قصة حادثة سير مميتة
عبدالكريم جلال
اسمه محمد سعيد، يبلغ من العمر 18 سنة، كان رفقة خاله على متن سيارة مرقمة بالخارج. تمت دعوتهما من طرف خال له آخر صيدلي بسيدي عيسى لوجبة الغذاء. وبعد الإنتهاء على الساعة الخامسة مساء من يوم الاحد 15 نونبر 2013، ركب السيارة في اتجاه مدينة أبي الجعد وكله نشاط وحيوية. وعند وصولهما إلى ملتقى الطريق الرابط بين بني ملال والفقيه بن صالح وسيدي عيسى، لم يحترم، كما قيل، صاحب السيارة المرقمة بالخارج والذي يقل محمد سعيد، علامة قف، ليصطدم بسيارة داسيا دوكير القادمة من بني ملال، حيث وقعت الحادثة المأساة. أصيب ركاب السيارتين بجروح، على إثرها تم نقلهم إلى المستشفى الجهوي ببني ملال من طرف الوقاية المدنية. هناك تم تقديم الإسعافات الأولية للجرحى الثلاثة، ضمنهم محمد سعيد، من طرف طبيب المداوم، يقال عنه أنه مريض نفسيا- حسب شهادة الشهود- حيث أشار عليهم بعد فحص محمد سعيد أنه لا يعاني من أي مضاعفات، وصرح للضابطة القضائية أنه لا يعدو أن يعاني من جروح خفيفة برأسه. وبعد فحصه بالإيكوغرافيا تبين للطبيب أن الشاب في حالة جيدة. وأمر أهله بنقله لأنه لا يعاني من أية أعراض أجنبية أو مضاعفات. هكذا بقي ملقى على سرير بقسم المستعطلات ما بين الساعة الخامسة والربع إلى حدود العاشرة والنصف ليلا، لكي يتم نقله إلى السكانير، وسط حشد من الشهود الذين استنكروا الأسلوب اللأخلاقي واللامهني للطبيب الذي يتحمل كامل المسؤولية، حيث غادر المستشفى لأن ساعة عمله قد انتهت وترك شابا في مقتبل العمر في مواجهة الموت لوحده. قاوم محمد سعيد الموت إلا أنها لم تمهله فرصة إضافية فبدأ في الشهيق، وبدت علامات الموت بادية عليه، فأحاط به حشد من المرضى والمواطنين يستغيثون ويطلبون من الممرضين نقله إلى قسم الإنعاش لعل وعسى يتم إنقاذه، لكن هيهات هيهات فقد استعجلت الموت اختطافه وأسلم روحه للباري جلت قدرته، ولم يتمكن أحد من تأجيل الردى إلى حين وصول الأم الثكلى التي لا تملك في هذه الدنيا إلا محمد سعيد، ولم يكتب لها أن ترى طفلها المدلل الذي توارى جثمانه مقبرة أبي الجعد يوم الإثنين 16 نونبر، وجثمانه داخل صندوق. مات محمد سعيد ونسي أن يودع أمه، وزملاءه في القسم وأساتذته وأصدقاءه... الذين بكوا بحرقة على فراقه، لأنه ببساطة لم يكن يعلم أنه على موعد مع الموت.
في حين نام الطبيب وضميره مرتاح ليستقيظ ويتوجه إلى مقر عمله بقسم المستعطلات ومن يدري يمكن أن يتسبب في قتل آخرين ليلتحقوا بمحمد سعيد وغيرهم كثيرين ممن يموتون بهذا القسم العجيب، نتيجة الإهمال واللآمبالاة، دون متابعة ودون حساب ولا عقاب. لكن عقاب الله شديد.