إن تداعيات الأزمة الحكومية هي درس جيد للمغاربة الذين عجزوا عن دراسة تاريخ المغرب بكل حِقبه..فلو عرفوا أن الاستعمار الفرنسي كان سيخترع نظاما يستولي على ثروات المغرب ..وهذا ما نتابعه ونشاهده الآن بأم أعيننا..طائفة تسطو على أموال الشعب باسم النظام .. فهل يعقل أن وزيرا متهم بالاختلاس والفساد يمثل المغاربة في المحافل الدولية؟أم أن هيئة حماية المال العام ستلجأ لاستصدار مذكرة اعتقال دولية في حقه،لأنها أموال الشعب وعرقه اليومي.. من أجل لقمة العيش يؤدي عننها فواتير وضرائب..ثقيلة..هي إيديولوجية إذن لتغليط الشعب..واش فهمتي ولا لا !
فالأزمة في المغرب لها أسباب عديدة منها:عدم الثقة، فالمغاربة لا يتقون ببعضهم،ويتعاملون مع البلاد كمستعمَرة فمن حصل منهم على شيء منها استغله لصالحه أسوأ استغلال،(اللي عندو شي ملكية أووظيفة كيستغلها) وينتقم من إخوانه ،فالمتأسلم مثلا لا يثق في العلماني،والعكس صحيح،فضلا عن العقلية الانتهازية التي لا زالت "مْعششة "في المجتمع،ينضاف إلى ذلك الفساد الذي يسري في جسم الدولة منذ زمن طويل،المفسدون لا يسمحون بأي إصلاح،لأنه يهدد مصالحهم الخاصة،و"بنكيران" هذا، لامس هذا من خلال احتكاكه بالمفسدين،ولذا نراه لا يتجرأ على مجابهتهم لأنه يعلم علم اليقين أن القوم المفسدين لهم أيادي طويلة قد تعيق وتؤذي تحركاته،يلي ذلك الأحزاب المُختَلَقَة أساسا لعرقلة أي حزب حقيقي يريد أن يتقدم بهذه البلاد،فرغم تغيير الدستور لم يتغير شيء،فالقوم يبحثون عن مصدر المال بدون مشقة..لا قلّ ولا أكثر،يشترون ضمائر "المواطن/المسترق" لانتخابهم، ب 200 درهم مستغلين بذلك هشاشة مؤشرات التنمية البشرية "الفقر والأمية" وسذاجة المواطن،لينقضّوا على حزم مالية كل شهر،من دون أن يقدموا شيئا يذكر لهذا البلد،باستثناء النوم في البرلمان..واش فهمتي ولا لا !
لا ننسى البتة خطاب رئيس الحكومة بعد فوزه في الانتخابات حيث شدّد على انه إذا تم تضييق الخناق عليه في أداء مهامه فسوف يستقيل ويلجأ للشارع..لكن شتان ما بين الأمس واليوم،لم يستطع أن يحارب خندق خفافيش الظلام ويرسم دائرة حماية كرامة المواطن، فرئيس الحكومة إذن لم يفِ بوعوده في محاربة الفاسدين الذين يعرفهم واحدا واحداً وربما يجالسهم من حين إلى آخر، فالكل يعيب تملقه المبالغ فيه للملك ولا يستغل كما يجب..الصلاحيات المخولة له بقوة الدستور.
فالمغرب يعيش مشاكل حقيقية بالجملة و حلولها لا يمكن أن تكون بين عشية و ضحاها، أو يجيء بها وزير أو حزب، أو حتى حكومة و إنما يأتي باستمرارية الإستراتيجيات التنموية..الإقتصادية،الإجتماعية،التربوية،الصحية...تنهض بكل القطاعات، بالقضاء أولا على كل أشكال الفساد و إصلاحٍ للتعليم و العدل و الصحة. فلا تعديل وزاري أو حكومي أو في المقاصة سيغير من الأمر الشيء الكثير في ظل تواجدٍ لثقوب سوداءَ تشطف وتنهش أموال الدولة و تستنزف خيراتها.
مشكلة الأحزاب السياسية في بلادنا هو الحرب القائمة بينها، فكل حزب يريد نسف الآخر، و همّ كل واحد الإيقاع بالآخر..و كأي حرب فضحاياها هو الشعب البسيط، الذي لا حيلة له و لا قوة سوى "ورقة رماها في صندوق" إما جهلا أو باع من خلالها ضميرا مقابل ثمن بخس.. معارضتنا ليست كباقي المعارضات في البلدان المتقدمة، معارضتنا تبيت ليلا و تظل نهارا تكيد للحكومة نِكالا و تقديما لمصالح شخصية على حساب المصلحة العامة للوطن.
إن من واجب الحكومة العمل على إتمام الأوراش الكبرى و إصلاحها و محاربة الفساد فيها عوض الدخول في في سجالاتٍ لا تغني و لا تسمن من جوع مع معارضيها..و من واجب المعارضة التنبيه على أخطاء الحكومة وتقديم البدائل لها عوض الكيد لها..و من واجب المواطن الصبر و الانخراط في أعمال اجتماعية وتوعية بعضنا البعض عوض التخبط يمينا و شمالا تارة مع هذا التيار و تارة مع الآخر. فالواجب واحد و هو "خدمة الوطن". كل مواطن له الحق في حياة كريمة و عيش هنيء.. لكن نيل المطالب لا يأتي بالتمني و إنما بالصبر والكد، فلا ننتظر من الدولة أن تنظف شوارعنا،وتحارب لنا الفساد..لأن التغيير داخل كفتنا فلا رشوة للشرطي والإداري و المسؤول. لنحترم القانون وطبعه،و نطبقه على أنفسنا و لا ننتظر من الدولة أن تطبقه على من تريد.