلبية والتي ترافعت من أجل تنمية ديمقراطية. كما ظهرت الديمقراطية التشاركية، ليس باعتبارها منافسا للمنتخب والفاعل السياسي أو انحرافا يجعل من المجتمع المدني بديلا للاحزاب والمجتمع السياسي، ولكن كمكمل.
وحول السياق الحالي، وضح الاستاذ المنياري أننا نشهد تحولات عميقة من خلال الربيع الديمقراطي وخطاب 9 مارس الذي أنتج أجوبة وأرضية للجميع، لكنها أجوبة تضعنا كمجتمع مدني أمام عدة تحديات، منها أن نجعل من الدستور الجديد مجالا للفرص، خصوصا في مجال بناء الديمقراطية التشاركية. وهو بناء على أية حال لا يمكن أن يتم بمنطق التنافس، وبمعزل عن الفاعل السياسي، فلا يعقل خلق أجهزة للتشاور محليا بدون الأحزاب السياسية المتواجدة في أزيلال مثلا، كما لا يمكن التأسيس لشراكة حقيقية بين المجالس البلدية والجمعيات بمنطق المنح، وهي المقاربة التي يجب التخلي عنها لصالح عروض المشاريع الجمعوية بدفاتر تحملات واضحة.
وفي محور اخر، تقدم السيد عزالدين المنياري بعرض لتجربة المرصد المغربي للعمل البرلماني لجمعية الشباب من أجل الشباب وتناول كيفية عمل المرصد، القيم المؤطرة، الاكراهات والمنجزات، واختتم مداخلته بأفاق تطوير مقاربة رصد السياسات العمومية على المستوى المحلي.
وفي الأخير تناوب المشاركون على اللقاء على المكروفون من أجل التعبير عن الهم الديمقراطي وقضايا الشأن المحلي التي اضطرت مسيرة اللقاء الى دعوة السيد رئيس المجلس البلدي إلى المنصة من جديد من أجل الاجابة على بعض أسئلة القاعة، وهو ما ترك انطباعا جيدا لدى الحضور.
جدير بالذكر، أن باقي فعاليات اللقاء الهام عرف تنظيم ورشتين حول الحكامة المالية والحكامة السياسية.