مساءلات سياسية للدولة المغربية الحديثة -18-
الأساس المهدوم
بقلم : الشيخ سيدي عبد الغني العمري
إن أساس المجتمعات، التعليم. ونحن تعليمنا بدأ مضطربا، مع بداية الاستقلال، وانتهى هدرا للطاقات والمال؛ يُخرّج أشباه الآدميين، الذين لن يصلحوا إلا لنظام دجالي، يرمي إلى استعبادهم استعبادا لا شبهة فيه. وأما ما كان ينبغي أن يكون عليه التعليم من تأكيد للهوية المغربية، فإنه بدل أن يتزايد مع مرور الزمن، صار يسير في اتجاه مسخ الشخصية للمغربي، بسبب السياسات الدجالية، التي لم ترفع يدها عنه منذ البداية.
بدايةً، ينبغي أن نفرق بين التعليم العمومي، والخصوصي (لا كما هما الآن). فالعمومي، هو ما يجب أن يعكس الهوية المشتركة؛ أما الخصوصي، فيبقى ملاذا، لمن لم يكن يشارك الناس كل منطلقاتهم. وهذا، لا يُسمح به إلا فيما يتعلق بالدين؛ لأن الوطن مشترك. فقد يكون المتعلم من أسرة غير مسلمة، أو لادينية؛ وهؤلاء، لا بد من احترام اختياراتهم، التي تخالف اختيارات عموم الشعب، بدل أن يُكرهوا على ما لا يُريدون.
والتعليم العمومي -كما ذكرنا- لا بد أن يعكس الهوية بشقيها الديني والوطني. ومن أجل هذا، فلا بد أن تدخل إقامة الشعائر فيه، من بداية المستوى الابتدائي. وهذا يقتضي أن يكون لكل مؤسسة تعليمية، مسجد تقام فيه الصلوات في أوقاتها؛ حتى لا يبقى الدين مفارقا للواقع، كما هي الحال الآن. وليُقتصر في تعليم أصول الدين (بالمعنى اللغوي)، على الثابت من القرآن والسنة، الذي يلتقي عليه مسلمو العالم أجمعون، من غير دخول فيما هو من قواعد المذهبيْن: الفقهي والعقدي. وهذا هو أنسب أسلوب يتماشى والعولمة (العولمة الدينية) التي نعيش الآن. هذا ما ينبغي أن يكون؛ أما ما هو كائن، فيُقصد منه جعل المتعلم يكره الدين، على المدى البعيد، ويراه سبب كل الشرور في البلاد؛ بسبب التوظيف الماكر، الذي يقوم عليه من غير شك، كبار الشياطين. وأقل ما يخرج به المغربي، من فسوق، انفصال الدين عن الواقع، انفصالا شبه تام، يستمر في وجدانه طول عمره، ما لم يتداركه ربه بتزكية من عنده.
أما الشق الوطني (القومي)، فيتعلق باللغة العربية، التي لا ينبغي أن تنافسها في المستوى الابتدائي أي لغة. والتشويش عليها اليوم من قِبل العامية المقترحة بديلا عند قوم، أو من قِبل الأمازيغية التي هي لغة محلية يتعلمها الأطفال في بيوتهم، هو من آثار السياسة الدجالية، التي تقصد إلى فصل الناس عن جذورهم (الحضارية لا القومية فحسب)، وتفرقتهم إلى هويات جزئية متناحرة، يسهل التحكم فيها. والعربية بالنظر إلينا نحن المسلمين، ليست لغة كسائر اللغات فحسب؛ وإنما هي وعاء للوحي، لا نستغني عنه، عند طلب الفهم عن الله. وهذا أمر خطير، لا يغفله إلا من لا عقل له!..
ثم يدخل في الشقين: الديني والوطني، تعليم توقير ملك البلاد، بوصفه سلطة ربانية، تجسد الترابط بين السماوي (تطبيق الشريعة)، والأرضي الترابي. وقد رأينا إخلالا كبيرا بهذا الأصل، عندما ظن القائمون على التعليم، أن توقير الملك، هو أمر عائد إلى السلطة الدنيوية، التي هي محل التنافس بين المتنافسين، قياسا على ما هو عند الأنساق الحضارية الأخرى. وقد أدى هذا، إلى انفصام في الشخصية المغربية، جعل جل الناس فيما بعد، يتحرجون من إظهار تعظيم الملك في منتدياتهم الخاصة. وبما أنهم لا يجرؤون على إبداء ذلك في العلن، خوفا من المتابعات الأمنية (في الوضعية السليمة، وعندما لا يتستر رجال الأمن على المخالفين، لغرض ما)، فقد صار هذا الازدواج في النظر إلى شخص الملك، مدعاة إلى النفاق عند المغاربة. وتعويض هذا الأساس، بمعاملة سطحية رسمية إلزامية، كما هي الحال الآن، يزيد من اتساع الشقة فحسب. ولو أن الأمر كان محسوما، عند التأسيس لتعليم مغربي حق، لما وصلنا إلى هذا الوضع، الذي أضعف الدولة كثيرا (ملكا وشعبا). لكننا نستشف من وراء هذا الوضع، قصدا من "المخزن"، إلى عزل الملك عن الشعب؛ حتى يبقى متحكما في البلاد، كما يحلو له. والشعب (المتعلمون)، ينطلي عليهم كل ذلك، بسبب ضعف الإدراك، وبسبب التوجيه غير المباشر من الدرجة الأولى[1]أو الثانية، الذي لا يتنبه له إلا أفراد قليلون.
ويدخل في الشق الوطني، المساحة الجغرافية التي يعيش عليها الشعب. وهذا الذي بقي لدينا الآن منها، بعد عبث المستعمر بها، إن اكتفينا به قانونيا، فلن نكتفي به حضاريا؛ لأن المغرب ذو نفوذ كبير في إفريقيا، كان يصل إلى السينغال وإلى السودان. وهذا لا ينبغي أن يُغفل من التخطيط للعلاقات الخارجية في المرحلة الراهنة؛ وهو ما نرى أن الدولة قد بدأت تتنبه له، بعد طول إهمال.
ومن أهم ما يجب أن يُراعى في التعليم، الحد من سلطة المعلمين على المتعلمين، التي تجعل النشء ألعوبة في أيدي من لا خلاق له أحيانا؛ لأن معايير تعيين المعلمين، لم تكن تراعي إلا المعلومات؛ بعيدا عن الأخلاق والدين. وهذا الأصل في معاملة المتعلمين، الذي ندعو إليه، هو المؤسس لحرية الرأي، التي ينبغي أن يكون عليها "المواطن" السليم فيما بعد. وقد شاء الله، أن نمارس مهنة التعليم، لنطلع عن كثب، على الجرائم المرتكبة في حق الأجيال. رأينا كيف يأتي الطفل إلى المدرسة العمومية على الفطرة -إلا شوائب تصحبه من تربية الوالدين- ثم يُستحمر شيئا فشيئا، كلما تدرج في هذا النمط من التعليم، إلى أن يصير على ما هم عليه البالغون من ضعف شخصية ونفاق ومراوغة وجبن، لا يمكن أن تكون صفات للشعوب الحية قط. كل هذا يتم بالتوجيه غير المباشر، في خط موازٍ للعملية التعليمية الظاهرة.
أما المستوى الإعدادي، فيحسن إضافة تعلم اللغة الإنجليزية فيه، لِما لها من انتشار عالمي؛ وحذف الفرنسية، التي لا وظيفة لها عندنا، إلا الربط بالمستعمر. وعلى المشرفين على العملية التعليمية، أن يتخلوا بدءا من هذا المستوى، عن السلطوية تماما، لينشأ المتعلمون على احترام المرجعين الشرعي والعقلي وحدهما. وقد استثنينا المستوى الابتدائي فيما قبل، لِـما للتأديب من مكانة فيه. وفي المستوى الثانوي، يجدر بالتلميذ أن يكون مستقل الشخصية، يعبر عن آرائه كما يريد، من غير تنغيص.
ولو عدنا إلى أسباب انتشار السلطوية في تعليمنا، لوجدناها تتلخص إجمالا، في ضعف الأساتذة (إلا من رحم الله)، ضعفا يجعلهم لا يتمكنون من مسايرة الفضول المعرفي لدى المتلقين؛ فيتملصون منه بالقمع والسلطوية. ولا يعلمون أنهم بهذا، يقتلون روح التميّز والإبداع لدى كل من يمر تحت أيديهم. لكن السياسة التعليمية من وراء من ذكرنا، تريد أن يعتاد الشعب الخنوع؛ وتريد أن يتدرب على ما سيصبح فيما بعد معاملة للمخزن؛ تلك المعاملة التي لا ترجع إلى عقل ولا إلى دين؛ وإنما هي العبودية غير المعلنة فحسب. وهكذا يكون التعليم هادما عندنا، لا بانيا؛ رغم النتائج التي توهم من حيث الإحصاءات، أننا على خير، أو على بعض خير.
أما الإشراف على التعليم، فإن الوزارة الوصية، تولّيه بحسب معايير معكوسة؛ وكأنها تتوقى أن يبقى بيننا آدمي واحد على أصل آدميته. فعلى مستوى إدارة المؤسسات، لا يختارون (في الغالب) إلا من يرونه سامعا مطيعا، يُنفذ من غير تردد كل ما يؤمر به، وإن كان ذلك مخالفا لكل منطق. ولقد عايشنا منهم، من كان لا يصلح أن يكون حارس زريبة بهائم، بله أن يشرف على تربية الأجيال!.. وأما المراقبون التربويون، فلم يكن ينقصهم إلا اللباس الموحد، في معاملتهم البوليسية للمعلمين؛ يُغطون بها قصورهم في تخصصاتهم، الذي لا ينجو منه إلا قليلون. وعلى كل حال، فإن السلطوية تقتل مجال التعليم، الذي لا يشبه المجالات الأخرى، حين يُعتبر فيها الإنتاج المادي الكمّي (أو شبه المادي) وحده.
ومن الجانب المادي، فإن السرقات تبدأ من أسفل السلم، على قدر كل رتبة، إلى أن تصل إلى المديرين التربويين الإقليميين، والمدراء في الوزارة، الذين لا يعلم كيف يتصرفون في المال العام الذي بين أيديهم، إلا الله. وكم من واحد من كبار موظفي المديريات، أوقف عن عمله بسبب الاختلاس، أو غير ذلك من جرائم المال، عندما يصعب التستر عليه. ورغم كثرة عدد المخالفين، فإن وزارة التربية، يبدو أنها لم تهتد بعد إلى أصل الداء فيها!.. حتى لقد وصل الأمر إلى أن صار الفساد منطقا نسير عليه، ولا يجرؤ أحد على انتقاده بأكثر مما تحتمله حساسية الموظفين السامين. بل إن معاقبة من يدل على فسادٍ، عادت منطقا سافرا، يريد به المفسدون، إخراس بعض من لم تكتمل عملية "مسخهم" في مسارهم التعلّمي، وبعد ذلك في مسارهم المهني. كل هذا يدل على أن المراد إفساد الذمم، ليفسد معها كل شيء بعدُ؛ وليعم الفساد بعد أن يعشش في قطاع التعليم، كل القطاعات الأخرى، من باب الأولوية. وهذا يعني أن الفساد يُعلّم، كما تُعلم العلوم؛ لكن بطريقة غير مباشرة، وغير معلنة فحسب.
إن مهمة الأستاذ -إن كان على بعض صلاح- في مغربنا، هي مهمة مستحيلة؛ وكأنها مشاركة في مسابقة لنيل جائزة ما، بعد قطع طريق مليء بعوائق كثيرة ومختلفة؛ على غرار ما نشاهده في بعض الألعاب التلفزيونية الشهيرة. لكن الفائز عندنا، إن قُدّر له ذلك، ستنهال عليه العقوبات من كل جانب، بدل ذلك!.. لأنه بفوزه يريد أن يُثبت عكس القاعدة المراد ترسيخها!.. وهذه جريمة لا يغتفرها القائمون على تخطيط السياسات التعليمية، وعلى تنفيذها.
أما المستوى الجامعي من التعليم، فهو نموذج للتفكك الذي تصبح عليه شخصية المتعلم، الذي لم يبق أمام استكمال مسخه خلقا آخر، إلا أشواط قليلة، يستكين بعدها إلى راحة من تُوُدِّع منه. والجامعات إن كانت تخرّج في الدول المحترمة باحثين ومفكرين، فإنها عندنا على اختلاف التخصصات (من دون تعميم)، تخرّج مقاولين، يشتغلون ببيع وشراء كل شيء؛ بدءا من دروسهم المطبوعة، إلى الإسمنت والحديد والعقارات.
عندما تستمع إلى أساتذتنا الجامعيين، فإنك في أفضل الحالات، ستسمع كلاما مكرورا، يكون الأستاذ قد تعلمه في مساره التعلّمي، نجح به في اقتناص بعض الشهادات فاقدة المدلول، وهو يتوهم أنه قد ينفع به غيره الآن؛ في إغفال تام لحركة الزمان، وتلاقح الثقافات والحضارات، زمنَ العولمة والإنترنت. وعندما ننظر إلى مكانة الشهادات في النفوس، وإلى ركون جل الحاصلين عليها بعدها إلى الخمول -وكأن التعلّم قد انقطع، والعلم قد نفد- فإننا سنعلم مدى إخفاق العملية التعليمية برمتها.
وحتى متفلسفة أساتذتنا، لا يعيشون إلا على بقايا موائد المفكرين الغربيين، الذين يدورون حولهم (ويدور بلدهم معهم) طوال أعمارهم، من دون أن يُنتجوا فكرا خاصا، يبرز خصوصيات هويتنا الباهتة؛ وكأننا شخصيات لا ملامح لها، تبحث لها في العالم عن وجوه، من دون أن نهتدي إلى ذلك!.. وإن التفكك الذي يتجلى في توزع التخصصات على الكليات، ليس بعيدا عن ضعف المستوى العلمي العام. فنحن -مثلا- نرى عدم فصل شعبة الفلسفة عن أصول الدين (بالمعنى الاصطلاحي)، لأنهما من صنف واحد من العلوم؛ ولأن تجاورهما، سيفتح في ذهن الطالب حوارا حضاريا بين الإسلام وغيره من الحضارات. وهذا تخصُّص ضروري في زمن العولمة، لا بد أن يضطلع به بعضٌ منا. أما ترك الفلسفة منفلتة، فإنه لن يُنتج لنا، إلا غرباء عنا، وإن كانوا في الأصل منا، يصيرون عبئا على البلاد، بدل أن يكونوا لها عونا. وهذا لن يزيد الهوية إلا تمزّقا، كما هي الحال!..
إن تناول مجال التعليم، بعيدا عن المبادئ العامة التي تقوم عليها الدولة -والتي لا بد أن تعكس هويتنا بكل خصوصياتها- لن يكون عامل قوة لدينا، كما هو المظنون، بل سيكون عامل تشويش وضعف. وإنّ جعل التعليم حلبة مغالبة سياسية بين الحكام والمحكومين من جهة، أو بين الأفرقاء السياسيين والأيديولوجيين من جهة أخرى، لا يزيد البلاد إلا بعدا، عما ينبغي أن تكون عليه. نعني من هذا، أن التعليم ينبغي أن يكون خارج دائرة الصراع، مهمته بناء شخصية الفرد والجماعة بناء نفسيا وعلميا سليما. حتى إذا تم ذلك، صار الناس بعد إكمال تعليمهم، قادرين على التمييز بين ما هو أصيل من الأمور، وما هو دخيل؛ وبين ما هو ضار وما هو نافع؛ وإذ ذاك يمكن أن نتكلم جميعا فيما هو مندرج ضمن الحوارات والنقاشات العامة، على نور وبيّنة.
إن تعليمنا، كما هو الآن، لا يصب في مصلحتنا، وإن بدا -على المستوى الشخصي الدنيوي- أنه نافع. ولهذا السبب، نجد كثيرا من الأميين من بيننا، أفضل من متعلمينا، على مستوى الشخصية (المستوى النفسي). فالشجاعة والمروءة والكرم، وغير ذلك من صفات الآدمية، يتفوق فيها الأميون غالبا، على من عداهم؛ من دون أن يتفطن إلى ذلك الناس. بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى صفاء الإدراك، الذي هو من صميم الدين. فعلى الرغم من أن المتعلمين، يكونون على دُربة بالفكر وطرقه -ولو جزئيا- إلا أنهم لا يتمكنون من تبيّن الصواب دائما، بسبب التيه الذي ينشأ عن التركيب. أما الأميون فهم كالأطفال، يُدركون الأمور ببساطة أكبر بكثير. الفرق، هو أنهم لا يتمكنون من التعبير عما يُدركون دائما. ونحن إذ نقول هذا، فإننا لا ندعو إلى الأمية، كما سيتوهم المتوهمون؛ ولكننا نبغي الوقوف على مواطن الخلل في تعليمنا فحسب.
إن الفساد الذي نعيشه على وجوهٍ وواجهاتٍ كثيرة، لا يدل إلا على فساد التعليم لدينا، بالدرجة الأولى. فإن كنا نريد تغيير ما بأنفسنا، ليغير الله ما بنا، فلا بد من إعادة النظر في التعليم وغاياته وطرائقه. ولا بد أن يكون الإصلاح فيه مستقلا، لا يتدخل فيه إلا خبراؤه، بعيدا عن كل توجيه؛ لعلنا نتوصل إلى "إنتاج" جيل سليم، يمكن أن يكون أساسا جديدا لما بعده من الأجيال؛ وإلا، فعلى المغاربة السلام!..
وإن لم تكن الدولة مهيأة الآن، للشروع في هذا العمل الإصلاحي الضروري، بكيفية رسمية، فإن رجال (ونساء) التعليم، سيبقى عليهم واجب العمل بما فيه مصلحة المتعلمين، والبلاد من بعدهم؛ وإن خالفوا من أجل ذلك، التوجيهات الرسمية لوزارة التربية، أو توجيهات رؤسائهم المباشرة. وفي سبيل هذا، عليهم، أن يسترخصوا كل الحوافز المهنية التي جُعلت للتحكم فيهم، كالترقية في الرتب، وكالهناء الذي يصحب رضى إداراتهم عنهم، في حال موافقتها. وليعلم أهل التعليم، أن عبء إنهاض المجتمع، بعد طول انحطاط، هو عليهم قبل غيرهم، إن كانوا يريدون إبراء ذمتهم عند الله!..
[1] . التوجيه المباشر: هو التوجيه إلى الشيء بطريقة مباشرة.
التوجيه غير المباشر من الدرجة 1: هو أن يشعرك الموجه أنه سيوجهك، ثم يوجهك إلى عكس الأمر، لتتوجه أنت إلى الشيء بطريقة غير مباشرة.
التوجيه غير المباشر من الدرجة 2: هو أن يشعرك الموجه بأنه سيوجهك، ثم يوجهك إلى الأمر المراد في الظاهر، لتتوجه أنت إليه، بعد أن تظن أنه أريد منك أن تتوجه إلى عكسه. وهذا الصنف يشبه في الصورة التوجيه المباشر، لكنه مركب.
إن أساس المجتمعات، التعليم. ونحن تعليمنا بدأ مضطربا، مع بداية الاستقلال، وانتهى هدرا للطاقات والمال؛ يُخرّج أشباه الآدميين، الذين لن يصلحوا إلا لنظام دجالي، يرمي إلى استعبادهم استعبادا لا شبهة فيه. وأما ما كان ينبغي أن يكون عليه التعليم من تأكيد للهوية المغربية، فإنه بدل أن يتزايد مع مرور الزمن، صار يسير في اتجاه مسخ الشخصية للمغربي، بسبب السياسات الدجالية، التي لم ترفع يدها عنه منذ البداية.
بدايةً، ينبغي أن نفرق بين التعليم العمومي، والخصوصي (لا كما هما الآن). فالعمومي، هو ما يجب أن يعكس الهوية المشتركة؛ أما الخصوصي، فيبقى ملاذا، لمن لم يكن يشارك الناس كل منطلقاتهم. وهذا، لا يُسمح به إلا فيما يتعلق بالدين؛ لأن الوطن مشترك. فقد يكون المتعلم من أسرة غير مسلمة، أو لادينية؛ وهؤلاء، لا بد من احترام اختياراتهم، التي تخالف اختيارات عموم الشعب، بدل أن يُكرهوا على ما لا يُريدون.
والتعليم العمومي -كما ذكرنا- لا بد أن يعكس الهوية بشقيها الديني والوطني. ومن أجل هذا، فلا بد أن تدخل إقامة الشعائر فيه، من بداية المستوى الابتدائي. وهذا يقتضي أن يكون لكل مؤسسة تعليمية، مسجد تقام فيه الصلوات في أوقاتها؛ حتى لا يبقى الدين مفارقا للواقع، كما هي الحال الآن. وليُقتصر في تعليم أصول الدين (بالمعنى اللغوي)، على الثابت من القرآن والسنة، الذي يلتقي عليه مسلمو العالم أجمعون، من غير دخول فيما هو من قواعد المذهبيْن: الفقهي والعقدي. وهذا هو أنسب أسلوب يتماشى والعولمة (العولمة الدينية) التي نعيش الآن. هذا ما ينبغي أن يكون؛ أما ما هو كائن، فيُقصد منه جعل المتعلم يكره الدين، على المدى البعيد، ويراه سبب كل الشرور في البلاد؛ بسبب التوظيف الماكر، الذي يقوم عليه من غير شك، كبار الشياطين. وأقل ما يخرج به المغربي، من فسوق، انفصال الدين عن الواقع، انفصالا شبه تام، يستمر في وجدانه طول عمره، ما لم يتداركه ربه بتزكية من عنده.
أما الشق الوطني (القومي)، فيتعلق باللغة العربية، التي لا ينبغي أن تنافسها في المستوى الابتدائي أي لغة. والتشويش عليها اليوم من قِبل العامية المقترحة بديلا عند قوم، أو من قِبل الأمازيغية التي هي لغة محلية يتعلمها الأطفال في بيوتهم، هو من آثار السياسة الدجالية، التي تقصد إلى فصل الناس عن جذورهم (الحضارية لا القومية فحسب)، وتفرقتهم إلى هويات جزئية متناحرة، يسهل التحكم فيها. والعربية بالنظر إلينا نحن المسلمين، ليست لغة كسائر اللغات فحسب؛ وإنما هي وعاء للوحي، لا نستغني عنه، عند طلب الفهم عن الله. وهذا أمر خطير، لا يغفله إلا من لا عقل له!..
ثم يدخل في الشقين: الديني والوطني، تعليم توقير ملك البلاد، بوصفه سلطة ربانية، تجسد الترابط بين السماوي (تطبيق الشريعة)، والأرضي الترابي. وقد رأينا إخلالا كبيرا بهذا الأصل، عندما ظن القائمون على التعليم، أن توقير الملك، هو أمر عائد إلى السلطة الدنيوية، التي هي محل التنافس بين المتنافسين، قياسا على ما هو عند الأنساق الحضارية الأخرى. وقد أدى هذا، إلى انفصام في الشخصية المغربية، جعل جل الناس فيما بعد، يتحرجون من إظهار تعظيم الملك في منتدياتهم الخاصة. وبما أنهم لا يجرؤون على إبداء ذلك في العلن، خوفا من المتابعات الأمنية (في الوضعية السليمة، وعندما لا يتستر رجال الأمن على المخالفين، لغرض ما)، فقد صار هذا الازدواج في النظر إلى شخص الملك، مدعاة إلى النفاق عند المغاربة. وتعويض هذا الأساس، بمعاملة سطحية رسمية إلزامية، كما هي الحال الآن، يزيد من اتساع الشقة فحسب. ولو أن الأمر كان محسوما، عند التأسيس لتعليم مغربي حق، لما وصلنا إلى هذا الوضع، الذي أضعف الدولة كثيرا (ملكا وشعبا). لكننا نستشف من وراء هذا الوضع، قصدا من "المخزن"، إلى عزل الملك عن الشعب؛ حتى يبقى متحكما في البلاد، كما يحلو له. والشعب (المتعلمون)، ينطلي عليهم كل ذلك، بسبب ضعف الإدراك، وبسبب التوجيه غير المباشر من الدرجة الأولى[1]أو الثانية، الذي لا يتنبه له إلا أفراد قليلون.
ويدخل في الشق الوطني، المساحة الجغرافية التي يعيش عليها الشعب. وهذا الذي بقي لدينا الآن منها، بعد عبث المستعمر بها، إن اكتفينا به قانونيا، فلن نكتفي به حضاريا؛ لأن المغرب ذو نفوذ كبير في إفريقيا، كان يصل إلى السينغال وإلى السودان. وهذا لا ينبغي أن يُغفل من التخطيط للعلاقات الخارجية في المرحلة الراهنة؛ وهو ما نرى أن الدولة قد بدأت تتنبه له، بعد طول إهمال.
ومن أهم ما يجب أن يُراعى في التعليم، الحد من سلطة المعلمين على المتعلمين، التي تجعل النشء ألعوبة في أيدي من لا خلاق له أحيانا؛ لأن معايير تعيين المعلمين، لم تكن تراعي إلا المعلومات؛ بعيدا عن الأخلاق والدين. وهذا الأصل في معاملة المتعلمين، الذي ندعو إليه، هو المؤسس لحرية الرأي، التي ينبغي أن يكون عليها "المواطن" السليم فيما بعد. وقد شاء الله، أن نمارس مهنة التعليم، لنطلع عن كثب، على الجرائم المرتكبة في حق الأجيال. رأينا كيف يأتي الطفل إلى المدرسة العمومية على الفطرة -إلا شوائب تصحبه من تربية الوالدين- ثم يُستحمر شيئا فشيئا، كلما تدرج في هذا النمط من التعليم، إلى أن يصير على ما هم عليه البالغون من ضعف شخصية ونفاق ومراوغة وجبن، لا يمكن أن تكون صفات للشعوب الحية قط. كل هذا يتم بالتوجيه غير المباشر، في خط موازٍ للعملية التعليمية الظاهرة.
أما المستوى الإعدادي، فيحسن إضافة تعلم اللغة الإنجليزية فيه، لِما لها من انتشار عالمي؛ وحذف الفرنسية، التي لا وظيفة لها عندنا، إلا الربط بالمستعمر. وعلى المشرفين على العملية التعليمية، أن يتخلوا بدءا من هذا المستوى، عن السلطوية تماما، لينشأ المتعلمون على احترام المرجعين الشرعي والعقلي وحدهما. وقد استثنينا المستوى الابتدائي فيما قبل، لِـما للتأديب من مكانة فيه. وفي المستوى الثانوي، يجدر بالتلميذ أن يكون مستقل الشخصية، يعبر عن آرائه كما يريد، من غير تنغيص.
ولو عدنا إلى أسباب انتشار السلطوية في تعليمنا، لوجدناها تتلخص إجمالا، في ضعف الأساتذة (إلا من رحم الله)، ضعفا يجعلهم لا يتمكنون من مسايرة الفضول المعرفي لدى المتلقين؛ فيتملصون منه بالقمع والسلطوية. ولا يعلمون أنهم بهذا، يقتلون روح التميّز والإبداع لدى كل من يمر تحت أيديهم. لكن السياسة التعليمية من وراء من ذكرنا، تريد أن يعتاد الشعب الخنوع؛ وتريد أن يتدرب على ما سيصبح فيما بعد معاملة للمخزن؛ تلك المعاملة التي لا ترجع إلى عقل ولا إلى دين؛ وإنما هي العبودية غير المعلنة فحسب. وهكذا يكون التعليم هادما عندنا، لا بانيا؛ رغم النتائج التي توهم من حيث الإحصاءات، أننا على خير، أو على بعض خير.
أما الإشراف على التعليم، فإن الوزارة الوصية، تولّيه بحسب معايير معكوسة؛ وكأنها تتوقى أن يبقى بيننا آدمي واحد على أصل آدميته. فعلى مستوى إدارة المؤسسات، لا يختارون (في الغالب) إلا من يرونه سامعا مطيعا، يُنفذ من غير تردد كل ما يؤمر به، وإن كان ذلك مخالفا لكل منطق. ولقد عايشنا منهم، من كان لا يصلح أن يكون حارس زريبة بهائم، بله أن يشرف على تربية الأجيال!.. وأما المراقبون التربويون، فلم يكن ينقصهم إلا اللباس الموحد، في معاملتهم البوليسية للمعلمين؛ يُغطون بها قصورهم في تخصصاتهم، الذي لا ينجو منه إلا قليلون. وعلى كل حال، فإن السلطوية تقتل مجال التعليم، الذي لا يشبه المجالات الأخرى، حين يُعتبر فيها الإنتاج المادي الكمّي (أو شبه المادي) وحده.
ومن الجانب المادي، فإن السرقات تبدأ من أسفل السلم، على قدر كل رتبة، إلى أن تصل إلى المديرين التربويين الإقليميين، والمدراء في الوزارة، الذين لا يعلم كيف يتصرفون في المال العام الذي بين أيديهم، إلا الله. وكم من واحد من كبار موظفي المديريات، أوقف عن عمله بسبب الاختلاس، أو غير ذلك من جرائم المال، عندما يصعب التستر عليه. ورغم كثرة عدد المخالفين، فإن وزارة التربية، يبدو أنها لم تهتد بعد إلى أصل الداء فيها!.. حتى لقد وصل الأمر إلى أن صار الفساد منطقا نسير عليه، ولا يجرؤ أحد على انتقاده بأكثر مما تحتمله حساسية الموظفين السامين. بل إن معاقبة من يدل على فسادٍ، عادت منطقا سافرا، يريد به المفسدون، إخراس بعض من لم تكتمل عملية "مسخهم" في مسارهم التعلّمي، وبعد ذلك في مسارهم المهني. كل هذا يدل على أن المراد إفساد الذمم، ليفسد معها كل شيء بعدُ؛ وليعم الفساد بعد أن يعشش في قطاع التعليم، كل القطاعات الأخرى، من باب الأولوية. وهذا يعني أن الفساد يُعلّم، كما تُعلم العلوم؛ لكن بطريقة غير مباشرة، وغير معلنة فحسب.
إن مهمة الأستاذ -إن كان على بعض صلاح- في مغربنا، هي مهمة مستحيلة؛ وكأنها مشاركة في مسابقة لنيل جائزة ما، بعد قطع طريق مليء بعوائق كثيرة ومختلفة؛ على غرار ما نشاهده في بعض الألعاب التلفزيونية الشهيرة. لكن الفائز عندنا، إن قُدّر له ذلك، ستنهال عليه العقوبات من كل جانب، بدل ذلك!.. لأنه بفوزه يريد أن يُثبت عكس القاعدة المراد ترسيخها!.. وهذه جريمة لا يغتفرها القائمون على تخطيط السياسات التعليمية، وعلى تنفيذها.
أما المستوى الجامعي من التعليم، فهو نموذج للتفكك الذي تصبح عليه شخصية المتعلم، الذي لم يبق أمام استكمال مسخه خلقا آخر، إلا أشواط قليلة، يستكين بعدها إلى راحة من تُوُدِّع منه. والجامعات إن كانت تخرّج في الدول المحترمة باحثين ومفكرين، فإنها عندنا على اختلاف التخصصات (من دون تعميم)، تخرّج مقاولين، يشتغلون ببيع وشراء كل شيء؛ بدءا من دروسهم المطبوعة، إلى الإسمنت والحديد والعقارات.
عندما تستمع إلى أساتذتنا الجامعيين، فإنك في أفضل الحالات، ستسمع كلاما مكرورا، يكون الأستاذ قد تعلمه في مساره التعلّمي، نجح به في اقتناص بعض الشهادات فاقدة المدلول، وهو يتوهم أنه قد ينفع به غيره الآن؛ في إغفال تام لحركة الزمان، وتلاقح الثقافات والحضارات، زمنَ العولمة والإنترنت. وعندما ننظر إلى مكانة الشهادات في النفوس، وإلى ركون جل الحاصلين عليها بعدها إلى الخمول -وكأن التعلّم قد انقطع، والعلم قد نفد- فإننا سنعلم مدى إخفاق العملية التعليمية برمتها.
وحتى متفلسفة أساتذتنا، لا يعيشون إلا على بقايا موائد المفكرين الغربيين، الذين يدورون حولهم (ويدور بلدهم معهم) طوال أعمارهم، من دون أن يُنتجوا فكرا خاصا، يبرز خصوصيات هويتنا الباهتة؛ وكأننا شخصيات لا ملامح لها، تبحث لها في العالم عن وجوه، من دون أن نهتدي إلى ذلك!.. وإن التفكك الذي يتجلى في توزع التخصصات على الكليات، ليس بعيدا عن ضعف المستوى العلمي العام. فنحن -مثلا- نرى عدم فصل شعبة الفلسفة عن أصول الدين (بالمعنى الاصطلاحي)، لأنهما من صنف واحد من العلوم؛ ولأن تجاورهما، سيفتح في ذهن الطالب حوارا حضاريا بين الإسلام وغيره من الحضارات. وهذا تخصُّص ضروري في زمن العولمة، لا بد أن يضطلع به بعضٌ منا. أما ترك الفلسفة منفلتة، فإنه لن يُنتج لنا، إلا غرباء عنا، وإن كانوا في الأصل منا، يصيرون عبئا على البلاد، بدل أن يكونوا لها عونا. وهذا لن يزيد الهوية إلا تمزّقا، كما هي الحال!..
إن تناول مجال التعليم، بعيدا عن المبادئ العامة التي تقوم عليها الدولة -والتي لا بد أن تعكس هويتنا بكل خصوصياتها- لن يكون عامل قوة لدينا، كما هو المظنون، بل سيكون عامل تشويش وضعف. وإنّ جعل التعليم حلبة مغالبة سياسية بين الحكام والمحكومين من جهة، أو بين الأفرقاء السياسيين والأيديولوجيين من جهة أخرى، لا يزيد البلاد إلا بعدا، عما ينبغي أن تكون عليه. نعني من هذا، أن التعليم ينبغي أن يكون خارج دائرة الصراع، مهمته بناء شخصية الفرد والجماعة بناء نفسيا وعلميا سليما. حتى إذا تم ذلك، صار الناس بعد إكمال تعليمهم، قادرين على التمييز بين ما هو أصيل من الأمور، وما هو دخيل؛ وبين ما هو ضار وما هو نافع؛ وإذ ذاك يمكن أن نتكلم جميعا فيما هو مندرج ضمن الحوارات والنقاشات العامة، على نور وبيّنة.
إن تعليمنا، كما هو الآن، لا يصب في مصلحتنا، وإن بدا -على المستوى الشخصي الدنيوي- أنه نافع. ولهذا السبب، نجد كثيرا من الأميين من بيننا، أفضل من متعلمينا، على مستوى الشخصية (المستوى النفسي). فالشجاعة والمروءة والكرم، وغير ذلك من صفات الآدمية، يتفوق فيها الأميون غالبا، على من عداهم؛ من دون أن يتفطن إلى ذلك الناس. بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى صفاء الإدراك، الذي هو من صميم الدين. فعلى الرغم من أن المتعلمين، يكونون على دُربة بالفكر وطرقه -ولو جزئيا- إلا أنهم لا يتمكنون من تبيّن الصواب دائما، بسبب التيه الذي ينشأ عن التركيب. أما الأميون فهم كالأطفال، يُدركون الأمور ببساطة أكبر بكثير. الفرق، هو أنهم لا يتمكنون من التعبير عما يُدركون دائما. ونحن إذ نقول هذا، فإننا لا ندعو إلى الأمية، كما سيتوهم المتوهمون؛ ولكننا نبغي الوقوف على مواطن الخلل في تعليمنا فحسب.
إن الفساد الذي نعيشه على وجوهٍ وواجهاتٍ كثيرة، لا يدل إلا على فساد التعليم لدينا، بالدرجة الأولى. فإن كنا نريد تغيير ما بأنفسنا، ليغير الله ما بنا، فلا بد من إعادة النظر في التعليم وغاياته وطرائقه. ولا بد أن يكون الإصلاح فيه مستقلا، لا يتدخل فيه إلا خبراؤه، بعيدا عن كل توجيه؛ لعلنا نتوصل إلى "إنتاج" جيل سليم، يمكن أن يكون أساسا جديدا لما بعده من الأجيال؛ وإلا، فعلى المغاربة السلام!..
وإن لم تكن الدولة مهيأة الآن، للشروع في هذا العمل الإصلاحي الضروري، بكيفية رسمية، فإن رجال (ونساء) التعليم، سيبقى عليهم واجب العمل بما فيه مصلحة المتعلمين، والبلاد من بعدهم؛ وإن خالفوا من أجل ذلك، التوجيهات الرسمية لوزارة التربية، أو توجيهات رؤسائهم المباشرة. وفي سبيل هذا، عليهم، أن يسترخصوا كل الحوافز المهنية التي جُعلت للتحكم فيهم، كالترقية في الرتب، وكالهناء الذي يصحب رضى إداراتهم عنهم، في حال موافقتها. وليعلم أهل التعليم، أن عبء إنهاض المجتمع، بعد طول انحطاط، هو عليهم قبل غيرهم، إن كانوا يريدون إبراء ذمتهم عند الله!..
(يُتبع...)
[1] . التوجيه المباشر: هو التوجيه إلى الشيء بطريقة مباشرة.
التوجيه غير المباشر من الدرجة 1: هو أن يشعرك الموجه أنه سيوجهك، ثم يوجهك إلى عكس الأمر، لتتوجه أنت إلى الشيء بطريقة غير مباشرة.
التوجيه غير المباشر من الدرجة 2: هو أن يشعرك الموجه بأنه سيوجهك، ثم يوجهك إلى الأمر المراد في الظاهر، لتتوجه أنت إليه، بعد أن تظن أنه أريد منك أن تتوجه إلى عكسه. وهذا الصنف يشبه في الصورة التوجيه المباشر، لكنه مركب.