الأمازيغية .. لغة الخبز و الوظيف
بقلم : عبد الله بوشطارت
في سنة 2001، حضرت لمناسبة في دار عائلة ازلف بدوار انبد في قبيلة مستي، وكان الجمع غاصا بالاقارب والجيران ابناء الدوار، ومن ميزتهم الحميدة المرح والضحك الممزوج بالسخرية في مواضيع وقضايا مختلفة وطارءة، وكنت بمعية اخي وصدقي ازلف البشير، في السنة الأولى بالجامعة في مدينة أكادير، وعدنا إلى تامزيرت بخطاب كان جديدا وحديثا في ذلك الوقت، حيث كان الاخرين ينظرون الى كلامنا ودفاعنا عن الامازيغية مثل بدعة، وبفعل فورة الشباب وطبيعة المجتمع القروي الذي يرفض عادة وبالفطرة كل الاشياء والافكار الجديدة، كانت نقاشاتنا تتحول إلى نوع من الاصطدام الثقافي ...حيث أول مرة يسمعون بعض الكلمات المستحدثة مثل ازول تانميرت... ويرون حروف تفناغ..ويصاب الناس بالدهشة والاستغراب...
في تلك الليلة كانت تمصريت عائلة ازلف المحترمة، مملوءة عن آخرها ربما تجاوز الحضور 60 فردا....وتحولنا انا وصديقي البشير إلى مادة دسمة للسخرية، كل واحد يريد ان يضحك الضيوف عن طريق استفسار او طرح سؤال ساخر. .باش ادفرجن...يقول أحد مايكان السلام اعليكوم ستشلحيت ونجيب نحن ازول ليضحك الجميع...مايكان شكرا تانميرت...اما تلك الحروف التي تشبه الندرة/اشاوش...وهل توجد ترجمة الفاتحة للصلاة بالامازيغية...ازد كني تدام سالجامعة باش اتعلم تاشلحيت د تانميرت...وكان من بين الحضور شخص بارع في السخرية والتقشاب...كل مرة يسألنا ويسخر منا. ...ولم يستسغ دفاعنا عن الامازيغية...ودائما في إطار الضحك وانتظار وجبة العشاء ...أطلق علينا انا والبشير لقب " ايت ازول"...
مرت شهور واعوام. .وربما في سنة 2013، التقيت بنفس الشخص في مدينة إفني، بعد تبادل التحية والسلام، اقترح علي الرجل شرب اتاي او قهوة في مقهى ..وشكرته لأن الوقت غير مسموح..ثم قال ...بصاحتكن هاتي تشرفم تامزيرت اكنيعاون ربي ميغات فتمازيغت دواوال نغ..غيكلي بدا. .ولمست ان الرجل ابدا حماسة ووعيا بأهمية الامازيغية... ...ثم أضاف، ابنتي حصلت على الإجازة في الدراسات الامازيغية وهي الآن أستاذة مدرسة للامازيغية ....وقلت هي تقضى سول تشلحيت الغرض...
سؤال وحيد أكره سماعه...هو ماموتصلح تشلحيت ...لماذا تصلح الامازيغية؟ الذين يطرحون هذا السؤال، يجب عليهم معرفة ان الامازيغية لوكانت تتمتع بجميع حقوقها غذاة الاستقلال ..لما طرحوه وإنما سيطرحون سؤالا آخر لماذا تصلح لغة أخرى أو لغات غير الامازيغية...صحيح ان تامزيغت لا تصنع الصواريخ ولا الطائرات وليست لغة الصلاة والقرآن وليست لغة الدولة(الحالية ) ولكنها هي لغة الأرض لغة الوطن هي هوية جميع المغاربة بدون استثناء الذين يقطنون داخل المغرب وخارجه....وعليه يجب ان تكون اجبارية في التعليم وتدرس لجميع ابناء المغاربة في العمومي والخصوصي، وتدرس في جميع الشعب بالجامعات....لأنها هي الوطن...وتكون مبرمجة في جميع المؤسسات والإدارات والفضاءات العمومية...والهدف ليس فقط هو الحفاظ على اللغة والثقافة الامازيغيتين، وإنما كذلك، خلق مناصب كثيرة وعديدة للتشغيل بالامازيغية، أساتذة وقضاة ومرشدين واعلاميين ومترجمين وعدول وأئمة وخبراء.....لتكون الامازيغية مقترنة بالوظيفة والخبز....وهذا ما يخاف منه البعض...كم لدينا من أستاذ وأساتذة اللغة العربية..؟ ما المانع ان يكون نفس العدد من أساتذة اللغة الامازيغية..وهما اللغتان الرسميتان في الدستور...هذا هو المنطق السليم لاحترام الدستور ولغات الوطن.... وليس ان يتم إقصاء الامازيغية في جميع دواليب الدولة ومؤسساتها 70 سنة ممنوعة في التعليم والإعلام والقضاء وكل الفضاءات العمومية ...وتأتي اليوم وتسأل عن ما الجدوى من الامازيغية...؟ اليوم يجب على الدولة ان تتحمل كامل مسؤولياتها تجاه الامازيغية....فلم يعد الوقت والظروف تسمح بالاشتغال بنفس عقلية العقود الماضية وتبرير ما لا يبرر...
إعلامي بقناة "تمازيغت"