ما نشوفوك أ الزين
بقلم: ذ.محمد جمال الدين الناصفي :
شيء جميل أن تستفيق السيدة بسيمة الحقاوي وزيرة التنمية الإجتماعية والأسرة والتضامن من غفوتها وتخرج من جعبة وزارتها، مقترحا لمشروع قانون جديد يجرم التحرش الجنسي بالمغرب، ويتضمن عقوبات سالبة للحريات، قد تصل إلى خمس سنوات، والمشكل ليس في إضافة أو إقتراح قوانين جديدة، وإنما تفعيل تلك القوانين الموجودة أصلا ،ومسألة التحرش الجنسي بالمغرب أومانسميه بالضسارة هو نتاج لأختلال كبير في ثقافتنا نحو نظرتنا للمرأة في مجتمع لا زالت تسيطر عليه النعرة الرجولية رغم المساحيق الماكرة التي تضعها الدولة ومعها جل الهيآت السياسية لاستغلال النساء عبر النسب المأوية الخادعة التي تِؤتث تواجدهن في المؤسسات وفي بعض مراكز القرار دون الإهتمام العميق والجدي بمكانتهن في المجتمع، وأكثر من ذلك تركهن فريسات لكل أنواع الشدود الأخلاقي، والسلوكات الذكورية المستفزة التينسميها التحرش الجنسي.
إن هذه القضية هي مسألة ثقافية وتهم المجتمع برمته، وتهم كذلك الذكر والأنثى،لكن الواقع على الأرض يتحدث عن اشمئزاز كبير من طرف الفتيات والشابات والنساء عموما اتجاه حملات المضايقة التي يتعرضن لها سواء في الإدارة أو المعمل أو الحقل أو الشارع العام، والتي تظل أغلبها طي الكتمان خوفا من انتقامات المدير أو الرئيس أو رب المعمل أو حتى من زنادقة الشارع، كما أن هناك متزوجات يتعرضن يوميا لأنواع التحرش في العمل عبر رسائل الشكر المبالغ
فيها، والإطناب والمديح بمناسبة أو غيرها، والحديث الغزلي الذي يتحول مع مرور الوقت إلى نوع من المصائد التي غالبا ما تنتهي بالمآسي، والكوارث وتتعدى منطق التحرش إلى الإنغماس في الحرمات.
تصوروا معي أن مسؤو لا تربويا بدرجة مدير، طاح به السقف مسكين وأرسل رسالة نصية عبر هاتفه النقا ل إلى أستاذة تحت مسؤوليته يعبر لها فيها عن مشاعره السفلى ويكتب بالواضح: أنا مهلوك….إمتى نشوفوك أ الزين.. الفضيحة وصلت إلى المسؤو لين المباشرين وتم الإلتفاف عليها، وإقبارها، ومن سخرية واقعنا أن الشيخ الزمزمي غفرالله له أفتى بجواز الإحتكاك المباشر، والتزاحم والإلتصاق في الحافلات حتى وإن أدى ذلك إلى بلوغ النشوة الكبرى أو إلى ماتحمد عقباه.
وعلى ذكر الحافلات تستحضرني واقعة تقول أن شابة مكتنزة كانت ضمن الراكبات الواقفات، ووسط الإزدحام أحست بعضو حاد يتسرب تدريجيا ألى مؤخرتها فاستدارت وقالت للشخص الذي التصق بها: آش كاتدير فقال لها بسداجة معليم أختي، ….لا قلت ليك آش كادير دروك، فأجابها بنوع من البلادة :أنا في عطلة.
وقبل شهرين تعرض أستاذ لمادة اللغة العربية في إحدى الثانويات لموقف يستحق خشبة المسرح، أكثر منه فصل دراسي فقد طلب من تلامذته إعداد موضوع يهم أحد النصوص الأدبية، وبعد تصحيح هذه النصوص وتقييمها حضر في الحصة الموالية ووزع أوراق التصحيح، وأخبرهم أن التلميذة بشرى حصلت على أحسن وأجمل نص….فانفجر التلاميذ والتلميذات بالضحك الذي انقلب إلى صراخ وهستيريا، ولم يستوعب الأستاذ ما قاله إلا بعد فوات الآوان.
وقمة السخرية والدعابة والنكثة المعروفة عند المغاربة عموما هوما جرى لإحدى العائلات حيث أقبلت على حفل ختان إبنها المعاق ذهنيا والذي تجاوز الثامنة عشر من عمره، وفرحة بهذه المناسبة أقاموا له حفلا كبيرا نشطه أحد أجواق الشيخات، فأجلسوا الإبن مع الضيوف في باحة المنزل، ولما بدأت الركزة والشطيح، بدأت إحدى الشيخات ترقص وتحرك مؤخرتها الضخمة، مما جعل العضو التناسلي للشاب المخثن يتحرك ويتبصبص في مكانه محدثا له أوجاعا كثيرة ومؤلمة فقال لأمه: عفاك أمي قولي ليها تجلس راه كاتعكرني……والحقيقة المرة هي أن بعض الشابات هن من أصبحن يتحرشن بالرجال في العمل وفي الشارع العام باسم الحرية الشخصية، وكيف يمكن لك أن تحبس أنفاسك الفوقية والتحتية وأنت ترى بأم عينك شابة ممكيجة وتصر على إظهار كل مفاتنها وخاصة اللواتي أصبحن يركزن على مؤخراتهن بشكل فاضح حتى أصبحت هذه المؤخرات برميل بارود أو وسيلة من وسائل الدمار الشامل لكل أحاسيس الذكور،وحتى عندمايخرج بعض الرجال لقضاء أغراضهم خارج المنزل يصابون بالدوخة والدوران،وينسون حتى لماذا أصلا خرجوا من منازلهم، ولأي سبب؟
مثل هؤلاء الشابات العاريات هن سبب هذه الألفاظ التي نسمعها كل يوم في الطريق العام، وأصبحت متداولة عند الكل مثل مانشوفوك أالزين، ريحت الحنة عطات، اللي عندو عندو، اسمر اللون يستاهل مليون،آح أتوالين،أو راتيك الحال أزين أزينينو، كلها ألفاظ تدخل ضمن قاموس التحرش الجنسي الذي يكون سببه المباشر هذه المشاهد المقززة للشابات المترنحات العاريات،وهو ترجمة حقيقية لثقافتنا وأخلاقنا وسلوكاتنا الشاذة، ولا يمكن للسيدة الوزيرة أن تعالجها باسم القانون والزجر،فمكان استئصالها ومحاربتها هو التحول الذي ينبغي أن يطال تربيتنا العامة ومنظومتنا التعليمية بالمدارس وسلوكاتنا المنحرفة وإعلامنا المريض،فبالله عليكم هل سمعتم يوما أن شابة أو امرأة محترمة في لباسها وعرضها وعليها علامة الحشمة والوقارةوالحياء تعرضت للتحرش؟ هل تتصورون معي أ ن امرأة متحجبة متزنة ستكون عرضة للمضايقة أو التحرش، أسئلة نطرحها للجميع ولكم واسع النظر.